New Page 1
قديم 14-07-02, 02:57 AM   #1

العذاب الواقع
عضو نشيط  






رايق

نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة


هلا

أنقل لكم ماكتبه الاخ الدكتور الفاضل عبدالكريم الزبيدي
حول نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة
1

لمّا أراد الله تعالى ان يجعل في الارض خليفة (وإذ قال ربّك للملائكة انّي جاعل في الارض خليفة) فانه قد شاء ان يولد على الارض مجتمع انساني. ومفهوم المجتمع الإنساني يستلزم وجود أفراد يتفاوتون في القدرات والقابليات والخبرات المكتسبة. وهذا التفاوت يؤدي إلى الاختلاف، والاختلاف يؤدي إلى الفساد، ومن ابرز صور الفساد في الارض الظلم والقهر والتسلط وسفك الدماء لذلك قالت الملائكة (أتجعل فيها من يُفسد فيها ويَسفكُ الدماء).

ولمّا أرادت مشيئة الله أن يولد على الارض مجتمع انساني فان مشيئته تعالى ارادت ان يكون هذا المجتمع قائما على نظام صادر من خالق الإنسان ينظم له حياته ليعصمه من الاختلاف الذي يؤدي إلى الفساد، من أجل أن يكون المجتمع الإنساني مجتمعا يحمل رسالة الله في الارض، وهي رسالة الاستخلاف بكل ما تعني (رسالة الاستخلاف) من معان. ولمّا قالت الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) فان قولهم هذا صادر عن جهلهم بمشيئة الله في أن يكون المجتمع الإنساني مجتمعا قائما على نظام الهي يعصم المجتمع من الاختلاف الذي يؤدي إلى الفساد وسفك الدماء، لذلك كان جواب الله لهم (إنّي أعلم ما لا تعلمون).

والمجتمع الإنساني مرّ في أطوار حياته بمراحل كثيرة كل مرحلة تعبر عن مستوى الفكر والحاجات والخبرات المكتسبة، فلابد من أن يأتي النظام من خالق الإنسان مناسباً لمستوى الفكر والحاجات والخبرات المكتسبة في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع الإنساني

ولمّا كان هذا النظام صادراً من خالق الإنسان وليس من الإنسان نفسه فلابد من وجود صلة بين الإنسان وبين الله تعالى. هذه الصلة هي التي تبلغ النظام عن الله تعالى، وتدعو المجتمع إلى تطبيقه، وتنذر الخارجين عن النظام بالعقاب الالهي، وتبشر المطبقين له بالسعادة في الدنيا والآخرة. هذه الصلة هي النبي الذي يختاره الله من بين أفراد المجتمع ليبلغ شريعة الله التي تهدف إلى بناء المجتمع الإنساني الذي يقوم بوظيفة الاستخلاف في الأرض. وكان جوهر كل شريعة في كل مرحلة هو عقيدة التوحيد.

ولمّا كانت المراحل التي مرّ بها المجتمع الإنساني كثيرة، فان الانبياء الذين اختارهم الله ليبلغوا رسالته كثيرون. وكان خاتمهم وأشرفهم رسول الله محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي كان الصلة بين الله وبين الإنسان في كل مكان، ليبلغ رسالة الإسلام التي تنظم المجتمع وتعصمه من الاختلاف الذي يؤدي إلى الفساد.

انّ المجتمع الذي يكون مؤهلاً للقيام بوظيفة الاستخلاف في الأرض هو المجتمع المسلم الذي يؤمن برسالة الإسلام التي جاء بها رسول الله محمد «ص» من عند الله تعالى، ويعتمدها نظاماً لمجميع مجالات حياته، وهو المجتمع الذي أراده الله في الأرض حين شاء أن يخلق انسانا عليها (إنّي جاعل في الارض خليفة).

2

انّ المجتمع المسلم هو الهدف الرباني من خلق الإنسان ذلك الهدف الذي جهلته الملائكة، فقال الله لهم (إنّي أعلم ما لا تعلمون). والمجتمع المسلم كأي مجتمع انساني يتألف من مجموعات كثيرة من الأسر. والأسرة هي اللبنة التي تسهم مع غيرها في بناء الكيان الاجتماعي. وهذه اللبنة يتوقف على صلاحها صلاح البناء الاجتماعي لأن البناء الاجتماعي كالبناء المادي، فكما أن البناء المادي يتألف من عدد كبير من الوحدات الأساسية التي هي الطابوق او البلوك او الحجارة او غير ذلك، كذلك البناء الاجتماعي يتألف من عدد كبير من الوحدات الاساسية التي هي الاسر. وكما أن الوحدات الاساسية في البناء المادي يجب ان تكون صالحة وتحمل مواصفات خاصة، لكي يكون البناء سليماً، كذلك الوحدات الاساسية في البناء الاجتماعي وهي الاسر يجب ان تكون صالحة وتحمل مواصفات خاصة.

ان الاسرة هي الوحدة الاساسية في المجتمع، وتتألف كل اسرة من الزوج والزوجة والابناء. وقد منح الإسلام الاسرة رعاية وعناية كبيرتين في جميع مراحل تكوينها، لكي يضمن بناء أسرة صالحة تسهم في بناء المجتمع الصالح الذي يحمل رسالة الله في الارض، ويقوم بوظيفة الاستخلاف فيها.

3

وقد حاول هذا البحث أن يعرض نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة في جميع مراحل تكوينها:

المرحلة الاولى: مرحلة ما قبل الاقتران:

في هذه المرحلة أكد الإسلام على مجموعة من المواصفات التي ينبغي توافرها في كل من الرجل والمرأة اللذين ينويان الاقتران ببعظهما عن طريق الزواج الشرعي، لتكوين اسرة. ولمّا كان تكوين الاسرة الصالحة هدفاً رئيساً في الإسلام فقد حث الإسلام على الزواج وجعله نصف الدين، وحث على أن يتوجه الرجل إلى الله تعالى بالنية الصادقة للزواج، وأن يبرهن على صدق نيته بصلاة ركعتين قربة إلى الله تعالى، ويدعو الله أن يوفقه إلى اختيار شريكة حياته الصالحة، التي تتحمل معه مسؤولية بناء اسرة صالحة.

عن الباقر عليه السلام قال: «اذا همّ أحدكم بالزواج فليصلّ ركعتين، وليحمد الله عزّ وجل، وليقل: اللهم انّي اُريد أن اتزوّج، اللهم فقدّر لي من النساء أحسنهنّ خُلقاً وخَلقاً وأعفّهنّ فرجاً، وأحفظهنّ لي في نفسها ومالي، وأوسعهن رزقاً، وأعظمهنّ بركة، واقض لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي».

ومن المواصفات التي أكد الإسلام على توافرها في كل من الرجل والمرأة قبل الاقتران:

1ـ أن يكون كل من الرجل والمرأة سليمين من الناحية العقلية والجسدية، فقد حذر الإسلام أن يكون أحد الشريكين مصاباً بمرض عقلي أو بمرض ينتقل بالوراثة إلى الابناء، كالحمق او الجنون، أو أن يكون أحدهما معوقاً بنوع من انواع العوق الذي ينتقل بالوراثة إلى الابناء. عن الصادق «عليه السلام»: «إيّاكم وتزويج الحمقاء، فان صحبتها بلاء وولدها ضياع». وقال النبي «ص»: «اختاروا لنطفكم فان العرق دسّاس». وقال «ص» «من شرب الخمر بعدما حرّمها الله فليس بأهل أن يزوّج اذا خطب»، وقال الصادق «عليه السلام» «من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمه».

2ـ أن يكون كلّ من الرجل والمرأة على قدر طيب من التربية الحسنة والاخلاق الفاضلة وأن يكون كل منهما عضواً صالحاً في اسرة صالحة. قال رسول الله «ص»: «اياكم وخضراء الدمن. قيل: يا رسول الله، وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء». وكتب الحسين بن بشار إلى أبي الحسن «عليه السلام»: «أن لي قرابة قد خطب اليّ وفي خلقه سوء، قال: لا تزوجه ان كان سيء الخلق».

3ـ أن يكون كلّ من الرجل والمرأة ملتزماً بالاسلام ومطبقاً له في حياته. عن أبي جعفر «عليه السلام»: «من خطب اليكم فرضيتم دينه وأمانته كائناً من كان فزوّجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير»، وجاء رجل إلى الحسن «عليه السلام» يستشيره في تزويج ابنته، فقال «عليه السلام»: «زوّجها من رجل تقي، فانّه ان أحبّها أكرمها، وان ابغضها لم يظلمها».

4ـ ان لا يكون أحدهما خارجاً عن الإسلام مجاهراً بالفسق، قال الصادق «عليه السلام»: «لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا، ولا تزوّجوا الرجل المستعلن بالزنا». وقال النبي «ص»: «من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه».

ان الإسلام لم يجعل الجمال وكثرة المال والمظاهر الدنيوية من المواصفات الصالحة في الرجل والمرأة، اللذين ينويان الاقتران بالزواج الشرعي، انّما جعل الايمان والاخلاق الحسنة والسير على خط الإسلام مواصفات صالحة يجب التأكيد من وجودها في كلّ من الرجل والمرأة قبل الاقتران، لأن الإسلام يهدف إلى تكوين اسرة صالحة تحمل رسالة الله في الارض، فاذا توافرت تلك المواصفات فيهما صارا مؤهّلين لتكوين اسرة تثقل الارض بلا اله إلاّ الله، قال الله تعالى (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) وقال تعالى: (ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم). وقال الصادق «عليه السلام»: «اذا تزوج الرجل المرأة لمالها او لجمالها لم يرزق ذلك، فان تزوجها لدينها رزقه الله عزّ وجل مالها وجمالها». وقال النبي «ص»: «ما يمنع المؤمن ان يتخذ أهلاً، لعلّ الله يزرقه نسمة تُثقل الارض بلا اله إلاّ الله».

