عرض مشاركة واحدة
قديم 29-12-11, 09:14 PM   #7

ياوديعة علي
عضو قدير جداً

 
الصورة الرمزية ياوديعة علي  







عاشقة

رد: النوافل اليوميه














المسالة الثالثة: قد عرفت ان من النوافل ركعتين بعد العشاء

و هما من جلوس تعدان ركعة من قيام، كما صرح به المستفيضة بل المتواترة، كحسنة الفضيل: «الفريضة و النافلة احدى و خمسون ركعة، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة و هو قائم‏» (38) .

و رواية البزنطي: قلت لابي الحسن عليه السلام: ان اصحابنا يختلفون في التطوع فبعضهم يصلي اربعا و اربعين، و بعضهم يصلي خمسين، فاخبرني بالذي تعمل به كيف هو حتى اعمل بمثله؟ فقال: «اصلي واحدة و خمسين ركعة‏»و عدها الى ان قال: «و ركعتين بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام‏» (39) .

و رواية الحجال، عن ابي عبد الله عليه السلام: انه كان يصلي ركعتين بعد العشاء يقرا فيهما بمائة آية و لا يحتسب بهما، و ركعتين و هو جالس يقرا فيهما بقل هو الله احد و قل يا ايها الكافرون (40) الحديث.

و المروي في الخصال بعد عد صلاة الفريضة «و السنة اربع و ثلاثون ركعة‏»الى ان قال: «و ركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدان بركعة‏» (41) .

و مثله في العيون و تحف العقول (42) .

و في دعائم الاسلام: «و بعد العشاء ركعتان من جلوس تعدان بركعة، لان صلاة الجالس لغير علة على النصف من صلاة القائم‏» (43) .

و في فقه الرضا: «و ركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس يحسب ركعة من قيام‏» (44) .

و في العلل: لاي علة يصلى الركعتان بعد العشاء الآخرة من قعود؟ فقال:

«لان الله فرض سبع عشرة ركعة فاضاف اليها رسول الله صلى الله عليه و آله مثليها، فصارت احدى و خمسين ركعة، فتعد هاتان الركعتان من جلوس بركعة‏» (45) .

و في رجال الكشي عن الرضا عليه السلام قال: «ان اهل البصرة سالوني فقالوا: ان يونس يقول: من السنة ان يصلي الانسان ركعتين و هو جالس بعد العتمة، فقلت: صدق يونس‏» (46) الى غير ذلك.

و تدل عليه المستفيضة المصرحة بان الفرائض و النوافل احدى و خمسون ركعة (47) و المستفيضة الدالة على ان التطوع مثلا الفريضة (48) .

و في افضلية الجلوس فيهما من القيام و عكسها قولان:

الاول صريح روض الجنان (49) و ظاهر الاكثر ان لم نقل بان ظاهرهم تعين الجلوس، لما مر و للمستفيضة الدالة على استحباب البيتوتة على وتر، و انه هو هاتان الركعتان.

فمن الاولى صحيحة زرارة: «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يبيتن الا بوتر» (50) و مثله في العلل (51) .

و فيه ايضا: «و لا يبيتن الرجل و عليه وتر» (52) .

و من الثانية المروي فيه ايضا: قلت: اصلي العشاء الآخرة فاذا صليت صليت ركعتين و انا جالس، فقال: «اما انها واحدة و لو بت‏بت على وتر» (53) .

و فيه ايضا: قال: «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يبيتن الا بوتر»قلت: يعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال: «نعم انهما ركعة، فمن صلاهما ثم حدث به حدث مات على وتر، فان لم يحدث حدث الموت صلى الوتر في آخر الليل‏» فقلت له: هل يصلي رسول الله هاتين الركعتين؟ قال: «لا» قلت: و لم؟

قال: «لان رسول الله صلى الله عليه و آله كان ياتيه الوحي، و كان يعلم انه هل يموت في هذه الليلة او لا، و غيره لا يعلم، فمن اجل ذلك لم يصلهما و امر بهما» (54) .

و رد دلالة الاحاديث المتقدمة: بان غاية ما تدل عليه ان ما هو المقصود من شرعية النافلة يتحقق مع الجلوس و هو غير مناف لافضلية غيره.و الحاصل انها لا تدل على ازيد من ثبوت فضيلة للجلوس لا افضليته، و لعل ذكره لان هذا القدر من الفضيلة كاف في المقصود من النافلة و الزائد فضل آخر.

و البواقي: بانه اذا كانت الركعتان من قيام بدل الركعتين من جلوس المحسوبتين بركعة يصح اطلاق الركعة و الوتر عليهما مجازا.

و يجاب عن الاول: بانه انما يفيد لو ثبت افضلية الغير بل توقيفه.

و الثاني: بان صحة التجوز لا تدل على وقوعه.

و الثاني صريح الروضة (55) ، و والدي في المعتمد، و نفى المحقق الاردبيلي عنه البعد (56) ، و مال اليه في الحدائق (57) ، لصحيحة الحارث النصري على ما في التهذيب: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: «صلاة النهار ست عشرة ركعة: ثمان اذا زالت الشمس و ثمان بعد الظهر، و اربع ركعات بعد المغرب.يا حارث، لا تدعهن في سفر و لا في حضر، و ركعتان بعد العشاء الآخرة كان ابي يصليهما و هو قاعد، و انا اصليهما و انا قائم‏» (58) .

