علاج الحزن والاكتئاب من واقع القرآن والسنة
علاج الحزن والاكتئاب من واقع القرآن والسنة ما هو العلاج ؟ إن في القرآن والسنة الوقاية والعلاجلحالات الحزن والاكتئاب ، وخاصة ما كان منها لأسباب خارجية ، وهذا من رحمة اللهسبحانه وتعالى بعباده ؛ إذ أنه – سبحانه – جعل القرآن شفاءً ورحمة للمؤمنين ، وماعليهم سوى العودة إليه وإلى سنة المصطفى ليفوزوا بالسعادة والراحة في الدارين . أولاً : العقيدة : إن للعقيد أثرا كبيراً في الوقاية وعلاج الاكتئابوالعقيدة نسمع عنها كثيرًا ، ولكن كثير من الناس لا يعلمون مدلول هذه الكلمة ، ومامقتضاها ، وما نتائجها ... والعقيدة لها أثر كبير على مشاعر الإنسان وسلوكه . وسنستعرض بعض جوانبها ، وأثر هذه الجوانب في الوقاية من الاكتئاب وعلاجه : ( أ ) في القضاء والقدر عقيدتنا نحن المسلمين في القضاء والقدر تمنعنا منالحزن الشديد ؛ ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – جاء فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أنينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءلم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ). فعندما يعلم الإنسان أن الأمور مفروغمنها ومكتوبة ، فإنه لا يحزن ، وكيف يحزن وهو يعلم بأن هؤلاء البشر الذين حوله لايستطيعون أن يضروه ولا أن ينفعوه إلا بقدر الله ؟ فلم القلق إذن ، ولم الحزن الشديد . ( ب ) الإيمان باليوم الآخر : إن الذي يؤمن باليوم الآخر يعلم أن هذهالدنيا لا تساوي شيئًا ؛ فهي قصيرة جداً .. وعندما يفقد عزيزًا يعرف أنه سيلتقي بهفي الآخرة – إن شاء الله - ، والذي يؤمن بالآخرة يتصور أن كل هذه الدنيا لا تساويعند الله شيئاً بالنسبة للآخرة ، فعندما يفقد جزءاً صغيراً من هذه الدنيا فإنه لايحزن الحزن الشديد ، ويتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كانتالدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ) [رواه الترمذي] ( ج ) الإيمان بأسماء الله وصفاته : يعتقد بعض الناس أن الإيمان بالأسماءوالصفات مسألة عقدية ذهنية مجردة ؛ كأن نؤمن بأن الله هو الملك ، وأنه الحكيمالقادر الباسط المعطي … وغير ذلك ، دون أن يكون لهذه الصفات والأسماء مدلول وأثر فيحياة المسلم ؛ ولذلك فهؤلاء لا يستفيدون من إيمانهم هذا الاستفادة المرجوة والحقّة . والحق أن الإيمان بها ليس مجردًا ، إنما له تأثير في واقع الإنسان ؛ فالمسلمالذي يؤمن بأن الله هو الملك ، يؤمن بأنه له –سبحانه – الحق في المنع والعطاء ، فلايعترض عليه والذي يؤمن بأن الله حكيم لا يقدر شيئًا إلا لحكمة – سواء أدركهاالإنسان ذو العقل القاصر أم لم يدركها – هذا يتقبل الأحداث ويعلم أن فيها خيرًا له، وقد تخفى الحكمة أو بعضها على الناس وقد يكتشفونها أو يكتشفون بعضها في وقت لاحق . ( د ) مفهوم المسلم للمصائب والأحزان : إنه مفهوم خاصٌ بالمسلمين ، جديرٌبأن يكتب بماء من الذهب ، وأمّا الذين لا يعيشون هذا المفهوم فإن حياتهم تسير فينكد وضنك . أمّا المسلم فإنه يؤمن بأن المصائب قد تكون علامة على محبة اللهللعبد ، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ). [ رواه أحمد . انظر : صحيح الجامع الصغير ، رقم الحديث 1702 ] كما أنهيؤمن بأن الابتلاء يكون على قدر الإيمان ، ويذكر الحديث رسول الله : ( أشدالناس بلاءاً: الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ). [ رواه الطبراني . انظر : صحيح الجامع الصغير ، رقم الحديث 1003 ] فكلما زاد الإيمان زادالابتلاء ، وكلما كان الابتلاء هيّناً ، كان الإيمان على قدره . ويشهد لذلكحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فإن كان في دينه صلبة اشتد بلاؤه ، وإن كانفي دينه رقة ابتلى على قدر دينه ) . [ انظر : صحيح الجامع الصغير ، رقم الحديث 1003 ] ويؤمن المسلم أيضاً : بأنه بمجرد حصول المصيبة فإنه سيؤجر عليها ـ نهيكعن موضوع الصبر عليها – فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما يصيبالمسلم من نصب ولا وصب ، ولاهم ولا حزن ، ولا أذى ولا غم ؛ حتى الشوكة يشاكها إلاكفَّر الله بها من خطاياه ). [ رواه أحمد والشيخان ] فإذا اعتقد المسلم هذا ؛فإنه يطمئن بإيمانه بالله ، ويزداد توكله على الله واستسلامه لقدره. فكيف إذاأضاف إلى ما سبق صبره على المصيبة ؟ لا شك أن في الصبر على المصائب أجراً عظيماًعند الله سبحانه وتعالى ... يقول الله – عز وجل - : (إنما يوفى الصابرون أجرهمبغير حساب ). [ سورة الزمر : 10 ] فالمؤمن في كل أحواله في خير . روى مسلمفي صحيحه أن رسول الله قال : ( عجباً لأمر المؤمن ؛ إن أمره كله خير ، وليس ذلكلأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صــبرفكــإِنَّ خيراً له ). [ أخرجه مسلم ، في كتاب الزهد ] فمفهومنا عنالابتلاء مفهوم خاص وعظيم تكتب فيه مجلدات ، ويمكنه بمفرده أن يقينا المشكلاتويقينا الحزن – بإذن الله تعالى - . ثانيًا : ( من العلاج ) : التقوى والعملالصالح : فما من شك أن تقوى الله – عز وجل – والعمل الصالح هما بذاتهما يشكلانوقاية للإنسان من الحزن والاكتئاب والضيق . يقول الله – عز وجل - : ( من عمل صالحًامن ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعلمون ). [ سورة النحل : 97 ] إذن ما هي الحياة الطيبة ؟ أو ليست هي السعادةوالطمأنينة ؟ أي وربي ،فكل الباحثين عن السعادة ، وكل من تكلم عن الحياة الطيبة ،لن يصلوا إليها إلا بالعمل الصالح ، يقول إبراهيم بن ادهم – رحمه الله : ( واللهإننا لفي نعمة لو يعلم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف ). إذن : هي نعمة الإيمان والطمأنينة ، إنها السعادة الحقيقة التي لم يجدها الكثيرون منالناس. ثالثًا : الدعاء والتسبيح والصلاة : والدعاء منه ما يكون وقائيًا ،ومنه ما يكون علاجيًا فالدعاء الوقائي ؛ كقوله عليه السلام : ( اللهم إني أعوذبك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ). [ رواه أحمد والشيخان عن أنس ] والذي يؤمن بهذا الحديث وأمثاله ويعمل بها ، والذيإذا أصابه هم فقرأها ، فإن الله سبحانه سيزيل عنه الهم والحزن ... ويقول سبحانهوتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام وقد ضاق صدره وحزن لكلام الكفار عليه : ( ولقدنعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ، واعبد ربك حتىيأتيك اليقين). فتسبيح الله عز وجل من الأشياء التي تزيل الهم والحزن . رابعًا : تقدير أسوا الاحتمالات والنظر إلى من هو أسوأ حالاً : وهذه قضية يستعملهاالأطباء النفسيون ، ولكن نبينا وحبيبنا عليه السلام استخدمها قبلهم ؛ كما في حديثخباب بن الأرت .. عندما كان الصحابة في مكة يضطهدون ويسامون العذاب الشديد على أيديالكفار ، فجاء خباب إلى رسول الله وكان متوسدًا بردة في ظل الكعبة ، وقال له : ألاتستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال عليه السلام : ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجلفيحفر له في الأرض ، فيجعل فيها ، ثم يؤتى بالمنشار الحديد ما دون لحمه وعظمه مايصده ذلك عن دينه .. والله لتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلىحضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ؛ ولكنكم تستعجلون ). [رواه البخاريفي علامات النبوة ] فهذه طريقة في العلاج النفسي ، إذا أتاك إنسان أصيب بمصيبة، فقل له : هناك أناس أصيبوا أكثر منك . فمثلاً : إذا كان قد مات ولده في حادث، فيقال له : هناك أناس ماتت العائلة كلها ، أو أن في الناس من ماتت زوجته وأولادهوفقد كل ممتلكاته . وهذا يعني أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة فإنه ينبغي عليه أنينظر إلى من هو أسوأ حالاً منه فيقول : الحمد الله ؛ أنا بخير .. فالفقير ينظر إلىمن هو أفقر منه فيدرك نعمة الله عليه ، ويصلح هذا في أي أمر من أمور الدنيوية . خامساً : الواقعية في النظر إلى الحياة والشمولية ، والبعد عن نظرة الكمالالخالية : إن هناك بعض الناس يكتئبون ؛ لأنهم يفكرون خطأ .. وبالطبع فإنالمكتئب يفكر بشكل خاطىء ، ولكن المقصود من النظرية أن من الناس من يصبح مكتئباًبسبب الخطأ في التفكير وهذا أمر واقع أحياناً .. إذ أن لبعض الناس نظرة خيالية ؛فأحدهم يقول : أنا لا يمكن أن أكون سعيدًا إلا والناس الذين من حولي