New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > منتديات العلوم الدينية > منتدى سيد الشهداء عليه السلام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 16-11-12, 03:08 PM   #1

عاشق السماء
.: إداري :.

 
الصورة الرمزية عاشق السماء  







افكر

Ico38 هل ألقى الحسين عليه السلام بنفسه الى التهلكة؟




هل ألقى الحسين عليه السلام بنفسه الى التهلكة؟أول الشبهات التي ترد على ذهن السامع أو القارئ لمصرع الحسين عليه السلام
هي شبهة أن الحسين بعمله هذا قد ألقى بنفسه إلى التهلكة التي نهى الله تعالى عنها بقوله ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ...
والقيام بمثل ذلك العمل الانتحاري يعتبر غريبا من مثل الحسين عليه السلام العارف بشريعة الاسلام والممثل الشرعي لنبي الاسلام جده محمد صلى الله عليه واله.
لذا فالجواب عن هذه الشبهة يتوقف على تقديم مقدمة للبحث في الآية الكريمة والتعرف على معنى التهلكة المحرمة
ومتى تصدق وهل ينطبق ذلك على عمل الحسين عليه السلام وننظر هل يصدق عليه صلوات الله عليه أنه ألقى بنفسة إلى الهلكة والتهلكة أمل لا..؟

قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين.
التهلكة... يعني الهلاك وهو كل أمر شاق ومضر بالانسان ضررا كبيرا يشق تحمله عادة من فقر أو مرض أو موت.

والآيه الكريمة أمرت أولا بالانفاق في سبيل الله أي التضحية والبذل فيما يرضي الله تعالى ويقرب الانسان إلى الله ثم نهت عن الالقاء بالنفس إلى التهلكة
وذلك بترك الانفاق في سبيل الله. ثم قالت وأحسنوا أي كونوا محسنين في الانفاق والبذل إذ أنه ليس كل تضحية حسنة وشريفة
ولا كل بذل هو محبوب وحسن عند الله. وإلا لكانت تضحيات المجانين والسفهاء أيضا شريفة وفي سبيل الله.

فالتضحية الشريفة المقدسة والتي هي في سبيل الله تعالى تعرف بتوفر شروط فيها وتلك الشروط نلخصها فيما يلي:
الشرط الاول: أن تكون التضحية والبذل والانفاق في سبيل شيء معقول محبوب عقلا وعرفا أي في سبيل غرض وهدف عقلاني.
وإلا خرجت عن كونها تضحية عقلائية ودخلت في عداد الأعمال الجنونية أو اللاإرادية.

الشرط الثاني: أن يكون المفدى والمضحى له أشرف وأفضل من الفداء والضحية لدى العقلاء والعرف العام كأن يضحى
بالمال مثلا لكسب العلم أو الصحة أو يضحى بالحيوان لتغذية الانسان. وهكذا كلما كانت الغاية أفضل وأثمن كانت التضحية أشرف وأكمل.

هذان العنصران هما الشرطان الرئيسيان من الشروط التي لا بد منها في كل بذل وانفاق وتضحية حتى تكون حسنة وشريفة وفي سبيل الله.
وعلى هذا يظهر جليا وبكل وضوح أن ثورة الحسين عليه السلام كانت في سبيل الله مئة بالمئة وأن كل ماقدم فيها وأنفق من مال وبنين ونفس ونفيس وغال وعزيز
كان انفاقا حسنا وبذلا شريفا وتضحية مقدسة يستحق عليها كل إجلال وتقديس وشكر. بداهة توفر الشرطين الآنفين في ثورته عليه السلام
على أتم صورهما حسبما نعرف ذلك مفصلا فيما يأتي..

وكذلك يتضح زيف وبطلان الهراء والتهريج القائل أن الحسين عليه السلام بنهضته تلك ألقى بنفسه إلى التهلكة
لأنه قام بدون عدة وعدد كافيين في وجه قوة تفوقه عدة وعدداً بأضعاف مضاعفة.