دلت على مواظبة الامام عليه السلام على القيام و هي آية الافضلية.و لا يعارضه فعل ابيه، لانه كان يصلي جميع النوافل جالسا، كما نطقت‏به الاخبار (59) .

و لموثقة سليمان بن خالد: «صلاة النافلة ثماني ركعات حين تزول الشمس‏»الى ان قال: و ركعتان بعد العشاء الآخرة يقرا فيهما مائة آية قائما او قاعدا، و القيام افضل، و لا تعدهما من الخمسين‏» (60) .

و لعمومات افضلية القيام في الصلاة على القعود (61) .

و يضعف الاول: بانه معارض مع رواية البزنطي المتقدمة الدالة على مواظبة ابي الحسن عليه السلام على القعود فيهما (62) .بل هذه بالتمسك بها على افضلية الجلوس احرى، لمعارضة الاولى مع رواية الحجال السابقة الدالة على مواظبة ابي عبد الله عليه السلام ايضا على الجلوس (63) ، الموجبة لتساقطهما، و خلو فعل ابي الحسن عليه السلام عن المعارض.

بل هنا كلام آخر و هو ان المستفاد من رواية الحجال ان ابا عبد الله عليه السلام كان يصلي بعد العشاء ركعتين اخريين غير الوتيرة ايضا، و تصرح به صحيحة ابن سنان: رايته-يعني ابا عبد الله-يصلي بعد العتمة اربع ركعات (64) .

فلعل هاتين الركعتين ايضا اللتين كان يصليهما من قيام كانتا غير الوتيرة، و هو وجه الجمع بين صحيحة الحارث و رواية الحجال.

و منه يظهر ضعف التمسك بالموثقة ايضا، بل اتحاد الركعتين اللتين جعل القيام فيهما افضل فيها مع ما كان يضمهما مع الركعتين من جلوس اظهر، بقرينة قراءة مائة آية فيهما و عدم احتسابهما من الركعتين-كما صرح به في الموثقة و في رواية الحجال-و لا اقل من الاحتمال المساوي فيسقط الاستدلال.

و من ذلك يظهر القدح في تجويز القيام فيهما ايضا، اذ لا مجوز له الا الصحيحة و الموثقة، و بعد ما عرفت من عدم دلالتهما يبقى جواز القيام بلا دليل.

و لتوقيفية العبادة و عدم توقيف الركعتين الا جالسا لا يكون القيام فيهما جائزا.و هو الاقوى، كما هو ظاهر الاكثر ايضا حيث قيدوهما بالجلوس من غير تجويز القيام، خلافا للجامع و الشهيد (65) ، فصرحا بجواز القيام لبعض ما عرفت ضعفه.

و اما ما ذكر اخيرا من عمومات افضلية القيام في الصلاة ففيه: منع ما دل بعمومه على ان القيام في كل صلاة افضل، بل غاية ما ثبت من الاخبار ان صلاة القائم افضل من صلاة القاعد، و هو لا يدل على جواز القيام او افضليته في كل صلاة.

ثم الافضل تاخير هاتين الركعتين عن التعقيب، للتوقيع المتقدم (66) .بل عن كل تنفل يتنفل به بعد العشاء، لتصريح جماعة من العلماء به (67) ، و هو كاف في مقام الاستحباب.

و يستحب ان يقرا فيهما بالواقعة و التوحيد، لصحيحة ابن ابي عمير (68) و رواية عبد الخالق (69) .

و في فلاح السائل عن ابي جعفر الثاني: «من قرا سورة الملك في ليلته فقد اكثر و اطاب و لم يكن من الغافلين، و انى لاركع بها بعد العشاء و انا جالس‏» (70) .

و يستشم منها انه كان يقرا فيها في الوتيرة.

المسالة الرابعة: لا خلاف بيننا في جواز فصل واحدة الوتر عن ركعتي الشفع

و حكاية الاجماع عليه متكررة (71) ، و رواياتنا عليه مستفيضة كصحيحتي الحناط (72) ، و روايتي علي بن ابي حمزة (73) ، و غيرهما.

و منها ما يدل على رجحانه كموثقة سليمان بن خالد: «الوتر ثلاث ركعات تفصل بينهن و تقرا فيهن جميعا بقل هو الله احد» (74) .

بل منها ما يدل على تعينه، كصحاح ابي بصير، و سعد و ابن عمار، الاولى:

«الوتر ثلاث ركعات ثنتين مفصولة و واحدة‏» (75) .

و الثانية: عن الوتر افصل ام وصل؟ قال: «فصل‏» (76) .

و الثالثة: «اقرا في الوتر في ثلاثتهن بقل هو الله احد و سلم في الركعتين، توقظ الراقد و تامر بالصلاة‏» (77) .

كما ذهب اليه جماعة، بل ظاهر التهذيب و المعتبر و التذكرة اجماعنا عليه (78) .

خلافا لطائفة من المتاخرين منهم: المدارك و المفاتيح و الحدائق و الفاضل الهندي (79) ، فجوزوا الوصل ايضا، لصحيحتي يعقوب بن شعيب و ابن عمار: في ركعتي الوتر: «ان ئت‏سلمت، و ان شئت لم تسلم‏» (80) .

و الرضوي: «الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة مثل صلاة المغرب، و روي انه واحد و يوتر بركعة و يفصل ما بين الشفع و الوتر بسلام‏» (81) .

و رواية كردويه: عن الوتر، فقال: «صله‏» (82) .