4

المرحلة الثانية: مرحلة ما بعد الاقتران:

أكد الإسلام في هذه المرحلة على مجموعة من الامور المهمة وحث الرجل والمرأة اللذين اقترنا بالزواج على الالتزام بها، ومنها:

1ـ الانسجام الروحي والنفسي بين الزوجين:

أكد الإسلام على الحب والموة د بين الزوجين في العلاقة الزوجية، وصور هذه العلاقة بينهما تصويراً جميلاً، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودّة ورحمة) ان عبارة (لتسكنوا اليها) تحمل أجمل معاني الراحة النفسية والاطمئنان النفسي، الرجل يجد الراحة النفسية والاطمئنان في كنف زوجته التي تفيض على حياته نسائم الانوثة الحانية، والمرأة تجد الراحة النفسية والاطمئنان في كنف زوجها الذي يفيض على حياتها دفء الرجولة التي تحميها وتصونها من آلام الحياة القاسية. وان عبارة (وجعل بينكم مودة ورحمة) تحمل أجمل معاني الحب والرحمة بين الزوجين، هذا الحب وهذه الرحمة يصنعان علاقة روحية بينهما تجعل كل واحد منهما مستعداً للبذل والعطاء والتضحية من أجل سعادة شريك حياته، قال الامام علي «عليه السلام» عن فاطمة «عليها السلام»: فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر اليها فتنكشفُ عني الهموم والاحزان».

هكذا يصور الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة، أما الفلسفة الغربية فانّها تصور العلاقة بينهما على أساس اشباع الغريزة وهو تصور حيواني لتلك العلاقة، ان الإسلام يهدف إلى تكوين اسرة صالحة تسهم في بناء المجتمع الصالح الذي يؤدي رسالة الله في الارض، أما الفلسفة الغربية فانها تهدف إلى بناء مجتمع حيواني تتفكّك فيه روابط الاسرة وهو المجتمع الذي يتحقق فيه الاختلاف الذي يؤدي إلى الفساد، الذي يكون من صورة الظلم والتسلط والفهر وسفك الدماء.

2ـ تحديد الوظائف والمسؤوليات لكل من الزوجين:

من أجل ضمان وحدة الاسرة وعدم تفككها حدد الإسلام وظيفة كل من الزوجين في مجالات تكوين الأسرة على النحو التالي:

أـ في مجال تربية الابناء في جميع مراحل تكوين الاسرة:

تكون المسؤولية مشتركة بين الزوجين بنسب متفاوتة فقد تكون وظيفة الام أكبر من وظيفة الاب في مرحلة معينة أو في ظروف خاصة وقد تكون وظيفة الاب أكبر من وظيفة الام في مراحل معينة او في ظروف خاصة، وقد يتسلم أحد الزوجين وظيفة التربية والرعاية والتوجيه كاملة في حالة موت شريك حياته.

والخلاصة ان وظيفة تربية الابناء مشتركة بين الزوجين، قال الامام العسكري «عليه السلام»: «انّ الله يجزي الوالدين ثوابا عظيما، فيقولان: يا ربّنا أنّى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟ فقال: هذه بتعليمكما ولدكما القرآن، وتبصيركما إيّاه دين الإسلام وقال رسول الله «ص»: «كلّ مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانّه او ينصّرانّه، وقال «ص»: ويل لأولاد آخر الزمان من آبائهم فقيل: يا رسول الله من آبائهم المشركين؟ فقال: لا من آبائهم المؤمنين، لا يعلّمونهم شيئاً من الفرائض، واذا تعلّم أولادهم منعوهم، ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، وأنا منهم بريء وهم مني براء». وعن الرضا «عليه السلام»: «يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق».

ب ـ في مجال الكسب وتوفير مستلزمات المعيشة:

هذه الوظيفة تكون للزوج نظرا لعوامل عديدة منها طبيعية فسيولوجية ومنها عوامل تتعلق ببناء الاسرة الصالحة والحفاظ على المجتمع المسلم من التفكك، ومنها عوامل تتعلق بدوام الحب والانسجام الروحي بين الزوجين، ومنها عوامل تتعلق بأمراض اخلاقية تنتشر في المجتمع عن طريق الاختلاط بين الجنسين في العمل. عن الباقر عليه السلام: «من كانت عنده امرأة فلم يَكْسِها ما يواري عورتها ويُطعمها ما يُقيم صُلبها حقاً على الامام ان يُفرّق بينهما». وعن الصادق «عليه السلام»: «ان انفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلاّ فُرّق بينهما». وقال رسول الله «ص»: «ما من عبد يكسبُ ثم يُنفق على عياله إلاّ أعطاه الله بكلّ درهم يُنفقه على عياله سبعمائة ضعف».

ولا يعني هذا أن المرأة لا يحق لها العمل مطلقاً، ولكن الإسلام هنا وضع القاعدة العامة وجعل لها استثناء، القاعدة العامة أن تكون وظيفة الكسب وتوفير مستلزمات المعيشة في الاسرة للرجل، والاستثناء أن تخرج المرأة للكسب وتوفير مستلزمات المعيشة في ظروف خاصة، أو اذا توقفت مصلحة المجتمع المسلم على أن تُشغل المرأة وظيفة لا يصلح لها الرجل.

ج ـ في مجال تدبير شؤون المنزل:

هذه الوظيفة تكون بالدرجة الاولى للزوجة، إمّا ان تباشرها بنفسها، وهو الأحسن، تأسيا بالزهراء فاطمة «عليها السلام» التي كانت تباشر شؤون منزلها بنفسها مع امكان الاستعانة بخادمة، وإمّا ان تقوم المرأة بتدبير شؤون منزلها بصورة غير مباشرة، فيجوز لها أن توكل تدبير شؤون منزلها كلها او بعضها للخدم، وهذا حق من حقوقها اذا كان الزوج موسراً قادراً على نفقات الخدم.

ومن جهة اخرى حث الإسلام الزوج على مساعدة زوجته في هذه الوظيفة وجعل ذلك من المستحبات وقد جعل رسول الله محمد «ص» والامام علي «ع» من نفسيهما مثلاً أعلى يتأسى به الازواج في بيوتهم.

د ـ في مجال اتخاذ القرار في الأسرة:

هذه الوظيفة جعلها الإسلام في اختصاص الزوج لان الاسرة مجتمع مصغر ولأجل الحفاظ على هذا المجتمع الصغير المكون من الزوج والزوجة والابناء من التفكك والضياع فلابدّ من اعطاء وظيفة اتخاذ القرار لأحد عناصر الاسرة، وهو أمر يفرضه العقل والحس، فالعقل يحكم بضرورة وجود رئيس او قائد لأي مجموعة اجتماعية، صغيرة كانت أم كبيرة، وتكون وظيفة اتخاذ القرار بيده، حفاظاً على تلك المجموعة من الاختلاف والتفكك، وأما الحسن فإننا نشاهد أن جميع المجتمعات البشرية اتفقت على إعطاء وظيفة اتخاذ القرار لشخص من بينها وأيضاً فإننا نشاهد أن المجتمعات الحيوانية كالنمل والنحل والحيوانات الاخرى تكون فيها وظيفة القيادة واتخاذ القرار بيد واحد منهم.

ان وظيفة اتخاذ القرار في نطاق الاسرة إما أن تكون بيد الزوج او بيد الزوجة أو بيد الابناء او تكون مشتركة بين الجميع. فاذا كانت هذه الوظيفة بيد الأبناء كانت النتيجة اقحام الاسرة في المهالك بسبب قلة الخبرة والتجربة الاجتماعية وعدم النضج العقلي، فتتحطم بسبب ذلك الاسرة ويتضرر المجتمع بذلك واذا كانت وظيفة اتخاذ القرار بيد الزوجة كانت النتيجة تحمّل الزوجة مسؤولية لا تقوى عليها، لأنّ الزوجة تعتريها في حياتها حالات خاصة تتعلق بتركيبها الفسيولوجي ووظائفها في الحياة باعتبارها أنثى فمثلا تتعرض الزوجة كل شهر إلى تغيرات نفسية وآلام جسدية بسبب الدورة الشهرية، هل يمكن الاطمئنان إلى قدرتها في مثل هذا الظرف على اتخاذ قرار مصيري يتعلق بمصير الاسرة؟ واذا تعرض الاسرة إلى أمر يحتاج إلى قرار مصيري وكانت الزوجة في هذا الوقت تتعرض إلى الطلق والولادة فهل تستطيع أن تتخذ ـ في هذه الحالة ـ قراراً مصيريا في حق اسرتها؟ وما يعقب الولادة ـ وهو حالة النفاس ـ تكون الزوجة فيها موزّعة بين وضعها كنفساء وبين وضع طفلها الوليد الذي لا تستطيع الابتعاد عنه ساعة واحدة فهل تستطيع مثل هذه الزوجة ان تتخذ قراراً مصيرياً بحق اسرتها؟

ان طبيعة الاشياء تقضي أن تنأى الزوجة بنفسها عن هذه الوظيفة الصعبة رأفة بها وراحة لبالها وضماناً لعدم تعرضها إلى المسؤولية الشرعية والمسائلة الاسرة. فمن ناحية المسؤولية الشرعية فانّ الله يحاسبها حساباً شديداً اذا فرّطت في مصير اسرتها المسلمة وأسهمت في تقويض بناء المجتمع المسلم. ومن ناحية المسائلة الاسرية فان اسرتها لن تسامحها ولن تغفر لها خطأها الذي أدى إلى تحطم الاسرة وتبقى الاسرة تُذكّرها بخطئها فتعيش بقية حياتها نادمة.

واذا كانت وظيفة اتخاذ القرار مشتركة بين الجميع كانت النتيجة الاختلاف بين أفراد الاسرة ثم تفكك الاسرة وضياعها.