إنا نقول لهم لقد قام قبل الحسين عليه السلام كثير من الأنبياء والرسل في وجه أعداء لهم أقوى عدة وعددا وقام كثير من الصلحاء
وهم عزل في وجه الطغاة الأقوياء ولاقوا صنوفا من العذاب والأذى والقتل فهل كان كل اولئك على خطأ وباطل في مواقفهم؟

أما استدلالهم بفعل أمير المؤمنين عليه السلام مع معاوية حيث قبل الصلح أو التحكيم وكذلك فعل الحسن الزكي عليه السلام حيث صالح معاوية
وقبل ذلك كله فعل النبي صلى الله عليه واله مع المشركين عام الحديبية...

فإنه استدلال فاسد وقياس مع الفارق حيث صالح هؤلاء أعداءهم لأنهم ايقنوا بعدم جدوى الحرب والقتال وعدم الوصول إلى الغاية المطلوبة
مع الاستمرار في الحرب وهي ظهور الحق وإزهاق الباطل.
بل بالعكس ظهرالحق بصبرهم ومهادنتهم أكثر وأكثر. فصلح الحديبية مثلا أظهر عطف الرأي العام العربي نحو محمد صلى الله عليه واله
وأظهر حسن نواياه للعرب وأنه رجل سلام وداعية حب ومودة لا رجل حرب. وبالتالي مهد ذلك الصلح لفتح مكة بدون قتال ثم لدخول الناس في دين الله أفواجا.
وأما قبول علي عليه السلام للتحكيم في صفين وصلح الحسن مع معاوية فلم يكن عن شعور بالعجز عن المقاومة ولا بدافع قلة العدد وكثرة العدو
بل لغرض فضح نوايا معاوية وكشف مؤامراته العدوانية أمام أعين البسطاء الذين كانوا فد خدعوا بنفاقه ودجله.
وكذلك سكوت علي عليه السلام عن حقه بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله كان لعلمه عليه السلام أن استعمال السيف لا يجدي نفعا لمصلحة الاسلام
بل يعرض ذلك لخطر أعظم وضرر أشد وفساد أكبر.

والخلاصة: أن آية التهلكة لا تشمل مطلق الاقدام على الخطر ولا تحرم التضحية بالنفس والنفيس إذا كانت لغاية أعظم وأفضل وهدف أنبل وأشرف كالذي قام به الحسين عليه السلام بثورته الخالدة وحيث توفرت في تضحياته كل شروط التضحية الشريفة والفداء المقدس على أكمل وجه لأنه عليه السلام ضحى وفدى وبذل وأنفق في سبيل أثمن وأغلى شيء في الحياة مطلقا ألا وهو الاسلام دين الله وشريعة السماء ونظام الخالق للمخلوق ودستور الحياة الدائم؛ الذي لولا تضحيات الحسين عليه السلام لدفن تحت ركام البدع والتشويهات والانحرافات التي خلفتها عهود الحكم السابقة كما دفنت الديانات السابقة على الاسلام تحت ترسبات البدع والتحريف حتى لم يبق منها أثر حقيقي حيث لم يقيض لها حسين فيستخرجها ويزيل عنها المضاعفات كالذي فعله الحسين بن علي بالنسبة إلى الديانة الاسلامية الخالدة.
وهنا قد يرد سؤال وجيه يجدر بنا التعرض له والاجابة عليه.

والسؤال هو: كيف يكون الاسلام أغلى وأثمن وأشرف وأفضل من كل الموجودات والكائنات حتى الانسان نفسه فضلا عن المال والولد أليس الله تعالى خلق الكون
لأجل الانسان فكيف يضحى بحياة الانسان في سبيل الدين الذي هو بدوره وجد لأجل سعادة الانسان وخدمة الانسان وخيره؟
والجواب: نعم إذا تعرض الدين لخطر الزوال أو التحريف فمعنى ذلك أن سعادة الانسان تعرضت للخطر وكرامة الانسان تعرضت للزوال
ولا شك أن الانسان إذا دار أمره بين أن نعيش بلا سعادة ولا كرامة أو يموت دفاعا عنهما وإبقاء لهما لغيره؛ وجب الدفاع والصيانة حتى الموت.
إذا دار الأمر بين أن يعيش الانسان بلا سعادة وكرامة أو يموت سعيدا كريما؛ فلا شك أن الموت بسعادة وكرامة أفضل من الحياة بدونهما.