و رد الاوليان: بوجوه بعيدة، اقربها حمل التسليم فيهما على التسليم المستحب يعنى: السلام عليكم، لشيوع اطلاقه عليه في الاخبار و الفتاوي اطلاقا شائعا، حيث‏يفهم منه كون الاطلاق عليه حقيقيا و على غيره مجازيا.

و الاخريان: بالضعف.

و الاخيرة: باحتمال كون قوله «صله‏» بتشديد اللام امرا من الصلاة.

و الجميع بالشذوذ، كما ذكره في المعتبر حيث قال بعد ذكر رواية التخيير:

و هي متروكة عندنا (83) .

اقول: ما رد به الاخيرتان و ان كان صحيحا و لكن شذوذ روايات التخيير عندنا غير معلوم، و ثبوته بقول بعض الآحاد غير واضح.

و صيرورة التسليم حقيقة في السلام عليكم غير ثابت، فحمله على حقيقته المعلومة متعين، و يلزمه جواز تركه بجميع افراده لمكان النفي في قوله «و ان شئت لم تسلم‏» فيدل على جواز التسليم.

الا ان هنا احتمالا آخر، و هو وجوب الفصل بقصد الخروج ثم التكبير لمفردة الوتر على حدة و ان لم يجب التسليم بناء على عدم كونه جزءا من الصلاة مطلقا، بل كونه خارجا واجبا في الفريضة مستحبا في النافلة، فلا يلزم من التخيير فيه التخيير في الفصل ايضا.و على هذا يكون الفصل متعينا، لانحصار التوقيف فيه.

المسالة الخامسة:

قد ورد فيما يقرا في ثلاث ركعات الوتر روايات.

احداها: التوحيد في الثلاث، كما في صحيحة ابن سنان: عن الوتر ما يقرا فيهن جميعا؟ قال: «بقل هو الله احد» قلت: ثلاثتهن؟ قال: «نعم‏» (84) .

و الحارث بن المغيرة: «كان ابي يقول: قل هو الله احد ثلث القرآن، و كان يحب ان يجمعها في الوتر ليكون القرآن كله‏» (85) .

و البجلي: «كان بيني و بين ابي باب، فكان اذا صلى يقرا في الوتر في ثلاثتهن بقل هو الله احد» (86) .

و الحسين عن ابن ابي عمير عن ابي مسعود الطائي: «كان رسول الله صلى الله عليه و آله يجمع قل هو الله احد في الوتر لكي يجمع القرآن كله‏» (87) .

الثانية: المعوذتين في الاوليين و التوحيد في الثالثة، كما في مرسلة الفقيه:

«من قرا في الوتر بالمعوذتين و قل هو الله احد قيل له: ابشر يا عبد الله فقد قبل الله و ترك‏» (88) .

و صحيحة يعقوب بن يقطين: عن القراءة في الوتر و قلت: ان بعضا روى قل هو الله احد في الثلاث، و بعضا روى المعوذتين و في الثالثة قل هو الله احد، فقال: «اعمل بالمعوذتين و قل هو الله احد» (89) الحديث.

الثالثة: ما رواه ابو الجارود: «كان علي عليه السلام يوتر بتسع سور» (90) .

قيل: لعله كان يقرا في كل من الثلاث بكل من الثلاث، و يحتمل تثليث التوحيد في كل منها.

الرابعة: ما رواه الشيخ في المصباح: «ان النبي صلى الله عليه و آله كان يصلي في الثلاث ركعات بتسع سور، في الاولى: الهاكم التكاثر و انا انزلناه و اذا زلزلت، و في الثانية: العصر و اذا جاء نصر الله و انا اعطيناك، و في المفردة من الوتر: قل يا ايها الكافرون و تبت و قل هو الله احد» (91) .

و يمكن حمل رواية ابي الجارود على ذلك.

و الخامسة: ما ورد في فقه الرضا عليه السلام: «و تقرا في ركعتي الشفع سبح اسم ربك، و في الثانية قل يا ايها الكافرون، و في الوتر قل هو الله احد» (92) .

و السادسة: قراءة التوحيد ثلاثا في كل من الثلاث، و المعوذتين ايضا في الثالثة، رواه في العيون، كما ياتي في المسالة الآتية (93) .

و ذكر الشيخ في النهاية، و الحلي في السرائر استحباب قراءة الملك و هل اتى على الانسان في ركعتي الشفع (94) .

اقول: لا ريب في جواز العمل بالكل، بل قراءة غير هذه السور، للاجماع على عدم التعين، و انما الكلام في الافضل.

و لا ينبغي الريب في افضلية الاولى من غير الثانية، لاشهريتها رواية و فتوى، و اصحية رواياتها، و اصرحيتها، و التصريح في صحيحة الحارث بحب الامام لها.

و لا في افضلية الثانية من الاولى، للتصريح بالافضلية في صحيحة ابن يقطين.فهي افضل من الجميع، ثم الاولى، ثم البواقي من قراءة غير هذه السور.

و الافضل الجمع بين الثانية و السادسة، لتضمنه العمل بهما و بالاولى، و مراعاة الاحتياط فيما يسمى وترا.

ثم المستحب في الاوليين قراءة سورة الناس في الاولى و الفلق في الثانية، لان الشيخ نسب ذلك في المصباح الى الرواية، و ذكر في مفتاح الفلاح (95) عكس ذلك.و العمل بالرواية اولى.و لا يستحب جمعهما في كل من الركعتين بخصوصه، للاصل.و لا في ركعة واحدة دون الاخرى، له و للاجماع.