اذن الزوج هو المؤهل لهذه الوظيفة الصعبة وقد كلّف الله الزوج بها وألقى عليه مسؤوليتها الكبرى، ويجب على الزوج ان يتقبلها ولا يحق له الاعتذار عن عدم تحملها، لأن هذه الوظيفة وهذه المسؤولية من باب القضاء والقدر فالله تعالى قضى وقدر أن تكون طبيعة الرجل الجسدية والفسيولوجية على نحو توجب عليه أن يقوم بهذه الوظيفة وهي مسؤولية كبيرة يتحملها الزوج ويتعرض بسببها للمحاسبة والمسائلة. ان الله تعالى يحاسب الزوج حساباً شديداً اذا اتخذ قراراً في حق اسرته منطلقاً من أهوائه وشهواته، قال رسول الله «ص»: «من سنّ سنّة سيّئة فعليها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

ان وظيفة اتخاذ القرار وظيفة صعبة ومسؤولية كبرى تحملها الزوج وهو مسؤول عنها، قال تعالى: (وقفوهم انّهم مسؤولون)، وأشفق الله تعالى على المرأة فأعفاها منها وأراح بالها، وهذا هو معنى قوامة الرجل الواردة في القرآن الكريم: (الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله). والفضل هنا ليس معناه أن يكون الرجل افضل من المرأة انما الفضل هنا بمعنى الزيادة قالت العرب: فضل الشيء: زاد، واستفضل فلان الشيء: أخذه زائدا على حقه، والفاضل: الباقي زائداً على الحاجة، والفضل: الزيادة على الاقتصاد وما بقي من الشيء والفضلة الزيادة وما بقي من الشيء: فيقول الله تعالى (بما فضّل الله)، أي بما أراد الله في تركيب الرجل الجسدي والفسيولوجي من خصائص توجب عليه أن يقوم بمسؤولية اتخاذ القرار.

واذا أعطى الإسلام وظيفة اتخاذ القرار للزوج فانه دعاه إلى تحري ما يحقق مصلحة الاسرة، وأن لا يستبد برأيه، فمثلاً اذا اراد الزوج أن يتخذ قراراً يتعلق بالطفل الرضيع وهو فطامه قبل الحولين، فان هذا القرار يجب أن يتخذه الزوج بالتشاور مع زوجته بما يحقق مصلحة الطفل، فإن تراضياً على فطامه قبل الحولين فهو القرار المناسب، وإن تراضيا على الاستمرار بإرضاعه إلى تمام الحولين، فهو القرار المناسب أيضاً، وان اختلفت وجهات النظر بينهما، فحكم الإسلام هو ارضاعه إلى تمام الحولين فإن رضيت الزوجة بذلك قامت بإرضاعه ويجب على الزوج أن ينفق على الزوجة والطفل، ويوفر لهما الطعام واللباس، وان رفضت الزوجة ارضاع الطفل اتخذ الزوج قراراً بطلب مرضعة للطفل ترضعه إلى تمام الحولين، قال تعالى: (والوالداتُ يُرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد ان يتمّ الرضاعة وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف لا تُكَّلف نفس إلاّ وسعها لا تُضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن ارادا فصالاً عن تراض وتشاور فلا جُناح عليهما).

3ـ التعاون بين الزوجين على شؤون الحياة:

أكد الإسلام على روح التعاون بين الزوجين في جميع شؤون الحياة، من أجل بناء اسرة صالحة، وحرص الإسلام على أن يشعر كل من الزوجين أن شريك حياته لا يظلمه ولا يجور عليه ولا يتسلط عليه، لأن هذا الشعور له أهمية كبيرة في بناء الاسرة الصالحة. أن أيّ اسرة يسود فيها هذا الشعور هي أسرة صالحة، وهي اسرة مستقرة، وهي اسرة تكون موضعاً لنزول البركة الالهية والرزق.

ومن أهم صور التعاون بين الزوجين هو الرضا بحياتهما، والصبر على قساوة الحياة، ومواجهة المحن بالتعاون وبروح مطمئنة، فإذا رأت الزوجة جزع زوجها هوّنت عليه المحنة وأعانته، واذا رأى الزوج جزع زوجته هوّن عليها وهدّأ روعها. جاء رجل إلى رسول الله «ص» فقال: إنّ لي زوجة اذا دخلت تلقّتني، واذا خرجت شيّعتني، واذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمك؟ ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك، وان كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله همّاً. فقال رسول الله «ص»: «بَشّرها بالجنّة وقل لها: إنّك عاملة من عُمّال الله ولك في كل يوم أجر سبعين شهيداً».

ومن صور التعاون بينهما أن لا يتخلى أحدهما عن الآخر وقت الشدة لأن حياتهما شركة في السعادة والألم وفي الحلو والمر وفي الغنى والفقر. ومن صور التعاون أن يساعد أحدهما الآخر في شؤون المنزل فكانت فاطمة «عليها السلام» تطحن الشعير وتدير الرحى بيدها وتصنع أقراص الخبز بنفسها، وكان علي «عليه السلام» يساعدها في ذلك اضافة إلى مسؤولياته في كسب الرزق والجهاد في سبيل الله، فكان «عليه السلام» يعاونها على طحن الشعير واعداد الطعام. عن الامام الصادق «عليه السلام» أن رسول الله «ص» قسّم شؤون المنزل بين علي وفاطمة «عليها السلام» فقضى على فاطمة بالعمل في المنزل إلى ما دون الباب، وقضى على علي بالعمل بما خلف الباب، فقالت فاطمة «عليها السلام»: «فلا يعلم ما دخلني من السرور إلاّ الله بإكفائي رسول الله تحمّل ارقاب الرجال».

كان علي «عليه السلام» جندياً مجاهداً في سبيل الله، وكان عاملاً كادحاً يكسب قوت أسرته وكانت فاطمة «عليها السلام» تدبر شؤون المنزل وتعد الطعام برضا واخلاص.. فكانت تطحن بالرحى حتى مجلت يداها وتكنس البيت وتوقد النار حتى اغبرّت ودكنت ثيابها. وكان الحسن والحسين «عليهما السلام» يشاهدان هذه الروح الطيبة في التعاون بين الزوجين فكانا على منوال أبويهما في تكوين الاسرة الصالحة. إنّها مدرسة الإسلام والمثل الأعلى في بناء الاسرة الصالحة.

4ـ تحمّل كل من الزوجين ما يصدر من شريك حياته:

أكد الإسلام على أن يكون كل من الزوجين مستعداً لتحمل ما يصدر من شريك حياته في ساعة انفعال، او تصرف خاطىء يصدر في لحظة جهل، لأن الإسلام يريد أسرة مترابطة. قال رسول الله «ص»: «من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر ما أعطى أيوب على بلائه، ومن صبرت على سوء خُلُق زوجها اعطاها الله من مثل ثواب آسية بنت مزاحم». وقال أبو جعفر «عليه السلام»: «من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة اعتق الله رقبته من النار وأوجب له الجنة» وقال الصادق «عليه السلام»: خير نسائكم التي ان غضبت او اغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني». وقال «عليه السلام» في جوابه عن حق المرأة على زوجها: «وأن جهلت غفر لها».

كل ذلك من أجل ان تصفو الحياة بين الزوجين، ويكون عش الزوجية مهيئاً لاحتضان الابناء وتكوين أسرة صالحة.

5

المرحلة الثالثة: مرحلة تكوين الولد في رحم الأم:

شملت توجيهات الإسلام وأحكامه في بناء الاسرة الصالحة كافة جوانب هذه المرحلة، ومنها:

1ـ حرص الإسلام على أن يكون الولد المتكون في رحم الام سليماً من العاهات الجسدية والعقلية، ومن أجل أن يتحقق ذلك دعا الام والأب إلى الالتزام بالأمرين التاليين، الأول: التوجه بالدعاء إلى الله تعالى أن يجعل الولد سليماً معافى من العاهات، وهذا الدعاء له آثار روحية كبيرة على الام، وتنعكس هذه الآثار الروحية على الجنين بإذن الله تعالى، فيأتي صالحاً سليماً من كل عاهة. والثاني: الابتعاد عن المؤثرات المادية التي تؤدي إلى احداث تشوهات جسدية وعقلية في الجنين، كشرب الخمر، او تعاطي المرأة الحامل الدخان أو انواع المخدرات.

2ـ حرص الإسلام على الاستقرار النفسي للأم أثناء الحمل، ومن أجل أن يتحقق ذلك أكد على أن تكون الأم مؤمنة عفيفة تبتعد عن الآثام ولا تفعل أمرا يسخط الله، ولا ترتكب ذنباً ولو كان في السر. انّ الام العفيفة المؤمنة يكون رحمها بيئة طيبة لولدها، والأم البعيدة عن الإيمان، التي لا يضبط أفعالها دين ولا أخلاق يكون رحمها بيئة خبيثة لولدها فكل ذنب أو خيانة تمارسها الأم ينعكس تأثيرها على الجنين في رحمها «السعيد سعيد في بطن امّه، والشقي شقي في بطن اُمّه»، وقال الامام الصادق «عليه السلام» «طوبى لمن كانت اُمّه عفيفة» وقال الله تعالى: (وتقلّبك في الساجدين) فعن أبي جعفر «عليه السلام» في معنى هذه الآية: أي تقلبك في أصلاب الموحّدين نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صُلب أبيه من نكاح غير سفاح.

وقد أشار الطبيب النفسي توماس فري في كتابه «الحياة السرية للطفل قبل الميلاد» إلى أن الجنين يتلقى اشارات سرية من الام يفهمها ويستوعبها سواء كانت اشارة خوف أم كراهية أم حب أم قلق، وذكر دليلاً على ذلك عدداً من الحوادث، لا مجال لذكرها في هذا البحث. وأكد في نهاية دراسته أن هناك قنوات اتصال سرية بين الأم وطفلها، وأن على الأم أن تكون شديدة الانتباه لما ترسلها لطفلها الجنين.