راضون عنيوالموظفون الذين معي ينبغي أن يكونوا راضين عني ؛ فهذا أمر غير واقعي ؛ إذ لا بد منوجود أناس غير راضين عن هذا الشخص ، وأناس راضين عنه ، وهذا أمر واقعي يعيشه كلالناس ، ولو أنه فكّر بواقعية وتذكر إن إرضاء الناس كلهم غاية لا تدرك ، لكان قدعاش حياته مطمئنًا مرتاح البال من هذه الناحية وذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمهالله في كتاب ( الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ) حول موضوع حديث الرسول صلى اللهعليه وسلم : ( لا يكره مؤمن مؤمنة ؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).. [ رواه مسلم ] قال الشيخ عن هذا الحديث : (( فيه الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب والصاحبوكل من بينك وبينه علاقة واتصال ، وأنه ينبغي أن توطن نفسك على أنه لا بد أن يكونفيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه ، فإذا وجدت ذلك فقارن بين هذا وبين ما يجب عليك ، أوما ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة وما فيه من المحاسن والمقاصدالخاصة والعامة ، وبهذا الإغضاء عن المساوئ ، وملاحظة المحاسن تدوم الصحبة والاتصال، وتتم الراحة وتحصل لك )) . انتهى كلامه .. سادسًا : تقديم حسن الظن : وهينفس قضية : أن النظرة الإيجابية ينبغي أن تقدم على النظرة السلبية .. فالإنسان الذييسئ الظن بالآخرين هو الذي يتضايق .. مثال ذلك : شخص مرّ على آخر يعرفه فلميسلم عليه ؛ فيبقى الآخر متضايقاً حزيناً متسائلاً : لماذا لم يسلم عليّ ؟ لابد أنهيكرهني ... أو كذا .. أو كذا ... ويبدأ يسيء الظن ؛ مما يؤدي به إلى حزن يوم أويمين أو حتى أكثر ، ولو أنه أحسن الظن منذ البداية وقال لنفسه : (( ربما لم يرني )) أو غير ذلك من الأعذار لما أصابه الحزن . ولذا قال سبحانه وتعالى : ( يا أيهاالذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ) .. [ الحجرات : 12 ] فهذا الاجتناب لأجل راحتنا نحن .. إذن نحن الذين نطمئن إذا أحسنا الظن ،معملاحظة أن إحسان الظن لا يعني القابلية للانخداع ، كما جاء عن عمر رضي الله عنه .. يقول : ( لست بالخب والا الخب يخدعني ) فهو ليس مكاراً ولا يخدع الناس ، ولكنهأيضًا لا يخدع ؛ إذ إنه منتبه تمامًا .. ولذلك فالأمر المرفوض : هو تقديم سوء الظنوتقديم الاستنباطات الاعتباطية . سابعًا : كيف التصرف حيال أذى الناس : والناس قد يؤذونك وخاصة بأقوالهم السيئة ، فلا بد لك أن تعلم بأن هذا الأذىيضرهم ولا يضرك ، إلا إذا أشغلت نفسك بأقوالهم فعندها ستتضايق ، وإن أهملتها فستكونمرتاحًا . لماذا ؟ لأن النبي عليه السلام يقول : أتدرون من المفلس ؟ إن المفلسمن أمتي : من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ،واكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإذافنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم يطرح في النار .[رواه مسلم ] فإذن : الذي يغتابني ويسبني ويتكلم علي هو في الحقيقة يعطيني منحسناته ويحسن إلي ، فجزاه الله خيرًا .. ولذلك ينبغي أن أشكره على هذا الأمر .. فإذا قال لك شخص كلامًا يؤذيك ، فتركه واذهب ، فهو الذي سيتضايق ويغتاظ ( قل موتوابغيظكم ). [آل عمران : 119 ] ثامنًا : الأمل : إن باب الأمل مفتوح وهذايبعد الضيق والحزن عن الإنسان ؛ وليتذكر الإنسان قوله سبحانه وتعالى : ( فإن معالعسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ) . [ الشرح : 5،6 ] وهذا يعني أنه ما من عسريأتي إلا ويأتي بعده اليسر .. ويقول سبحانه : ( سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا ). [ الطلاق : 7 ] فكلما اشتدت عليك الأمور فاعلم أن الفرج قد اقترب .. |
رد: علاج الحزن والاكتئاب من واقع القرآن والسنة
يسلموووووو
يعطيك ربي الف عافيه |
رد: علاج الحزن والاكتئاب من واقع القرآن والسنة
الاخ الماهري بارك الله فيك وشكراً على المرور ..
|
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 09:12 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
TarouTech
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.