المسالة السادسة: الظاهر عدم الخلاف في استحباب القنوت في ثالثة الوتر

و ذكره في كلام الاصحاب مشهور (96) ، و الروايات به مستفيضة، عموما كصحيحة البجلي: عن القنوت، فقال: «في كل صلاة فريضة و نافلة‏» (97) .

و رواية محمد: «القنوت في كل صلاة في الفريضة و التطوع‏» (98) .

و مرسلة الفقيه: «القنوت في كل الصلوات‏» (99) .

و خصوصا كصحيحة ابن سنان: «القنوت في المغرب في الركعة الثانية، و في العشاء و الغداة مثل ذلك، و في الوتر في الركعة الثالثة‏» (100) .

و لا في استحبابه فيها قبل الركوع بعد القراءة، و هو ايضا مدلول عليه بالاخبار العامة كصحيحة ابن عمار: «ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع‏» (101) .

و موثقة سماعة: «و القنوت قبل الركوع و بعد القراءة‏» (102) .

و الخاصة كصحيحة يعقوب بن يقطين: عن القنوت في الوتر و الفجر و ما يجهر فيه قبل الركوع او بعده، فقال: «قبل الركوع حين تفرغ من قراءتك‏» (103) .

و مرسلة الفقيه: عن القنوت في الوتر، قال: «قبل الركوع‏» قال: فان نسيت اقنت اذا رفعت راسي؟ فقال: «لا» (104) .

و انما الخلاف في موضعين:

احدهما: في ثانية الشفع، فالمشهور-كما يستفاد من كلام شيخنا البهائي في حواشي مفتاح الفلاح و بعض شراح المفاتيح-استحبابه فيها ايضا، للعمومات الاولى، مضافة الى صحيحة الحارث بن المغيرة: «اقنت في كل ركعتين فريضة او نافلة قبل الركوع‏» (105) .

و زرارة: «القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع‏» (106) .

و موثقة سماعة: عن القنوت في اي صلاة؟ فقال: «كل شي‏ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت‏» (107) .

و محمد: «القنوت في كل ركعتين في التطوع و الفريضة‏» (108) .

و المروي في العيون: «يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرا في كل ركعة الحمد مرة و قل هو الله احد ثلاث مرات، و يقنت في الثانية بعد القراءة، ثم يقوم فيصلي ركعة الوتر يقرا فيها الحمد و قل هو الله احد ثلاث مرات و قل اعوذ برب الفلق مرة، و يقنت فيها قبل الركوع و بعد القراءة‏» (109) .

و في بعض النسخ: «و المعوذتان مرة‏» و لعله الاصح.

و قيل بسقوطه فيها، و هو المصرح به في كلام شيخنا البهائي في حواشي مفتاح الفلاح، و يظهر من المدارك و الذخيرة ايضا (110) ، و اختاره في الحدائق (111) .

لان القنوت لكونه عبادة يجب توظيفها، و التوظيف في الصحيحة انما هو في المفردة.

و لصحيحة ابن سنان المتقدمة، بتقريب ان تعريف المبتدا يفيد الحصر، فيستفاد منها ان القنوت منحصر في الاربعة المذكورة فيها، على كون قوله: «في المغرب و في العشاء و في الوتر» خبرا.

او ان القنوت في المغرب و العشاء منحصر في الثانية، و في الوتر-الذي هو اسم للثلاث-في الثالثة، على كون قوله: «في المغرب‏» و ما عطف عليه ظرفا لغوا، و كون قوله: «في الركعة الثانية و في الركعة الثالثة‏» خبرا.

و يؤيده ما ورد في الاخبار المتكثرة من انه عليه السلام كان يدعو في قنوت الوتر بكذا، و يستغفر كذا، و يستحب فيه كذا (112) .و لو كان في الثانية قنوت لم يحسن هذا الاطلاق، لان الوتر اسم للثلاث، بل كان ينبغي التقييد و لو في بعضها بالقنوت الثاني.

و يرد على الاول: ان عدم التوظيف في الصحيحة بعد التوظيف في غيرها غير ضائر.

و على الثاني بتقريره الاول: ان المفهوم حينئذ يكون عاما فيخصص بما مر من النوافل، كما خص سائر النوافل و الفرائض.

و بتقريره الثاني: ان المفهوم حينئذ و ان كان خاصا، حيث انه حينئذ ان لا قنوت في الوتر في غير الثالثة، و لكنه يعارض خبر العيون المنجبر ضعفه لو كان بالعمل-مع كونه غير ضائر، لمقام التسامح-و الترجيح لرواية العيون، لمخالفتها العامة.و لولاه ايضا لتساقطا و يرجع الى العمومات المتقدمة.

و اما ما ايده ففيه: انه يمكن ان يكون استحباب الامور المذكورة ثابتا في مطلق قنوت الوتر، فلذا اطلق.

و ثانيهما: فيما بعد الركوع من الثالثة، فانه صرح جماعة منهم: المعتبر، و المنتهى، و التذكرة، و التحرير، و الروضة باستحباب القنوت فيه ايضا (113) .و في الثاني: لا اعرف فيه خلافا (114) .

و لكن يظهر من بعض هذه الكتب (115) ان المراد به الدعاء الماثور الذي اوله:

«هذا مقام من حسناته نعمة منك‏» (116) الى آخره، و صرح بذلك في الذكرى، قال:

سمى في المعتبر الدعاء بعد الركوع قنوتا (117) .

و على هذا فمن اثبته ناك ان اراد مجرد هذا الدعاء فلا كلام معه.و ان اراد معه غيره ايضا من رفع اليد الى حيال الوجه، او توظيف كل ما ورد في قنوت الوتر فلا دليل له، فان المتيقن من الاخبار ان ما قبل الركوع قنوت، فيكون كل ما ورد في القنوت فيه موظفا، و اما شمول القنوت الوارد في الاخبار لذلك ايضا فغير ثابت.

المسالة السابعة: قالوا: يستحب في قنوت الوتر الدعاء للاخوان باسمائهم، و اقلهم اربعون.

ذكره الشيخ في المصباح (118) ، و الشهيد في البيان و الذكرى (119) ، و الكفعمي (120) ، و المدارك (121) ، و غيرهم.و نقل في الذكرى عن ابن حمزة و بعض المصريين من الشيعة انه يذكرهم من اصحاب النبي و الائمة و يزيدهم ما شاء (122) .

و الظاهر كفاية نقل هؤلاء الاعلام في اثبات الاستحباب و ان لم يذكروا عليه رواية.

و يستحب فيه الاستغفار سبعون مرة، كما في الروايات المعتبرة، منها:

الصحاح الاربع لابناء حازم (123) ، و عمار (124) ، و يزيد (125) ، و ابي يعفور (126) .بل الزائد الى مائة: للمروي في المصباح (127) .و ذكر العفو ثلاثمائة مرة، لمرسلة الفقيه (128) .

و ظاهر الشيخين-الطوسي و الكفعمي-تقديم الدعاء للاخوان ثم الاستغفار ثم العفو (129) .

و لا باس بالقول بهذا الترتيب، لقولهما، مع ما ورد في الاول من ان تقديمه على الدعاء معين على استجابته.

و ورد في صحيحة ابن ابي يعفور في الاستغفار نصب اليد اليسرى و العد باليمنى (130) .

و قد يقال بذلك في غيره من الدعاء و العفو ايضا.

و فيه اشكال، سيما مع ما ورد في مطلق القنوت و خصوص قنوت الوتر من استحباب رفع اليدين.و الظاهر انه الباعث على اقتصار شيخنا البهائي في مفتاح الفلاح في ذلك بالاستغفار.

و لو فعل ذلك في غيره ايضا لا بقصد استحبابه فلا محذور فيه.

المسالة الثامنة: قد صرح جملة من الاصحاب بترك النافلة لعذر

(131) ، و منه الهم و الغم.

و ليس مرادهم عدم استحبابها حينئذ، للاجماع على ان فاعلها مع ذلك آت بالمستحب مثاب.و لا ان بدون العذر لا يجوز تركها، للاجماع على الجواز ايضا.

بل المراد نقصان التاكيد الوارد في حقها-حتى انه جعل تركها معصية، تاكيدا في فعلها-و اقلية المطلوبية حينئذ.

و هو كذلك، لما في الرواية: «ان للقلوب اقبالا و ادبارا، فاذا اقبلت فتنفلوا، و اذا ادبرت فعليكم بالفريضة‏» (132) .

و المروي في النهج: «ان للقلوب اقبالا و ادبارا، فاذا اقبلت فاحملوها على النوافل، و اذا ادبرت فاقتصروا بها على الفرائض‏» (133) .

و في رواية علي بن اسباط: ان ابا الحسن عليه السلام اذا اغتم ترك النافلة (134) .

و نحوه روي عن الرضا عليه السلام (135) .

المسالة التاسعة:

صرح جماعة من الاصحاب (136) باستحباب ركعتين بين المغرب و العشاء و تسمى ركعتي الغفيلة، يقرا بعد الحمد في الاولى: «و ذا النون‏»الآيتين (137) ، و في الثانية: «و عنده مفاتح الغيب‏» الآية (138) ، و يقنت فيها بما ياتي.

و يدل عليه ما رواه الشيخ في المصباح: «من صلى بين العشاءين بركعتين يقرا في الاولى الحمد و قوله تعالى: «و ذا النون‏» ، الى: «و كذلك ننجي المؤمنين‏» ، و في الثانية الحمد و قوله: «و عنده مفاتح الغيب‏» -الآية-فاذا فرغ من القراءة رفع يديه و قال: اللهم اني اسالك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا انت ان تصلي على محمد و آل محمد و ان تفعل بي كذا و كذا، و يقول: اللهم انت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فاسالك بمحمد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي، و سال الله حاجته، اعطاه الله ما سال‏» (139) .

و روى مثله السيد ابن طاووس في فلاح السائل و زاد: «فان النبي صلى الله عليه و آله قال: لا تتركوا ركعتي الغفيلة و هما ما بين العشاءين‏» (140) .

و روي في الفقيه مرسلا، و في العلل مسندا موثقا انه «قال رسول الله صلى الله عليه و آله: تنفلوا في ساعة الغفلة و لو بركعتين خفيفتين، فانهما تورثان دار الكرامة‏» .

قال: و في خبر آخر: «دار السلام و هي الجنة، و ساعة الغفلة ما بين المغرب و العشاء الآخرة‏» (141) .

و مثله في التهذيب و زاد: «قيل: يا رسول الله صلى الله عليه و آله و ما ساعة الغفلة؟ قال: ما بين المغرب و العشاء» (142) .

و رواها في فلاح السائل ايضا و زاد: «و قيل: يا رسول الله و ما معنى خفيفتين؟ قال: تقرا فيهما الحمد وحدها، قيل: يا رسول الله متى اصليهما؟ قال:

ما بين المغرب و العشاء» (143) .