3ـ حرص الإسلام على سلامة الغذاء الذي تتناوله الام ويتغذى عليه الجنين، ومن أجل أن يتحقق ذلك اكد على أن تبتعد الأم عن الأطعمة والأشربة المحرمة كالميتة ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله والخمر وسائر أنواع المسكرات، وكذلك الاطعمة والأشربة التي تأتي من المكاسب المحرمة أو المتجارة بالمحرمات، ان نوع الطعام يؤثر على الإنسان نفسياً وجسدياً، عن الصادق «عليه السلام»:« ان الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلاّ لما فيه من المنفعة والصلاح، ولم يُحرّم أكلاً ولا شرباً إلاّ لما فيه من الضرر والفساد». وعن النبي «ص»: «أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر، فإن ولدها يكون حليماً تقيّاً».

6

المرحلة الرابعة: مرحلة مجيء الولد إلى أن يبلغ ثلاث سنوات من العمر:

تُعدّ هذه المرحلة من أهم مراحل بناء الأسرة الصالحة، وتأتي أهميتها من ناحيتين، الاولى: كونها بداية تكوين اسرة لان وجود الاب والأم لا يُكوّنان اسرة كاملة إلاّ بمجيء الابناء: والثانية: كون هذه المرحلة من عمر الابناء من أخطر المراحل في حياتهم، وهي الاساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان في جميع مراحل حياته. وقد اهتم الإسلام بهذه المرحلة في حياة الاسرة، وقسم مسؤولياتها بين الأم والاب، وجعل أعظم المسؤوليات فيها على عاتق الأم، فمن مسؤوليات الأم في هذه المرحلة:

1ـ حضانة الطفل وارضاعه:

قال الله تعالى: (والوالداتُ يُرضعن أولادهنّ حولين كاملين) قال المفسّرون: (يرضعن أولادهنّ) صيغته صيغة الخبر، والمراد به الامر أي ليرضعن أولادهن، كقوله (يتربّصنّ بأنفسهنّ) وقيل هو خبر بمعنى الامر، وتقديره: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين في حكم الله الذي أوجبه على عباده. فلولا أهمية الحضانة والرضاعة في حياة الطفل خلال هذين العامين لما جاء الأمر من الله تعالى للأم أن تؤدي هذه الوظيفة الخطيرة.

ولا يحقّ للام أن تعطل هذه الوظيفة بحجة الخروج إلى الكسب وتوفير مستلزمات المعيشة، لان الإسلام أعفى الزوجة من هذه الوظيفة نظراً لأهمية وظيفتها في الحضانة والرضاعة.واذا قلت: المرأة قد تضطر في هذه المرحلة إلى الخروج للكسب والعمل قلت: في المجتمع المسلم لا تضطر إلى ذلك، لأن أحكام الإسلام ألزمت الزوج بالانفاق عليها وعلى طفلها في حياته، وألزمت الوارث بالانفاء عليها وعلى طفلها بعد وفاته وألزمت الدولة ـ اذا غاب الوارث ـ بالانفاق عليهما.

ولا يحقّ للأم أن تعطل هذه الوظيفة بحجة الخروج للتعلم والدراسة، لأن مرحلة التعلم والدراسة تكون سابقة على الأمومة، وما تتعلمه المرأة قبل أن تصبح اُمّا كاف في اعدادها لأن تكون اُمّا واعية. ان المرأة في المجتمع المسلم تتعلم لهدف أعظم وأهم من الكسب والعمل، انّها تتعلم للقيام بوظيفة الامومة، أي وظيفة التربية في الأسرة التي تسهم في بناء المجتمع الرسالي الذي يقوم بوظيفة الاستخلاف في الأرض.

ولا يعني هذا حرمان المرأة من التعلم والدراسة بعد الزواج، فلا مانع من مواصلة دراستها اذا اتفقت مع زوجها على تأجيل الانجاب حتى تنتهي من دراستها. والخلاصة أن المرأة اذا اصبحت اُمّاً بالانجاب فلا يحق لها أن تعطل وظيفتها الرئيسة في الحضانة والارضاع.

ولا يحق للأم أن تعطل هذه الوظيفة بحجة الخروج للعمل السياسي، لأن وظيفة الامومة في الحضانة والارضاع وظيفة بناء اسرة صالحة، وبناء مجتمع صالح والعمل السياسي أو الاجتماعي وظيفة اصلاح، والبناء أهم من الاصلاح.

ان الام اذا عطّلت وظيفة الامومة فهي أمام واحد من الخيارات التالية:

الاول: أن تترك الطفل بيد الخادمة أو المربية.

والثاني: أن تترك الطفل في الحضانة.

والثالث: أن تترك الطفل عند أحد ارحامها، كأمّها أو اختها أو خالتها مثلاً، وفي جميع هذه الخيارات يكون الطفل محروماً من امه، وهذا الامر ـ وهو حرمان الطفل من امه ـ له آثار سلبية في حياة الطفل، وتكون الام مسؤولة أمام الله وامام المجتمع عن كل انحراف يظهر في حياة الطفل صبياً ويافعاً وشاباً ورجلاً، قال الامام الرضا «عليه السلام»: «يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق».

انّ الطفل لا يرضع لبن أمه فقط خلال العامين، بل يرضع الطفل من امّه ـ اضافة إلى لبنها ـ حب الخير والشجاعة والخصال الحميدة، ويتعلم منها الكلمات الاولى التي يكون لها أثر كبير في حياته. ان الكلمات الاولى التي يتعلمها الطفل يمكن ان تكون كلمات في الخير والحب والشجاعة وحب العلم، يتعلمها من أمه، ويمكن أن تكون كلمات في الإنحراف والجريمة والشر والخوف يتعلمها من الخادمة أو المربية أو الحاضنة.

انّ الطفل يرضع من وجود امّه معه خلال العامين ـ اضافة إلى لبناها ـ المعاني التي ترسم له خط الحياة في سنوات عمره المقبلة. وقديماً قالت العرب ـ اذا أرادت ان تتعجب من شجاعة شخص أو من علمه أو غير ذلك من الصفات التي تثير الاعجاب ـ «لله درّه من شجاع» أو «لله درّه من عالم».. والدر هو لبن الام، فقولهم «لله دره من شجاع» معناه: أعجب من لبن أمه الذي جعل منه شجاعاً أو عالماً.. وقيل لوالدة الشيخ الانصارى «قدس سره»: إنّ ابنك قد أصبح مرجعا للمسلمين، قالت: والله لو قلتم أن ولدك أصبح نبياً ما كنت لأتعجب، فسُئلت عن السبب فقالت: لأنّني كنت أتوضأ وأقرأ القرآن قبل أن ارضعه حتى فطمته.

ان الام عندما تتفرغ لوظيفة الامومة في الحضانة والإرضاع وتعطل كلّ وظيفة اخرى تحظى بمكانة ومنزلة كبيرة عند الله وفي المجتمع، ان منزلتها تكون بمنزلة الرجل المجاهد في سبيل الله العامل في سبيله العابد الصائم المنفق في سبيله، قال رسول الله «ص» لامرأة سألته عن منزلة المرأة التي تقوم بوظيفة الامومة: «أما ترضين إحداكنّ أنّها اذا حملت من زوجها وهو عنها راض كان لها أجر الصائم القائم في سبيل الله، فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء والأرض ما أخفي لها من قرّة أعين، فإذا وضعت لم يجرع ولدها من لبنها جرعة، ولم يمص مصّة إلاّ كتب لها لذلك حسنة».

وقال «ص» في مناسبة اخرى: «يا أمّ سلمة انّ المرأة إذا حملت كان لها من الأجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله عزّوجلّ، فإذا وضعت قيل لها: قد غفر لك ذنبك فاستأنفي العمل، فإذا رضعت فلها لكل رضعة تحرير رقبة من ولد اسماعيل»، فاذا علمنا هذا عرفنا معنى ما جاء في الأثر: «الجنّة تحت أقدام الأمّهات».

2ـ تعليم الطفل اللغة:

الوظيفة الثانية للأم في هذه المرحلة أن تعلم طفلها الكلمات الاولى إلى أن يكون قادراً على تكوين جملة بسيطة. وقد أثبتت الدراسات أن الطفل من الشهر السادس إلى الثامن يحاول أن ينطق أولى الكلمات مثل: بابا، ماما... وفي الشهر العاشر يكون قادراً على نطق كلمة ذات معنى، ثمّ تزيد إلى ثلاث وأربع كلمات عند نهاية السنة الاولى. وفي الشهر الثامن عشر يكتسب الطفل حوالي عشر إلى عشرين كلمة ذات معنى، وحينما يصل الطفل إلى سنتين ونصف يكون قادراً على تكوين جملة بسيطة، وتستمر الام في ذلك إلى أن يبلغ الطفل ثلاث سنوات من عمره حيث يكون لديه حصيلة من الكلمات قدّرها الباحثون بـ 980 كلمة. والام الواعية تختار الكلمات والجمل التي تعلمها لطفلها، والتي يكون لمعانيها آثار حسنة في حياته.

3ـ تعليم الطفل الخطأ والصواب:

الوظيفة الثالثة للأمّ في هذه المرحلة أن تعلم طفلها الخطأ والصواب في الممارسات والافعال التي يقوم بها الطفل، مثل لمس النار أو الطعام الحار أو التقاط الاشياء من الارض ووضعها في الفم أو ضرب اخوانّه أو ابناء الجيران أو العبث بممتلكات الآخرين عند زيارة الجيران أو الاصدقاء أو غير ذلك من الممارسات والافعال.

