الشيعة في شرق شبه الجزيرة العربية
سكن منطقة البحرين (القديمة) قبائل عربية عديدة قبل الإسلام، كالأزد الذين استقروا بكثافة في عمان، وأياد التي هاجرت من الحجاز، وقبائل تنوخ ـ وهي قبائل جاءت من تهامة وعقدت حلفاً فيما بينها على الاقامة (التنوخ) ـ .. غير ان قبائل ربيعة مثل (عبد القيس وبكر بن وائل) بمختلف افرعهما، أزاحت أياداً والأزد عنها وسيطرت على البحرين جميعاً، فكانت الواحات بيد أفرع من عبد القيس، ثم يليهم إلى الغرب بنو بكر بن وائل، وإلى غربيهم في البادية بنو تميم.
وقبل ان يدخل ان يدخل الإسلام إلى المنطقة، وبحكم غناها وثروتها واتصالاتها بالاقوام المختلفة لاجل التجارة.. سكن فيها عدد من العناصر غير العربية كالزطّ المجهولي النسب، والنبط، والسيابجة، وعدد محدود من الفرس الذين كانوا يحكمون المنطقة في جاهليتها.. إلا أن الغالبية كانت من عبد القيس العرب حينما ظهر الإسلام واعتنقه أهلها سلماً، فكانت المنطقة ثاني منطقة تدخل الإسلام بعد المدينة المنورة.
وتدفقت على المنطقة بعد ظهور الإسلام قبائل امتزجت بالسكان.. فسكنتها بطون من بي عامر، وبني كلاب وغيرهم.. وفي نفس الوقت هاجرت أعداد كبيرة من عبد القيس إلى العراق في العقد الثاني الهجري في خلافة عمر بن الخطاب، خاصة إلى البصرة والكوفة اللتين ابتنيتا حديثاً.. ولعلّ هذا ما يفسرّ الوجود الشيعي المكثّف فيهما والذي بدأ واضحا في أواخر خلافة عثمان بن عفان.
ان كثيرا من أسر الشيعة المتحضرة ـ وهي كلّها متحضرّة ـ ترجع في أصولها إلى هذه القبائل العربية، وإنْ كان المتحضرون في كل بلاد الدنيا لا يهتمون بالأنساب والاعتزاز بها.. وان العديد من سكان الأحساء والقطيف يعرفون أصولهم العرقيّة، رغم انهم لا يستطيعون إثبات هذا الانتماء بذكر إتصاله بفرع معروف من فروع إحدى القبائل المذكورة، ويعتبر الباحثون ان هذا الأمر طبيعي جداً، وهي أحدى صفات التحضّر والاستقرار[1].
وبعكس هذا نجد ان البدو يعتزّون بأنسابهم ويعرفون أصولهم، وكانت بادية الأحساء والقطيف تتلقّف الكثير منهم، وهم في اغلبهم سنّة يفدون من وسط وغرب وجنوب الجزيرة العربية، في حين كان السكان الحضر وعلى الدوام شيعة. كانوا البدو يفدون إلى مناطق الشرق، طمعاً في مراعيها المعشبة، وقرباً من مصادر الثراء والغنى والمياه والزراعة التي يقوم عليها الحضر.. وكان الخلاف بين البدو والحضر أمراً مألوفاً في كل الانحاء، ومن بينها الاحساء والقطيف، ولم يكن ذلك يعود لأسباب مذهبيّة، فالبدو كما يقول الباحثون هم من أبعد الناس عن روابط الدين فضلاً عن المذهب، ولكن لأسباب إجتماعية واقتصادية، وعادات تأصّلت في البدو.
يتبع..