و لا يخفى ان المستفاد من رواية الفقيه و ما بعدها استحباب التنفل في ساعة الغفلة، و ان فرده الادنى ما يقتصر فيه على الحمد، و لا يثبت منها استحباب الزائد عن اربع المغرب.و كما يستفاد من الذكرى جواز الاقتصار في ركعتي الغفيلة على الحمد ايضا و هو فرده الادنى (144) .و هذا لا خفاء فيه.

و كذا في جواز جعل ركعتي الغفيلة ركعتين من الاربع، لجواز الاتيان بالاربع بهذه الكيفية اجماعا، و يصدق على الفاعل حينئذ انه صلى بين العشاءين كذا.

و اما تقييده بالزائد على الاربع فلا دليل عليه، و ثبوت نوع من الثواب لكيفية في الاربع كقراءة التوحيد لا ينافي ثبوت نوع آخر منه لكيفية اخرى، كما في قراءة السور في فريضة خاصة.

و انما الخفاء في وجوب جعلهما منها-و لو على القول بجواز الاتيان بغير الرواتب في وقت الفرائض-بناء على توقيفية العبادة و عدم دلالة على كونهما غير الاربع، فيقتصر في التوقيف على المتيقن، و عدمه.

و الثاني هو الاظهر، لقوله: «من صلى بين العشاءين‏» الى آخره، فانه يشمل بعمومه من صلى الاربع ايضا، و يجزي في غيره بالاجماع المركب.

المسالة العاشرة: يجوز الجلوس في النوافل كلها و لو اختيارا

بالاجماع المحقق و المحكي في المعتبر و المنتهى و التذكرة و الايضاح و البيان و المدارك (145) ، و غيرها.و هو الحجة في المقام، مضافا الى الاصل و المستفيضة كروايتي سدير (146) ، و ابن ميسرة (147) ، و حسنة سهل (148) ، و غيرها.

و خلاف الحلي شاذ (149) ، و تخصيصه المجوز بالنهاية غريب.

و الافضل ان يصلي قائما، لظواهر المستفيضة و صريح المروي في العلل و العيون: «صلاة القاعد على نصف صلاة القائم‏» (150) .

او يقوم في آخر السورة و يتمها و يركع، لصحيحتي الحمادين (151) ، و موثقة زرارة (152) .

او يضعف الركعات، فانه ايضا من المستحب، كما صرح به المفيد (153) ، و الفاضلان في المعتبر و التذكرة و القواعد (154) ، و الشهيد في البيان (155) ، لروايتي الصيقل (156) ، و محمد (157) ، و المروي في كتاب علي: عن المريض اذا كان لا يستطيع القيام كيف يصلي؟ قال: «يصلي النافلة و هو جالس و يحسب كل ركعتين بركعة، و اما الفريضة فيحسب كل ركعة بركعة و هو جالس اذا كان لا يستطيع القيام‏» (158) .

و في قرب الاسناد: عن رجل يصلي نافلة و هو جالس من غير علة كيف تحسب صلاته؟ قال: «ركعتين بركعة‏» (159) .

و وروده في الاولى و ان كان بالامر الدال على الوجوب، الا ان الاجماع على عدم وجوب الاتيان بتمام العدد في النوافل ينفيه، مضافا الى صحيحة ابي بصير:

انا نتحدث نقول: من صلى و هو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة و سجدتين بسجدة، فقال: «ليس هو هكذا، هي تامة لكم‏» (160) .

و ظاهرها كون التمام للشيعة تفضليا، فلا ينافي افضلية القيام-الثابتة مع النصوص بالاجماع-و كونه اكثر ثوابا بالاستحقاق، و نريد ذلك بالتفضيل.

فرعان:

ا: يستحب التربع للمصلي جالسا حال القراءة، و ثني الرجلين حال الركوع، بالاجماع كما في المنتهى (161) ، و تدل عليه ايضا موثقة حمران: «كان ابي اذا صلى جالسا تربع فاذا ركع ثنى رجليه‏» (162) .

و قد مضى تفسيرهما (163) .

ب: لا يجوز الاضطجاع و لا الاستلقاء، على الاصح الاشهر، لتوقيفية العبادة، و عدم النقل، و لا معلومية صدق الصلاة عليه حينئذ و ان صدق في الجملة معه.

خلافا للايضاح (164) ، لدليل عليل.

المسالة الحادية عشرة: سقوط نوافل الظهرين في السفر

كعدم سقوط نوافل المغرب و الفجر و احدى عشرة ركعة الليل و الوتر اجماعي، مدلول عليه بالمعتبرة المستفيضة التي ياتي ذكر بعضها.

و في ركعتي الوتيرة قولان:

السقوط، و هو للاكثر، بل في السرائر، و المنتهى، و عن الغنية: الاجماع عليه (165) ، للعمومات المستفيضة كصحاح حذيفة، و ابن سنان، و ابي بصير:

«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء» (166) .

و زاد في الثانية: «الا المغرب‏» (167) .

و في الثالثة مع ذلك: «فان بعدها اربع ركعات لا تدعهن في حضر و لا سفر، و ليس عليك قضاء صلاة النهار، و صل صلاة الليل و اقضه‏» (168) .

و موثقة سماعة: عن الصلاة في السفر، فقال: «ركعتين ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء، الا انه ينبغي للمسافر ان يصلي بعد المغرب اربع ركعات، و ليتطوع بالليل ما شاء» (169) الحديث.