إذا دار الأمر بين أن يعيش الإنسان في مجتمع لا يشعر بكرامته الانسانية ولا يخضع لنواميس الحياة الطبيعية أو يموت؛
فلا خلاف في أن الموت خير له وأفضل.
ففي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه واله قال:
((إذا كان امراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحائكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرا من بطنها، وإذا كان امراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلائكم وأمركم إلى نسائكم
فبطن الأرض خير لكم من ظهرها)).

وقال الحسين عليه السلام في خطبة: إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا جرماً..
إذ أن كل الأشياء إنما تخدم مصلحة الانسان وتكون خيراً للانسان إذا كانت مقرونة مع الدين الصحيح.
فالمال مثلاًً إنما يكون خيراً وسعادة إذا كان بيد انسان متدين يؤمن بالمبدأ والمعاد ويتقيد بحدود الدين في كسب المال وصرفه.
أما المال إذا كان بيد الملحد الأباحي المتجرد من كل قيود الدين والعقل والنظام الاجتماعي الانساني فانه وسيلة هدم وتخريب وشقاء لصاحبه ولغيره
﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى.

وقال عليه السلام هلك خزان الأموال وهم أحياء. وكذلك الأولاد إنما يكونون خيراً للوالدين وقرة عين لهما إذا كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخر
وبما فرض عليهم الدين من حقوق الوالدين واحترامهما.
أما لو كانوا بخلاف ذلك فهم وبال على الوالدين يرهقونهما طغيانا وكفراً. وهكذا كل شيء في الحياة نافع وخير إذا ساده النظام والدين وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا
ولا سعادة في دنيا بلا دين.. وقال تعالى ﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ...َ

ونعود فنقول: ان الحسين عليه السلام ضحى في سبيل اقدس قضية وأشرف غاية في الوجود ألا وهو الاسلام الذي تعرض لأكبر الأخطار على يد ألد أعدائه
وهم الأمويون فكان عليه السلام بذلك القيام أصدق مثال وأظهر مصداق للشهداء
الذين قال الله تعالى فيهم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.

ولله در من قال:
كذب الموت فالحسين مخلد كلما مرت الدهور تجدد

وقال الاستاذ حسين الأعظمي:
شهيد العلا ما أنت ميت
وإنمايموت الذي يبلى وليس له ذكر
ومـا دمك المسفوك إلا قيامةلها
كل عام يوم عاشورة حشر
و ما دمك المسفوك إلا رسالة
مخلدة لم يخل من ذكرها عصر
و ما دمك المسفوك إلا تحرر
لدنيا طغت فيها الخديعة والمكر و
هدم لبنيان على الظلـم قائم بناه
الهوى والكيد والحقد والغدر
ومجمل القول هو:" أن الحسين عليه السلام بثورته المقدسة لم يلق بنفسه إلى التهلكة كما يزعمون"..
بل ألقى بها إلى الخلود والسعادة الأبدية والعزة والشرف في الدنيا والآخرة فاحتل المرتبة الاولى في قائمة العظماء العالميين في الدنيا.
وأخذ مكانه في الصف الأول من صفوف النبياء والمرسلين والشهداء والصالحين... وحسن أولائك رفيقاً.. فيا ليتنا كنا معه فنفوز فوزاً عظيماً .

(مأساة الحسين عليه السلام بين السائل والمجيب)
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عاشق السماء ; 19-11-12 الساعة 01:12 AM.

عاشق السماء غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملاطفة كلاميّة بين الإمام علي وفاطمة الزهراء عليهم السلام زهرة الحب منتدى الثقافة الإسلامية 5 13-12-10 03:29 PM
كشكول ولائي(1) سطيح منتدى الثقافة الإسلامية 2 28-03-10 09:21 AM
كتب قيمة سيد شرف منتدى المكتبة الإلكترونية 8 16-10-09 09:43 PM
ملاطفة كلاميّة بين الإمام علي وزوجته الزهراء عليهم أفضل الصلاة و السلام قلب العارف منتدى الثقافة الإسلامية 2 14-07-05 03:43 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 07:28 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited