[ALIGN=CENTER][ALIGN=CENTER]سيّدنا محمد
( صلى الله عليه وآله )
تأليف
سيد مهدي آيت اللّهي
ترجمة
كمال السيّد
مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر[/ALIGN]
قريش :
في ارض الحجاز عاشت قبيلة قريش ، أبرز القبائل العربية ، " قصيّ بن كلاب " هو الجدّ الرابع لسيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، وله ولاية البيت العتيق .
وقبيلة قريش بيوت متعددة أبرزنا بنو هاشم ، وهاشم رجل شريف سخيّ يتمتّع باحترام أهل مكّة .
كان يصنع للحجاج طعاماً على سبيل الضيافة ، و قد سُمِّيَ هاشماً ، لأنّه هشم الثريد لقومه بمكة ، بعد ما أصابهم القحط . و إليه تعود تجارة قريش في الشتاء والصيف ، ومن أجل هذا دعاه الناس "سيّداً " وما يزال الذين ينتسبون إلى هاشم يُدعون بالسادة .
بعد هاشم جاء ابنه المطلب ، وأعقبه عبد المطلب لزعامة قريش .
كان عبد المطلب رجلاً مهاباً ، يحترمه الناس ، وفي زمانه هجم أبرهة الحبشي على مكة لتحطيم الكعبة ، ولكن الله ردّ كيده إلى نحره ، وارتفع شأن عبد المطّلب بين القبائل.
كان لعبد المطلب أولاد كثيرون ، ولكن عبد الله كان أفضل أولاده وأعزّهم لديه ، كان في الرابعة والعشرين من عمره عندما اقترن بـ " آمنة بنت وهب " ، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك أن وُلِدَ سيِّدُنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بعد شهرين من عام الفيل .
توفي أبوه وهو في بطن أمه ، ثم ماتت أمه وهو ما يزال صبياً فتكفّله جدُّه " عبد المطلّب " ، وهكذا نشأ يتيماً.
عاش محمد في مكة ، في كنف جده العظيم ، وعانى الكثير من مرارة اليُتْم .
ولمّا أصبح شابّاً عرف أهل مكة فضلَه وأمانته ، واشتهر بلقب الصادق الأمين ، فكانوا يُودِعون أموالهم لديه .
كان يحبّ الفقراء والمساكين . . . يدافع عنهم ، ويتناول الطعام معهم ، يصغي لهمومهم ، ويسعى في حلّ مشاكلهم .
وعندما أسّس شبابُ مكّة حلفَ " الفضول " للدّفاع عن المظلومين والانتصاف من الظالمين ، سارع " محمد " فانضمّ إليه ، لأنه ينسجم مع أهدافه وأخلاقه .
اشترك في إحدى قوافل " خديجة " التجارية بطلب من عمّه " أبي طالب " وتزعّم قيادة القافلة .
وعندما لمسَتْ خديجةُ – عن قربٍ _ أمانته وصدقه وحسن سيرته عرضتْ عليه الزواج فوافق على ذلك ، وكانت خديجة امرأة فاضلة ثريّة .
وكانت ثمرة زواجهما بنتاً هي " فاطمة " ( عليها السلام ) سيدة النساء ، ومنها كان نسلُ الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) .
الحجر الأسود :
مضت عشرة أعوام على حياة " محمد مع خديجة ، و صادف أن اجتاحت السيولُ مكة ، ولحقتْ بالكعبة أضرارٌ كبيرة .
عزمتْ قريش على إعادة بناء البيت الحرام ، فاقتسمتْ طوائفُ قريش العمل ، وعندما اكتمل البناء ، وأرادوا وضْع " الحجر الأسود" في مكانه اختلفوا فيمن يقوم بذلك العمل ، وأرادت كلُّ طائفة منهم أن تنهض بهذا الشرف ، وكاد الأمر أن يصل إلى القتال والحرب ، فتدخّل سيدُنا محمد بتلك الفكرة التي تفتّق عنها ذهنُه الصافي ، حيث نزع رداءه و وضع " الحجر الأسود فيه ، فأخذت كلُّ طائفة طرفاً من الرداء ، وحملت الحجر الأسود ، فأعاده النبي إلى مكانه .
الوحي :
عندما بلغ سيدُنا محمدٌ الأربعين من عمره هبط عليه جبريلُ وبشَّره برسالة السماء.
كان يتعبّد كعادته في غار حرّاء . . يتفكّر في خلْق السماوات والأرض وخلْق الناس .
وفي تلك اللحظة هبط عليه جبريلُ وناداه بكلمات الله :
إقرأ . . . إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلَق الإنسانَ من علَق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم .
وهبط رسول الله من الجبل 1 يحمل رسالة السماء إلى العالمين .
كانت دعوة الرسول في بدايتها سرّية ، وكان الذين يؤمنون به يخفون إيمانهم وإسلامهم .
وخديجة كانت أوّلَ من آمن به وصدّقه ثم علي ( عليه السلام ) .
مرّت ثلاثةُ أعوام انتشر فيها الإسلام بين فقراء مكّة ، وجاء أمرُ الله بإعلان الدعوة إلى الناس كافّة .
ليس من السهل إعلان التوحيد في مدينة تغصّ بالأصنام و الأوثان وبين قبائل تقدّس الحجارة وتعبدها على مرّ السنين والأعوام .
وصدَع رسولُ الله بالأمر ، وهتف في مكّة : لا الله إلا الله وأنا رسول الله .
وبعد هذا الإعلان العام بدأت المصاعب ، وبدأ مشركو قريش حرْبهم للدين الجديد .