و رواية التمار: «انما فرض الله على المسافر ركعتين لا قبلهما و لا بعدهما شي‏ء، الا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك‏» (170) .

و تدل عليه ايضا العلة المصرحة بها في رواية ابي يحيى: عن صلاة النافلة بالنهار في السفر، فقال: «يا بني لو صلحت النافلة في السفر لتمت الفريضة‏» (171) .

و عدمه، و هو للشيخ في النهاية (172) ، و ظاهر الصدوق في الفقيه و العلل و الامالي (173) ، بل في الاخير انه من دين الامامية.و هو صريح الفضل بن شاذان، كما يظهر من باب الثالث و الثلاثين من العيون (174) ، و قواه في الذكرى و الروضة (175) ، و استجوده في المدارك (176) ، و اختاره في الحدائق (177) ، و هو الظاهر من بعض مشايخ والدي رحمه الله (178) .

و هو الحق، للاصل، و ما رواه في الفقيه و العلل و العيون: «و انما ترك تطوع النهار و لم يترك تطوع الليل لان كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر في تطوعها، و ذلك ان المغرب لا يقصر فيها فلا يقصر فيما بعدها من التطوع، و كذلك الغداة لا يقصر فيما قبلها من التطوع، و انما صارت العتمة مقصورة و ليس يترك ركعتيها لان الركعتين ليستا من الخمسين، و انما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع‏» (179) .

و في الفقه الرضوي: «و النوافل في السفر اربع ركعات‏» الى ان قال:

«و ركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس‏» (180) .

و ضعف سند الاولى-كما قيل (181) -ممنوع، اذ ليس فيه من يتوقف فيه الا عبد الواحد بن عبدوس و علي بن محمد بن قتيبة، و هما من مشايخ الاجازة فلا يضر عدم توثيقهما.و لو سلم فبعد وجوده في الاصول المذكورة غير ضائر.

و لو قطع النظر عنه ايضا فللتسامح في ادلة السنن لا ضير فيه.

و القول بانه انما هو حيث لا يحتمل التحريم-كما في المقام-للزوم التشريع، و الا فلا تسامح قولا واحدا (182) .

كلام خال عن التحصيل، كيف؟ ! و جميع ادلة التسامح جارية فيه، و لولاه لما كان تسامح في شي‏ء من العبادات اذ كلها مما يستلزم التشريع، مع ان هذا مما اورده النافون للتسامح على مثبتيه، و اجابوا عنه بان بعد دلالة الادلة على التسامح لا يلزم التشريع المحرم.فدعوى الاجماع على عدم التسامح في مثله من اغرب الدعاوي.كدعوى شذوذ الاخبار الدالة على عدم السقوط لندرة القائل، فان بعد فتوى مثل الفضل و الصدوق و الشيخ من قدماء الاصحاب، و دعوى انه من دين الامامية الظاهرة في اشتهاره في الصدر الاول، و ذهاب جمع من المتاخرين اليه، و تردد طائفة منهم في المسالة كالفاضلين في النافع و التحرير (183) ، و المقداد (184) ، و الصيمري (185) ، بل نسب الى التذكرة و الجامع ايضا (186) ، كيف ينسب الخبر الى الشذوذ؟ !

فلا تامل في حجيته في المقام.

سيما مع تايده بصحيحة محمد: عن الصلاة تطوعا في السفر، قال: «لا تصل قبل الركعتين و لا بعدهما شيئا نهارا» (187) .

بل هي ايضا تدل على عدم السقوط، لان الظاهر كون القيد بعد الاطلاق في السؤال احترازيا.

و يتايد ايضا بما مر من الاخبار الدالة على كون الوتيرة عوض الوتر يقدم عليها من يخاف فوتها (188) ، و الوتر لا تترك في السفر فكذا عوضها.

فلم يبق الا تعارض هذه الاخبار مع ما سبق من اخبار السقوط، و لا شك في ترجيح هذه، لكونها خاصة و اخبار السقوط عامة.

و ترجيح الثانية باعتضادها بالشهرة و الاجماع المنقول لا يكافئ الخصوصية، سيما مع معارضة نقل الاجماع مع مثله، بل اقوى منه، لكونه اقرب الى المعصوم و اظهر في الدلالة، و اعتضاد الاولى ايضا بالاستصحاب، و بعمومات المستفيضة المثبتة لهاتين الركعتين مطلقا، مع انها ايضا بنفسها معارضة لعمومات السقوط بالعموم من وجه موجبة للرجوع الى الاستصحاب لولا الترجيح.

هذا كله مع ما في كثير من اخبار السقوط من ضعف الدلالة، فان قوله:

«الصلاة في السفر» في صحيحة ابي بصير و موثقة سماعة (189) و ان كان عاما، الا ان قوله في الاولى: «و صل صلاة الليل‏» الظاهر فيما يقابل صلاة النهار بقرينة قوله:

«و ليس عليك قضاء صلاة النهار» و في الثانية: «و ليتطوع بالليل ما شاء» مما يعارض هذا العموم و يصلح قرينة للتخصيص، و الحمل على العموم في مثل ذلك غير ثابت، و كذا في رواية التمار.