أما مسؤوليات الاب في هذه المرحلة فهي قليلة وبسيطة ولا تساوي 10% من وظيفة الام ومن مسؤولياته في هذه المرحلة:

1ـ في اليوم الاول من ولادة الطفل يؤذّن الاب في اذنه اليمنى ويقيم في اذنه اليسرى لتكون كلمة التوحيد أو كلمة يسمعها الطفل في حياته الجديدة، وقد جعل الله تعالى جهاز السمع عند الطفل قادراً على العمل من أول ساعة يخرج فيها الطفل من بطن امه، ولذلك قدم الله ذكر السمع على البصر في الآيات القرآنية التي تحدثت عن خلق الإنسان، قال تعالى: (والله اخرجكم من بطون اُمّهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة لعلّكم تشكرون) وقال تعالى: (وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والافئدة) وقال تعالى: (قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة).

2ـ أن يختار الاب للطفل اسماً جيداً ولا يعذر الاب اذا اختار للطفل اسماً يسبب له آثاراً نفسية في حياته قال رسول الله «ص»: «من خلق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه اذا بلغ».

3ـ ان يعقّ عنه في اليوم السابع، ويطعم من عقيقته المحتاجين من المسلمين.

4ـ أن يحلق رأسه في اليوم السابع، ويتصدق بزنة شعره فضة أو ذهباً.

5ـ أن يختنه، وأفضل الأوقات اليوم السابع بعد الولادة.

6ـ أن ينفق على زوجته وطفله بما يكفيهم من المأكل والمشرب والملبس.

7ـ أن يشعر طفله بحنانه وحبه، قال رسول الله «ص»: «اذا نظر الوالد إلى ولده فسّره كان للوالد عتق نسمة، قيل: يا رسول الله وإذا نظر ثلاثمائة وستين نظرة، قال: الله اكبر»، وقال الامام الصادق «عليه السلام» «أكثروا من قبلة اولادكم فإنّ لكم بكل قبلة درجة في الجنّة»، وقال أيضاً: «ان الله عزّ وجل ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده».

8ـ أن يتعاون مع الام في تعليم الطفل اللغة.

7

المرحلة الخامسة: مرحلة تربية الولد من سن ثلاث إلى خمس سنوات:

انّ الطفل في هذه المرحلة ما يزال بحاجة إلى أمّه، لأن هذه المرحلة تعدّ مكملة للمرحلة السابقة، انّ وجود الأمّ إلى جانب طفلها في هذه المرحلة لا يقل أهمية عن وجودها معه في المرحلة السابقة، فالطفل في هذه المرحلة بحاجة إلى أن يشم ريح أمه ويحس بأنفاسها ويسمع دقات قلبها ويرى وجهها، وتنطبع على نفسه ابتسامتها وينام في حضنها كالعصور الآمن.

ان مسؤوليات الامّ نحو طفلها في هذه المرحلة كثيرة، وأهمها:

1ـ تعليم الطفل أصول الدين بشكل بسيط:

تعلم الام طفلها ـ اذا بلغ ثلاث سنوات من العمر ـ جملة (لا إله إلاّ الله)، وتعدّ هذه الجملة أساس التوحيد، وتعلمه على مدى ثمانية أشهر تقريباً جملاً مرتبطة بالتوحيد، مثل: الله واحد، الله ربّنا، الله خالقنا، الله خالق الشمس، الله خالق النهار، الله خالق الليل، الله خالق السماء، الله خالق الشجر، الله خالق الماء... إلى آخر ذلك من الموجودات المحسوسة في محيط الطفل. ويجب أن تكون الأم واعية ومستعدة للاجابة عن جميع أسئلة الطفل، ويمكن أن تعلمه التوحيد بشكل حسي، فمثلاً تعطيه مكعبات وتطلب منه أن يصنع منها شيئاً، وبعد ذلك تسأله: من صنع هذا؟ فيقول: أنا صنعته، فتفول: أنا وأنت صنعنا الله، أنا وأنت خلقنا الله، القطة خلقها الله، الشمس خلقها الله... الخ.

وتستمر الام في تعليم الطفل أساسيات التوحيد حوالي ثمانية أشهر، كما جاء في الحديث المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله ـ عليهما السلام.

وتعلم الام طفلها ـ اذا بلغ ثلاث سنوات وثمانية أشهر تقريباً ـ جملة (محمد رسول الله) وتعده هذه الجملة أساس النبوة. وتستمر الأم في تعليمه جملاً اخرى مرتبطة بهذه الجملة، مثل: محمد نبينا، ويرافق ذلك أن تحي الام للطفل قصة حياة النبي محمد «ص» بشكل بسيط، ومثل جملة: الإسلام ديننا، القرآن كتابنا، المسلمون اخواننا، المسلمات اخواتنا...

وتستمر الام على هذا حتى يبلغ الطفل الرابعة من عمره، فإذا بلغ الرابعة علّمته الأم جملة (اللهم صلّ على محمد وآل محمد) وتعد هذه الجملة أساس الامامة، وتعلمه الام جملا اخرى مرتبطة بهذه الجملة، مثل: نحن نحبّ آل محمد، أنا أحب آل محمد، بابا يحب آل محمد، آل محمد أئمتنا. ويرافق ذلك ان تعلمه الأم أسماء الائمة من آل محمد «ص»، وتحكي له شيئاً يسيراً من حياة كلّ منهم، وتحاول أن تجعل هؤلاء الائمة مثل الطفل الأعلى في الإيمان بالله، والشجاعة، والصدق والامانة، وبرّ الوالدين، وحبّ الناس والإحسان اليهم، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وتستمر الأم على هذا حتى يبلغ الطفل الخامسة من عمره.

2ـ تعليم الطفل اللغة:

تستمر مسؤولية الأم في تعليم طفلها اللغة في هذه المرحلة فتعلمه مزيدا من المفردات ومن الجمل البسيطة والمركبة وتتأكد مسؤوليتها اذا كانت الاسرة تعيش في بلاد الغرب. ان الدراسات الحديثة أثبتت ان الطفل من ثلاث إلى خمس سنوات يكون قادرا على تعلم ألفين إلى ثلاثة آلاف كلمة ويكون قادراً على استعمالها في جمل بسيطة ومركبة. انّ الطفل اذا تعلم اللغة بطريقة صحيحة ينشأ نشأة سوية، يتمتع بشخصية قوية، وبثقة عالية بالنفس.

3ـ تعليم الطفل التصرفات الاجتماعية والعادات الصحية السليمة:

تعلم الام في هذه المرحلة طفلها بعض التصرفات الاجتماعية الصحيحة، مثل: السلام على الناس، ورد السلام عليهم، وقول (الحمد الله) لمن يقول له: كيف حالك؟ واحترام الكبير. وغير ذلك من التصرفات الاجتماعية السليمة، وتعلمه بعض العادات الصحيحة السليمة مثل: غسل اليدين قبل الأكل وبعده وعدم رمي الاوساخ في البيت أو الشارع، وتنظيم الاسنان بعد الاكل وقبل النوم وغير ذلك من العادات الصحية السليمة، ان هذه المرحلة تعدّ مكملة للمرحلة التي قبلها والأم التي تُقصّر في حقّ طفلها في هاتين المرحلتين لا تعجب اذا صار طفلها فيما بعد فاسداً أو منحرفاً أو عاقاً. قيل: ان امرأة سألت مربياً مشهوراً: ما هو الوقت المبكر الذي استطيع أن أبد فيه بتعليم طفلي؟ فسألها المربي: متى سيولد الطفل؟ فأجابت: إنّه الآن في الخامسة من عمره، فصاح المربي: ما تقولين أيتها السيدة؟ لا تقفي هنا وتتحدثي، أسرعي إلى البيت، لقد ضاعت منك أحسن سنواته الخمس.

وعلى الأب أن يساعد الام في تعليم الطفل أصول الدين واللغة، وأن يشعر الطفل بوجوده معه، وبحبه له، اضافة إلى مسؤولياته في توفير مستلزمات المعيشة للام والطفل.

8

المرحلة السادسة: مرحلة تربية الولد من سن خمس إلى سبع سنوات:

يطرأ في هذه المرحلة شيء من التغيير على وظيفة الام والأب، نظراً إلى ما يتميز به الطفل من أمور ففي هذه المرحلة تزيد مسؤولية الاب اذا كان الطفل ذكراً، وتزيد مسؤولية الام اذا كان الطفل انثى، لأن الطفل في هذه المرحلة يميل إلى تقليد الابوين، البنت تميل إلى تقليد امها، والولد يميل إلى تقليد ابيه وأهم مسؤوليات الاب والام في هذه المرحلة:

1ـ اذا بلغ الطفل الخامسة فانه يكون قادرا على الفهم والتمييز، ويشير إلى ذلك الحديث المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله ـ عليهما السلام ـ بأن الطفل يكون قادرا على تمييز يمينه من شماله. فان كان الطفل ذكرا اختصّ به أبوه، فيُعلّمه كيف يتوجه إلى القبلة، ويعمله جملة (الكعبة قبلتنا)، ويشرح له معنى القبلة.. وبعد مدة يطلب الاب من الطفل أن يسجد ويعلمه السجود... وبعد مدة يطلب منه أن يركع، ويعلمه الركوع.. وبعد مدة يطلب منه أن يركع ويسجد. ويستحسن أن يقف الطفل إلى جانب أبيه في الصلاة ولو يؤدي الركوع والسجود فقط. وتفعل الام ـ اذا كان الطفل اُنثى ـ كما فعل الاب.

2ـ أذا أنهى الطفل الخامسة ودخل في السادسة يعلمه الاب والام الاعتقاد بيوم القيامة ويعيدان عليه اصول الدين مع توضيح يناسب مستوى الطفل لكل اصل. ان على الاب والام ان يهتما غاية الاهتمام بتعليم طفلهما اصول الدين، وأن يوجهاه إلى الاعتقاد بها دون تقليد. وأن يبذلا قصارى جهدهما في تحقيق ذلك. ان اصول الدين هي الاساس الذي تُبنى عليه عقيدة المسلم، وعقيدة الإنسان هي المسؤولة عن توجيه تصرفاته وسلوكه وأفعاله جميعا. ويمكن أن يقال: ان المجتمع يقاس صلاحه وفساده بمقدار استيعاب أفراده أصول الدين واعتقادهم بها، وان المأساة التي تعيش فيها المسلمون هذا الوقت سببها تهاون الاسرة في تعليم أبنائها اصول الدين، وتغذيتهم بها، حتى تشربها نفوسهم وتتغذى بها أرواحهم، وتنمو عليها أجسادهم.

ويستحسن أن يقوم الاب بهذه الوظيفة سواء كان الطفل ذكر أم انثى، لأن الطفل في هذه السن قادر على الفهم والتمييز، فيفهم أن الأب هو ربّ الاسرة، وهو صاحب القرار فيها. واذا قصّر الأب في هذه الوظيفة قامت بها الأم.

3ـ من الخامسة إلى السادسة من عمر الطفل يقوم الاب والام متعاونين بتحفيظه بعض السور القصار من القرآن الكريم.

4ـ من الخامسة إلى السادسة من عمر الطفل تقوم الام بتعليمه الحروف العربية قراءة وكتابة، وتتأكد هذه الوظيفة اذا كانت الاسرة تعيش في بلاد الغرب. واذا قصرت الام فيها قام الاب بها.

5ـ اذا انهى الطفل السادسة من العمر فان كان ذكرا تولاه أبوه بتعليمه أجزاء الصلاة: تكبيرة الاحرام، الركوع، السجود، القراءة، القيام، التشهد، والتسليم. ويدعو الأب ابنه إلى الوقوف معه في الصلاة. ومتابعته في أفعالها ولا يؤمر بالوضوء وتفعل الام ـ اذا كان الطفل انثى ـ كما فعل الاب.

6ـ من السادسة إلى السابعة من عمر الطفل يعلمه الاب والام بالتعاون السيرة النبوية وشيئاً من سيرة الائمة «عليهم السلام» بما يناسب مستواه ويحفظانه بعض السور القصار من القرآن الكريم.

7ـ من السادسة إلى السابعة من عمر الطفل يقوم الابوان بإرساله إلى المدرسة، وتكوين مسؤوليتهما متابعته بعد المدرسة وتصحيح السلوكيات الخاطئة التي يكتسبها من محيط المدرسة.

8ـ واذا كانت الاسرة تعيش في بلاد الغرب فإن الاب والأم مسؤولان عن عن تعليم طفلهما اللغة العربية بالتعاون.

9ـ اذا أكمل الطفل سبع سنوات من العمر، فان كان الطفل ذكرا علّمه أبوه الوضوء، ولا يحاسبه عليه، ويكفي أن يغسل الطفل وجهه ويديه، وفي هذه السن يؤمر بالصلاة، ويُعلّم عدد الصوات وأوقاتها وعدد ركعات كل صلاة. وتفعل الام ـ اذا كان الطفل انثى ـ كما فعل الاب.

10ـ في هذه المرحلة يكون الاب والام مستعدين للاجابة عن جميع أسئلة الطفل المعقولة وغير المعقولة بصبر وأناة، وبإسلوب بسيط، لأن الطفل في هذه المرحلة تكون عنده الرغبة العارمة في معرفة ما يرى وما يسمع، فينتج عن ذلك رغبة شديدة في الإكثار من الأسئلة عن كل ما يراه ويسمعه.

وينبغي التنبيه إلى أن هناك اموراً مهمة يجب ان يراعيها الأب والام في هذه المرحلة، وهي:

1ـ عدم التشاجر والاختلاف أمام الطفل.

2ـ الصبر على أسئلة الطفل وتصرفاته.

3ـ أن لا يباشر الاب والام المقاربة الجنسية أمام الطفل. قال رسول الله «ص»: «والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشى امرأته وفي البيت صبيّ مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبداً، ان كان غلاماً كان زانياً أو جارية كانت زانية».

4ـ أن يكونا صادقين في وعودهما للطفل. روي عن عبدالله بن عامر أنه قال: جاء رسول الله «ص» إلى بيتنا وأنا صبي صغير، فذهبت لألعب، فقالت أمي: يا عبدالله تعال حتى اعطيك، فقال النبي «ص»: ما أردت أن تُعطيه؟ فقالت: تمراً. قال رسول الله: أما انّك لو لم تفعلي ذلك لكتبت عليك كذبة. وقال «ص»: «أحبّوا الصبيان وارحموهم واذا وعدتمومهم ففوا لهم».

5ـ أن لا يظهرا أمامه خلاف ما يأمرانه به، فاذا قالا له مثلاً: لا تكذب، فيجب أن لا يكذب أحدهما أمامه، واذا قالا له: لا تسمع الغناء، فيجب أن لا يراهما يسمعان غناء.

9

المرحلة السابعة: مرحلة تربية الطفل من سن سبع إلى تسع سنوات:

ان هذه المرحلة تعدّ مكملة للمرحلة السابقة، لذلك فإن مسؤوليات الاب والام في المرحلة السابقة تستمر في هذه المرحلة مع التأكيد على ما يلي:

1ـ اذا بلغ الطفل تسع سنين يُعلّم الوضوء كاملاً ويحاسب عليه ويؤمر بالصلاة ويُحاسب عليها، ويجوز تأديبه بالضرب اذا قصّر في ذلك، كما ورد في الحديث المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله ـ عليهما السلام: «ثم يُترك حتى يتم له تسع سنين، فاذا تمت له عُلّم الوضوء وضرب عليه، واُمر بالصلاة وضُرب عليها».

2ـ اذا أتمّت البنت تسع سنين اخبرتها امّها أنّها اصبحت مكلفة، ويجب عليها ما يجب على النساء من الحجاب وعدم مخالطة الرجال، وعلمتها الوضوء، وأمرتها به، وأمرتها بالصلاة وحاسبتها عليها.

10

المرحلة الثامنة: مرحلة التأديب من سن تسع إلى خمس عشرة:

تسمى هذه المرحلة بمرحلة التاديب كما ورد في الحديث عن الصادق «عليه السلام»: «ويؤدّب سبعاً»، وقال «عليه السلام»: «ثمّ ضمّه اليك سبع سنين فأدّبه بأدبك».

والادب هو الترويض والتذليل، قالت العرب: أدب الاب ابنه: راضه على محاسن الأخلاق والعادات، ودعاه إلى المحامد. وأدب فلان، يأدب أدباً: راض نفسه على المحاسن. وأدّب الدابة: روّضها وذلّلها. وتأدب بأدب القرآن، أو أدب الرسول: احتذاه، والأدب: رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي.

ان مسؤوليات الاب والام في هذه المرحلة لا تخرج عن معاني التأديب التي مر ذكرها، وأهمها:

1ـ تعليم الولد أو البنت الأخلاق الحسنة بالتدريس والترويض والممارسة، والافضل أن يرجع الاب والام إلى كتب الاخلاق.

2ـ تبصير الولد أو البنت بأن الله تعالى أكرمه بالاسلام، وبأنه على الصراط المستقيم، وأن الممارسات السلوكية الخاطئة التي يراها من غير المسلمين في دول الغرب والشرق، هي ممارسات لا يقبلها الإسلام، وأنّها ناتجة عن الضياع والضلال الذي يعيش فيه هؤلاء في الغرب والشرق.

3ـ تعليم الولد أو البنت القرآن الكريم قراءة وتجويداً وحفظاً.

4ـ تعليم الولد أو البنت الأحكام الفقهية التي يحتاج اليها في حياته.

5ـ تدريس الولد أو البنت العقائد، والأفضل أن يعتمد الأب والأم كتاباً في العقائد مثل كتاب (عقائد الامامية للشيخ المظفر).

6ـ تدريس الولد أو البنت سيرة الرسول محمد «ص»، وسيرة الائمة الاثنى عشر «عليه السلام» والافضل أن يعتمد الاب والام كتاباً في السيرة النبوية، وكتاباً في سيرة الائمة الاثنى عشر.

7ـ اذا أكمل الولد أو البنت الثانية عشرة من العمر زادت عناية الاب والام بهما، وأفضل ما يقوم به الأب والأم في هذه السن:

أ ـ احاطة الولد أو البنت بجو روحي صادق، فيرغّبانهما في الصلوات المستحبة، كصلاة الليل والنوافل، ويوقظانهما لصلاة الفجر، ويرغبانهما في بعض العبادات المستحبة كقراءة القرآن وصيام الإثنين والخميس.

ب ـ غرس الخوف من الله والخشية منه في نفس الولد أو البنت وتحذيره من سوء الحساب يوم القيادمة.

ج ـ غرس حب الله وحب النبي وحب أهل بيته الاطهار في نفس الولد أو البنت.

د ـ توجيه الولد أو البنت إلى اتخاذ مثل أعلى له في حياته، كالرسول «ص» أو الائمة الاطهار «عليهم السلام» أو فاطمة الزهراء «عليها السلام» أو زينب «عليها السلام».

هـ ـ توجيه الولد إلى أن يشغل اوقات فراغه بالألعاب المباحة، كأنواع الرياضة والسباحة مع الحرص على اختيار الصديق الصالح، وتوجيه البنت إلى أن تشغل اوقات فراغها ببعض ا لاعمال المناسبة لجنسها، كالتطريز والخياطة والحياكة، وعمل بعض الأكلات بالاعتماد على كتاب الطبع مثلاً.