في البدء فكّروا أن يرْشوا " محمداً " بالأموال وبالزعامة والجاه ، وعندما أخفقوا في ذلك راحوا يصبّون العذاب على ضعفاء المسلمين . صادروا أموالهم ، ونهبوا منازلهم ، وسخروا منهم ، ولكن كل ذلك لم يمنع من انتشار دعوة الله .
واصَل المشركون عُدوانهم على المسلمين وفكّروا في إخراج الرسول و مَن ناصره من مكّة ، فحاصروهم في " شِعْبِ أبي طالب " حتى مات بعضُهم من الجوع .
ولم يكتفِ المشركون بذلك ، بل كانوا يراقبون " الوادي " مراقبةً دقيقة لمنْعهم من البيع والشراء وتهيئة الطعام ، وكان الذين يتعاطفون معهم يخافون أن يحملوا إليهم حتى الماء ، وكانوا ينتظرون حلول الظلام لكي يتسلّلوا خُفية ويُوصِلوا إليهم شيئاً من الطعام والشراب .
وفشِل الحصارُ ، وأخفق المشركون في القضاء على الدين الإسلامي .
وقف المشركون عاجزين أمام صلابة المسلمين وإيمانهم ، فتآمروا على قتْل الرسول ، والقضاء عليه .
الهجرة :
هبط الوحي على رسول الله وأخبره بتآمر المشركين وخطّتهم ، فعرض النبيُّ على ابن عمه " علي " ( عليه السلام ) المبيت في فراشه ، فيما انسلّ رسول الله في الظلام مهاجراً من مكّة إلى " يثرب ".
اجتمع المتآمرون وحاصروا منزل النبي ينتظرون الفرصة المناسبة لاقتحام الدار وقتل الرسول ، وشعروا بالدهشة وهم يرَون " علياً " في فراشه ، وغادروا المنزل لاقتفاء أثر النبي ، وراحوا يبحثون عن المهاجر في الطرق والمفازات ولكن دون جدوى ، فعادوا إلى مكة خائبين .
بعد تسعة أيام قضاها الرسول في الطريق وصل مكاناً قرب " المدينة " يدعى "قُبا" فتوقّف فيه وبنى هناك أول مسجد في الإسلام .
بدأ المسلمون في بناء المسجد بحماس ، وكان الرسول يعمل معهم ، وما أسرع أن اكتمل البناء ، وصلّى الرسول فيه أول صلاة للجمعة ، ومكث فيهم مدّة يعلّمهم الكتاب والحكمة .
كان الرسول ينتظر قدومّ ابن عمه علي الذي خلّفه في مكة لأداء الأمانات إلى أهلها ، حتى جاء علي ومعه نساء من بني هاشم .
دخل الرسول " يثرب " ، وأصبح اسمها مدينة الرسول أو المدينة المنوَّرة .
كان علي قد أمضى ثلاثة أيام في مكة ، وأدّى الأمانات إلى أصحابها ، ثم التحق بالنبي في قُبا .
استقبل أهل المدينة الرسولَ ومن معه من المهاجرين استقبالاً كبيراً ، وعمّت الفرحة ، وكان كلُّ واحد من المسلمين يدعو الرسول للحلول في داره واستضافته ، و كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : دعوا الناقة فإنّها مأمورة .
ومضت الناقة في طريقها حتى إذا وصلت أمام دار " أبي أيوب الأنصاري " وقفتْ وبركتْ ، فحلّ النبي في دار الصحابي " أبي أيوب " .
وكان أوّل شيء فعله نبينا ( صلى الله عليه وآله ) هو تأسيسه المسجد ليكون قاعدة كبرى لنشر رسالة الإسلام .
وعندما حلّ النبي في المدينة انتهت العداوة والبغضاء والحروب بين الأوس والخزرج ، والتي امتدت اكثر من مئة وعشرين سنة ، وكان اليهود يزيدون أوارها ، وحلّ مكانَها الإخاءُ والوئام .
ولكي يُذيب الرسولُ الحواجز بين " المهاجرين " القادمين من مكّة وبين "الأنصار" من سكان المدينة ، فقد آخى بينهم ، وأصبح لكلِّ مهاجر أخٌ من الأنصار ، ولكلّ أنصاري أخٌ من المهاجرين ، كما شجع النبيُ المهاجرين على العمل والسعي لكي لا يبقوا عبئاً على إخوانهم من الأنصار .
كان اليهود ينظرون بحقد إلى الإخاء الذي ساد بين المهاجرين والأنصار ، وبين الأنصار أنفسهم ، وكانوا يحاولون – دائماً – ضرب هذا الإتحاد وبثّ روحَ التفرقة بينهم ، وكان سيدُنا محمّدٌ ( صلى الله عليه وآله ) يخمد نار الفتنة كلما حاول اليهود إشعالها .
تغيير القبلة :
عندما كان رسول الله في مكة كان يتّجه في عبادته وصلاته إلى المسجد الأقصى في مدينة القدس مدّة ثلاثة عشرة سنة ، وعندما هاجر إلى المدينة استمر على هذا سبعة عشر شهراً ، وكان اليهود – أيضاً – يتّجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى ، ويسخرون من المسلمين ويقولون لهم : لو لم نكن على الحق لما اتبعتم قبلتنا .
وذات يوم هبط الوحي يأمر رسول الله أن يتّجه المسلمون في صلاتهم إلى الكعبة المسجد الحرام .
وقد ساء هذا الخبر اليهود وقالوا ما حوّلهم عن قبلتهم ؟ غافلين عن أن هذا امتحان واختبار للمسلمين
انتظروا المزيد
لكم محبتي
عاشق الزهراء[/ALIGN]