مع ان هاهنا كلاما آخر و هو: ان الظاهر من الاخبار و الفتاوي ان الساقط هو نافلة الصلاة فان المراد من قوله «ليس قبلهما و لا بعدهما» انه ليس من نافلتهما لا من مطلق النافلة، و الا فقبل العشاء لا تسقط ركعات المغرب، و الوتيرة ليست نافلة لصلاة العشاء-و ان اضيفت اليها في بعض الاحاديث‏حيث‏يكفي ادنى ملابسة فيها-و تدل عليه رواية الفقيه و العلل المتقدمة (190) ، و ما دل على كونها عوضا للوتر، و ان النبي صلى الله عليه و آله كان لا يفعلها لذلك، و الاخبار المصرحة بانها لا تعد من الخمسين (191) .و على هذا فلا تعارض بين اخبار عدم السقوط و بين ما سبق ايضا.

فروع:

ا: سقوط ما يسقط من النوافل في السفر عزيمة، كما يدل عليه نفي صلاحيتها في رواية الحناط المرادف للفساد (192) ، و نفي اصلها الدال على انتفاء التوقيف في العمومات (193) .

و ليس في النصوص الدالة على جواز قضاء النوافل النهارية في الليل (194) -لو تمت دلالتها عليه-دلالة على مشروعيتها نهارا، حتى يجعل دليلا على ان المراد بالسقوط الرخصة و رفع (195) تاكد الاستحباب.

ب: من صلى العشاء في وطنه و سافر بعده فهل يجوز له ان يصلي الوتيرة في السفر على القول بسقوطها ام لا؟ و من صلاها في السفر ثم دخل الوطن هل يجوز له الوتيرة في الوطن ام لا؟

و كذا من دخل عليه[الوقت] (196) في الوطن و اراد السفر و الاتيان بصلاة الظهر في السفر هل يجوز له الاتيان بنافلة الظهر في الوطن ام لا؟ و لو اخر المسافر الذي صلى الظهر في السفر صلاة عصره الى دخول الوطن فهل يجوز له ان يصلي نوافل العصر في السفر؟ .

ظاهر عمومات: «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء» (197) ان كل ما يقصر ليس قبله و لا بعده شي‏ء سواء كان وقت النافلة حاضرا او مسافرا، و ان كل ما لا يقصر يجوز نافلته و ان كان وقت النافلة في السفر.

الا ان موثقة عمار تدل على غير ذلك و هي انه: سئل: اذا زالت الشمس و هو في منزله ثم يخرج في سفر؟ قال: «يبدا بالزوال فيصليها ثم يصلي الاولى بتقصير ركعتين، لانه خرج من منزله قبل ان تحضر الاولى‏» و سئل: فان خرج بعد ما حضرت الاولى؟ قال: «يصلي اربع ركعات ثم يصلي بعده النوافل ثماني ركعات، لانه خرج من منزله بعد ما حضرت الاولى، فاذا حضرت العصر صلى العصر بتقصير» (198) .

و مضمونها هو المشهور، بل نسبه بعض مشايخنا الى الاصحاب، و عليه الفتوى. فيجوز لمن ادرك وقت النافلة في الحضر فعلها اداء و قضاء و لو اخر الفريضة الى السفر او قدمها في السفر.

ج: ظاهر الاخبار عدم سقوط النوافل في الاماكن الاربعة الشريفة، لاختصاص قوله: «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء» بغيرها قطعا.

فتبقى عمومات النوافل سليمة عن المعارض، بل معاضدة بغيرها ايضا كصحيحة علي بن مهزيار: «قد علمت-يرحمك الله-فضل الصلاة في الحرمين على غيرها، فانا احب لك اذا دخلتهما ان لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة‏» (199) .

و رواية علي بن حديد: عن الصلاة في الحرمين، قال: «صل النوافل ما شئت‏» (200) .

و المروي في كامل الزيارة في المسافر قال: «صل في المسجد الحرام ما شئت تطوعا، و في مسجد الرسول ما شئت تطوعا، و عند قبر الحسين عليه السلام، فاني احب ذلك‏» و عن الصلاة عند قبر الحسين عليه السلام تطوعا، قال: «نعم، ما قدرت عليه‏» (201) .

و ينبه على الجواز ايضا ما مر من قوله: «لو صلحت النافلة لتمت الفريضة‏» (202) .

المسالة الثانية عشرة: لا يجوز نقص النوافل عن الركعتين و لا زيادتها عنهما في غير الوتر و صلاة الاعرابي

بل لا بد في كل ركعتين منها عن تسليمة، لانه المعروف من صاحب الشريعة، فيجب الاقتصار عليه، لتوقيفية العبادة، و لقوله:

«صلوا كما رايتموني اصلي‏» (203) .

و لخصوص المستفيضة من طرق الفريقين، ففي النبوي: «صلاة الليل و النهار مثنى مثنى‏» (204) .

و في آخر: «بين كل ركعتين تسليمة‏» (205) .

و في المروي في قرب الاسناد: عن الرجل يصلي النافلة ايصلح له ان يصلي اربع ركعات لا يسلم بينهن؟ قال: «لا، الا ان يسلم بين كل ركعتين‏» (206) .

و في مستطرفات السرائر: «و افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم‏» (207) .

و ظاهر هذه الاخبار-المنجبر ضعفها بالشهرة و كلمات الاصحاب-حرمة الزيادة و النقص من دون تشهد و تسليم، بل صرح بها جماعة منهم الحلي مدعيا عليه الاجماع (208) .

و اما ما تدل عليه عبارة الخلاف و المنتهى اولا من ان ذلك على الافضلية (209) ، فليس المراد منه ذلك، لتصريحهما اخيرا بالتحريم.


__________________
ساخت الارض بأهلها فمتى تعود ترانا ونراك (عج)
غريب ياقلبي كيف تعيش

ياوديعة علي غير متصل