8ـ محاسبة الود أو البنت محاسبة مستمرة على دراستهما وعلى وقتهما وعلى أصدقائهما وعلى عبادتهما وعلى سلوكياتهما وتعاملهما مع الآخرين. ويجب أن لا يتردد الأب أو الام في المحاسبة بحجة مراعاة شعور الولد أو البنت، لأن هذه المرحلة هي مرحلة الترويض والتذليل والتهذيب، وقد وصف النبي «ص» حياة الولد أو البنت في هذه المرحلة بصفة العبودية، قال «صلى الله عليه وآله»: «الولد سيّد سبع وعبد سبع»، ويعني أن يحاسب الوالدان ابنهما أو بنتهما في هذه المرحلة كما يحاسب السيّد عبده على كل عمل خاطىء يقوم به ويجب ان لا يؤجل الأبوان المحاسبة عن وقتها الضروري.

9ـ اذا بلغ الولد أو البنت الرابعة عشرة من العمر اختص الاب بالولد، واختصت الام بالبنت، لأن هذه السن هي بداية مرحلة الاختصاص.

11

المرحلة التاسعة: مرحلة الاختصاص من سن 15 إلى 21:

تسمّى هذه المرحلة بمرحلة الاختصاص، كما ورد في الحديث عن الصادق «عليه السلام»: «ويؤدّب سبعاً، وألزمه نفسك سبع سنين»، وكما ورد عن رسول الله «ص»: «الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين».

ومعنى الاختصاص أن يختص الاب بالولد وأن تختص الام بالبنت. ولا يعني الاختصاص أن تكون هناك حدود لاختصاص الاب لا يجوز تجاوزها إلى اختصاص الام أو بالعكس بالنسبة إلى الام، ان معنى الاختصاص في هذه المرحلة ان يختص الاب بالولد ليعدّه إلى دور الرجال، بما تعني كلمة (الرجولة) من معان ويكون للام دور في رعاية اولد وتوجيهه، وأن يختص الام بالبنت لتعدّها إلى دور النساء بما تعني كلمة (الانوثة) من ابعاد ويكون للاب دور في رعاية البنت وتوجيهها.

وفي هذه المرحلة امور يجب ان ينتبه اليها كل من الاب والام ويأخذوا بها، واهمها:

1ـ تعد الام ابنتها إلى أن تكون زوجة صالحة، وأماً واعية، لتأخذ وظيفتها في بناء الاسرة المسلمة الصالحة. ويعدّ الاب ابنه إلى أن يكون زوجاً صالحا وربّ اسرة مسؤولاً، ليأخذ دوره في بناء الاسرة المسلمة الصالحة.

2ـ يجعل الاب من نفسه صديقاً لابنه، وتجعل الام من نفسها صديقة لابنتها، حتى يطمئن الولد إلى أبيه ويثق به وتطمئن البنت إلى امها وتثق بها فيكشف الولد إلى ابيه والبنت إلى امها عما يجول في نفسيهما من خواطر وأفكار، وعما يتعرضان له من مشكلات ويصارحانهما برغباتهما وأمنياتهما، وينبغي أن يصغي الأب والأم إليهما ويقدّران كلّ كلام يصدر منهما.

3ـ يصحب الاب ابنه إلى المناسبات العامة، والاحتفالات الدينية، ومجالس القرآن والذكر، مع توفر القناعة لدى الولد بحضور مثل تلك المناسبات والاحتفالات والمجالس. وتصحب الام ابنتها إلى مجالس النساء في الاحتفالات الدينية والمناسبات العامة، والمحاضرات والندوات الخاصة بالنساء، مع توفر القناعة لدى البنت في حضور تلك الاحتفالات والمناسبات والمحاضرات والندوات.

4ـ يحاول الاب ان يجعل ابنه يشعر بأنه قادر على المشاركة في ابداء الرأي، وفي المناقشات الفكرية ويتم ذلك عن طريق طرح موضوع فكري أو اجتماعي للمناقشة، واشراك الولد في النقاش وعن طريق أخذ رأي الولد في أغلب الامور التي تهم الاسرة، وان كان القرار النهائي بيد الاب. وتحاول الأمّ أن تفعل مع ابنتها كما فعل ا لاب، مع مراعاة دور البنت في أن تصبح شريكة زوجها في بناء الاسرة المسلمة الصالحة.

5ـ تعدّ هذه المرحلة مناسبة لزواج البنت والولد فالبنت تكون صالحة للزواج ابتداء من اكمالها الرابعة عشرة من عمرها، فاذا تهيأت لها فرصة الزواج من كُفء ممن يرتضى خلقه ودينه فلا يتردد الاب والام في تزويج البنت، بعد أن تتوفر لدى البنت القناعة بالزواج المبكر. قال رسول الله «ص»: «من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته»، وقال الامام أبو جعفر «عليه السلام»: «من خطب اليكم فرضيتم دينه وأمانت كائنا من كان فزوجوه إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

ولا يقول الأم أو الأم: ان البنت مازالت في مرحلة الدراسة ولا تصلح الآن للزواج، ان من يقول هذا القول لابد من أن تتعرض ابنته إلى واحد من الامور التالى:

الامر الاول: أن تبقى البنت حتى تكمل دراستها ثم تتزوج، وفي هذا الامر جملة من المساوىء، منها: ضياع فرصة الزواج من كفء صاحب دين وخلق، قال الباقر عليه السلام: «إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، ومنها: أن تكتسب البنت من محيط المدرسة والجامعة أموراً تجعل منها امرأة صعبة الانقياد والطاعة لزوجها، كثيرة النقاش والخلاف معه مما يؤدي إلى بناء اسرة مفككة غير صالحة. ان البنت التي تتفتح انوثتها مع زوج تكبر معه، وتكبر مشاعرها في رعايته، ويكون لها بمنزلة الام والأب، ان هذه البنت الزوجة تكون مؤهلة إلى بناء اسرة صالحة.

الامر الثاني: أن تبقى البنت حتى تكمل دراستها، ثم تعمل موظفة، ثم تتزوج. وفي هذا الامر جملة من المساوىء، منها: أن هذه الموظفة اما ان تُنجب أولاداً أو لا، فان انجبت، فأمامها خياران، الاول: أن تترك الوظيفة والعمل، لتتفرغ إلى وظيفتها الاساس، وهي حضانة الطفل وارضاعه، فتكون النتيجة فقدان الوظيفة، وضياع أجمل سنوات عمرها دون زواج. والخيار الثاني: أن تبقى في وظيفتها وترسل طفلها إلى الحضانة أو تتركه بيد الخادمة أو المربية، فتكون النتيجة بناء اسرة غير صالحة، وتكون الام الموظفة مسؤولة امام الله، وأمام اسرتها، وأمام المجتمع عن كل انحراف في حياة الطفل صغيرا وكبيرا، قال الامام الرضا «عليه السلام»: «يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق».

أما اذا قررت الزوجة الموظفة عدم الانجاب، فان عدم الانجاب أما ان يكون مؤقتاً أو دائمياً فان كان قرارها في عدم الانجاب مؤقتاً، فهذا يعني أن الانجاب سيحصل بعد مدة من الزمن، فاذا انجبت بعد مدة من الزمن صار حالها كحال الموظفة التي أنجبت طفلاً، إما ان تترك الوظيفة للتفرغ إلى حضانة طفلها وارضاعه، وإما أن تترك طفلها بيد الخادمة أو المربية، أو ترسله إلى الحضانة، فان اختارت الاول كانت النتيجة فقدان الوظيفة، وضياع أجمل سنوات عمرها دون أطفال، واحساساً بالندم، ولسان حالها يقول: ماذا نفعتني الشهادة وأنا جالسة في البيت لتربية الطفل وإرضاعه؟ وان اختارت الثاني كانت النتيجة ضياع الطفل، وبناء اسرة غير صالحة، وتحملها مسؤولية ذلك أمام الله تعالى، وان كان قرارها في عدم الانجاب دائمياً فهذا يعني أنّها قررت أن تقف ضدّ نواميس الطبيعة، وعليها ان تتحمل مسؤولية الوقوف ضد نواميس الطبيعة.

والامر الثالث: أن تبقى البنت حتى تكمل دراستها في محيط تكثر فيه عوامل الانحراف والسقوط وخاصة اذا كانت الاسرة تعيش في بلاد الغرب، فتكون النتيجة ضياع البنت، أو تمردها على أهلها، ويبقى الاب والام عاجزين يضربان كفاً بكف من الندم، ويكونان مسؤولين أمام الله تعالى فيما حصل لابنتهما، أما البنت فقد مشت في طريق يستحيل عليها فيه أن تجد الحياة الزوجية السعيدة التي تجد فيها المودة والرحمة والوفاء والتضحية والإيثار والأمومة الحانية الدافئة، اضافة إلى مقت الله لها والمجتمع، لخروجها عن طاعة ابويها.

ان البنت تتعلم وتدرس من أجل ان تستطيع القيام بوظيفتها الاساسية، وهي التربية وبناء اسرة صالحة، وهي وظيفة سامية مقدسة في الإسلام تفوق وظيفة الرجل العامل، والمجاهد في سبيل الله، والمنفق بماله ونفسه في سبيل الله، ولا تتعلم البنت من أجل الحصول على الشهادة ثم الوظيفة، فاذا تهيأت لها فرصة الزواج المبكر من كفء لها ممن يرتضى دينه وخلقه، قبل إكمال الدراسة، والحصول على الشهادة فلا تتردد البنت ولا يتردد ابوها وأمها في الموافقة على زواجها، لأن المقدار الذي حصلت عليه من التعليم يؤهلها للقيام بوظيفتها الاساسية. ولا يمنع من اكمال دراستها بعد الزواج اذا اتفقت مع زوجها، وقررا تأجيل انجاب الاولاد حتى تكمل دراستها.

اما البنت التي لم تتهيأ لها فرصة الزواج المبكر من كفء لها ممن يرتضى دينه وخلقه، فلا شيء يمنع من أن تواصل إكمال دراستها حتى تتهيأ لها هذه الفرصة.

أمّا الولد فانه لما كانت وظيفته الاساسية في الاسرة هي الكسب وتوفير مستلزمات المعيشة، فان زواجه المبكر يكون مرتبطاً بقدرته على القيام بهذه الوظيفة، ولعل بلوغ الولد الحادية والعشرين من العمر مع قدرته على توفير مستلزمات المعيشة لأسرته يؤهله للزواج المبكر، كما يستفاد من الاحاديث الواردة عن النبي «ص» وأهل بيته الأطهار: «فان رضيت أخلاقه لإحدى وعشرين، وإلاّ فاضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله تعالى».

6ـ في هذه المرحلة ـ من سن الخامسة عشرة إلى الحادية والعشرين ـ يحاول الاب والأم أن يوجها الولد أو البنت إلى دراسة القرآن الكريم وعلومه وكتب الفقه وكتب العقائد والسيرة والتأريخ على قدر استطاعتهما.

انّ السؤال الذي يفرض نفسه في نهاية البحث هو: هل تنتهي مسؤولية الأب والأم عند زواج الولد أو البنت؟

ان زواج الولد والبنت من مسؤوليات الوالدين. قال رسول الله «ص»: «من حق الولد على والده ثلاث: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه اذا بلغ». ان مسؤولية الوالدين تجاه البنت تستمر حتى تتزويج البنت وتنتقل من بيت والديها إلى بيت الزوجية، ومسؤولية الوالدين تجاه الولد تستمر حتى يتزوج الولد، أو يبلغ الحادية والعشرين من عمره. وبعد ذلك تتحوّل مسؤولية الوالدين من التربية المباشرة إلى الارشاد، وابداء المشورة واعطاء النصيحة.

12

ان بناء الاسرة المسلمة الصالحة مسؤولية عظيمة، وهي الغاية التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها في جميع أحكامه وتشريعاته، لأن الاسرة الصالحة هي التي تبني مع غيرها من الاسر الصالحة المجتمع المسلم الصالح الذي يقوم بوظيفة الاستخلاف في الارض. وإن هذه المسؤولية العظيمة ألقاها الله تعالى على عاتق الأم والأب، وهي مسؤولية وأمانة قبلها الأب والأم حين جمع بينهما رباط الزوجية المقدس، والله تعالى سائلهما عنها ومحاسبهما عليها.

ومن أجل نجاح مهمة الاب والأم في بناء الاسرة الصالحة لابدّ من إحراز الأمور التالية:

1ـ أن يكون الأب والأم على قدر طيب من المعرفة بأصول الدين والعقائد والسيرة والفقه وقراءة القرآن وتفسيره.

2ـ أن يكونا مطبقين للإسلام في سلوكهما، ملتزمين بأخلاق الإسلام في حياتهما.

3ـ أن يكونا بارّين بوالديهما.

4ـ أن يكونا منسجمين في حياتهما الزوجية، وأن يحلا مشاكلهما بعيداً عن الأبناء.

5ـ أن يكونا مثالاً طيباً لأبنائهما في الصدق والوفاء والكرم والشجاعة وحب الناس، وفي الابتعاد عن الأخلاق السيئة كالكذب والغش والغيبة...

6ـ أن يكونا عادلين في معاملة الابناء ذكوراً وإناثاً، دون تفضيل أحد على آخر فقد ورد عن النبي «ص»: «أنه نظر إلى رجل له ابنان، فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال النبي «ص»: فهلاّ ساويت بينهما».

7ـ أن يهتما بمناسبات اولادهما، كمناسبات نجاحهم وغيرها من المناسبات الخاصة بهم.

منقول

ولكم تحياتي

العذاب الواقع غير متصل  

قديم 16-07-02, 08:21 AM   #2

الصراط المستقيم
...(عضو شرف)...  






رايق

بسمه تعالى
السلام عليكم
الاخ العذاب الواقع على النواصب دامت بركاته

الاخوة المؤمنون

قد يكون ما نقله الاخ الفاضل طويل ويحتاج الى من عنده حب الاطلاع ولكن وللانصاف تتبعته فوجدته مليئ بالفوائد وهو دسم من حيث المادة ومتين في نفس الوقت بل هو في متنه رشيق ورصين لهذا أنا أدعو الجميع بالقراءة والتحليل حيث أن الموضوع يحمل نظريات أهل البيت ويعتني بالروايات وهو مع ذلك فيه لمحات أدبية راقية فلذلك أدعوكم للقرأة

والسلام

الصراط المستقيم غير متصل  

قديم 17-07-02, 08:50 AM   #3

عاشق الحسين
...(عضو شرف)...  







رايق

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله أولياء الله

أشكر الأخ الفاضل "العذاب الواقع" على هذا الموضوع الهادف والمتكامل لامر ما أحوج مجتمعنا له في مثل هذه الظروف العصيبة وهو مسألة التربية السليمة لأسرة صالحة...

قل جل من قائل: "ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء, تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون, ومثل كلمة خبيثة أجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار".

تلعب الاسرة دورا خطيرا في واقع الأمة الأسلامية فهي قد تكون كالشجرة الطيبة التي تجسد رسالة السماء وتزرع في أفرادها بذور المسؤلية وتدفعهم في مسيرة الأصلاح وبهذا تؤتي أكلها ففي تفسير "شجرة طيبة" ففي الكافي بأسناده عن عمرو بن حريث قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى "كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء". قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها, وأمير المؤمنين فرغها, والأئمة من ذريته أغصانها, وعلم الأئمة ثمرتها, وشيعتهم المؤمنون ورقها. هل في هذا فضل؟

قال: قلت: لا والله.

قال: والله ان المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها, وان المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها.

وقد تكون الاسرة كالشجرة الخبيثة التي تكون مرتعا للفساد والرذيلة ويتخرج منها مختلف انواع الطغاة والمفسدين في الارض. ولا عجب ان تصبح الكثير من الاسر مؤسسات للفساد السياسي في المجتمعات الاسلامية بعد ذلك.

فكما ينقل لنا التاريخ الامثلة المتعددة من الطغاة فانه ينقل لنا ايضا الطغيان والاستكبار على مستوى الاسر والعشائر حيث اصبحت العجلة التي تسير الفساد في الامة.

أن الشجرة الخبيثة والشجرة الملعونة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم انما هي تشير الى احدى العشائر او السلالة التي تحولت الى معول هدم في حياة الامة الاسلامية.

أن ابتعاد الاسر المسلمة عن القيام بدورها يرتب على الفرد منا مسؤلية كبرى نحو أصلاح تلك الأسر.

ففي سورة الشعراء يخاطب الله رسوله فيقول: "وما أهلكنا من قرية الا لها منذرون, ذكرى وما كنا ظالمين, وما تنزلت به الشياطين, وما ينبغي لهم وما يستطيعون, انهم عن السمع لمعزولون, فلا تدع مع الله آلها آخر فتكون من المعذبين, وانذر عشيرتك الأقربين".

فكانت اول مسؤولية للرسول الاكرم صلى الله عليه وآله تجاه الرسالة ان يقوم بانذار عشيرته, ففي التفسير عشيرة الرجل هم قرابته وسموا بذلك لانه يعاشرهم وهم يعاشرونه...


موضوع منقول

__________________
دمعي أساً يجري لأي مصيبةٍ *حــ ياــــسيـن* ونواظري تبكي لأي رزيةٍ
سالت عليك دموعها لمحــبةٍ * حــ ياــــسين* تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ
لكنما عيني لأجلك *حــ ياــــسيـن* بــاكــيــــــــة

عاشق الحسين غير متصل  

قديم 07-06-06, 04:00 PM   #4

حسين
عضو نشيط  







رايق

رد: نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة


نرفعه للفائدة

__________________
ياصاحب العصر والزمان متى ترانا
ونراك

حسين غير متصل  

قديم 09-06-06, 10:47 PM   #5

الأيــــام
.::( النائب )::.

 
الصورة الرمزية الأيــــام  







افكر

بسمه تعالى


موضوع قيم جدا نشكر كاتبه ، الأخ "العذاب الواقع"
ويستحق التثبيت .


شكرا لك أخي الكريم "حسين" على رفعه،،،




الأيــام..
منتدى تـاروت الثقـافي
بستان الفكر والمعرفة

2006/06/09

__________________

الأيــــام غير متصل  

قديم 11-06-06, 01:51 AM   #6

ينبوع المعرفة
عضو فعال

 
الصورة الرمزية ينبوع المعرفة  






رايق

رد: نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة


موضوع رائع اخي الكريم .. شاكرين لك

ينبوع المعرفة غير متصل  

قديم 12-06-06, 06:32 PM   #7

حسين
عضو نشيط  







رايق

رد: نظرية الإسلام في بناء الاسرة الصالحة


الشكر لله ففي المنتدى مواضيع كثيرة تستحق الاشادة لو يكون في كل شهر يثبت موضوع من المواضيع القديمة في هذا المنتدى لتعم الفائدة
وشكراً للاخ الايام وينبوع المعرفة على هذا الاهتمام
دمتم بخير

__________________
ياصاحب العصر والزمان متى ترانا
ونراك

حسين غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السياسة من واقع الإسلام منتظر منتدى المكتبة الإلكترونية 6 20-02-11 05:24 AM
أشهر القراء الحسينيين في العالم: الدكتور الشيخ احمد الوائلي starnoor2000 منتدى أفراح وأحزان آل البيت عليهم السلام 1 06-03-03 06:06 PM
آثار ونتائج نهضة أبي عبدالله ( عليه السلام ) starnoor2000 منتدى أفراح وأحزان آل البيت عليهم السلام 2 04-03-03 11:59 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 11:42 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited