بداية و مفتتح
يقول الباري عز و جل :
( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا )
و قال عز من قائل :
( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين )
وقفة تدبر و تأمل
الآية الأولى لم تكتف بالعمل على الشاكلة و كفى ، بل أردفت بأن هناك من هو أهدى من الآخر
إذن هنا يطالبنا الباري عز و جل ليس بالهداية فقط و لكن بالأهدى أيضا
الآية الثانية يأمر المولى بالدعوة إلى سبيله بثلاثة أشياء :
1- بالحكمة
و هذا يعني التأني و انتظار تهيؤ الظروف تخير أحسن و أفضل الأساليب لبيان الشرع المقدس و ما يحوي من مقاصد خيرة و نافعة دنيا و آخرة
2- الموعظة الحسنة
حيث أن هؤلاء المدعوون يعيشون الضلالة و الانحراف عن سبيل الله ، و لهذا فلابد من دعوتهم للعودة إلى سبيل الله ، حيث يكون هذا باللطف و الرأفة و الأسلوب الحسن للتخويف من عواقب الانحراف و الفساد و العصيان
3- او جادلهم بالتي هي أحسن
إذا لم يحدث اقتناع بانتهاج شريعة الله سبحانه و تعالى ، فهنا يأتي دور المجادلة الحسنة للتحاور الهادئ و عدم الانفعال مع إضفاء التبسم و البهجة لتعريف الطرف المقابل بالصواب و تجنب الخطأ ، و الفصل بين الحق و الباطل و تمييز ما تلبس بالحق من باطل
الشكور و الكفور
و بعد البيان يختار الإنسان ، إما طريق الخير أو الشر
حيث يقول سبحانه و تعالى :
( و لقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا )
و قال أيضا :
( إنا هديناه السبيل إما شاكرا أو كفورا )
إذن لابد من التبيين و البيان للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم و لا يضلوا سبيل الله و الصراط المستقيم
تحديد المصير
( فمن اهتدى فلنفسه و من ضل فعليها )
الاهتداء واجب على كل عاقل ، و لا يفيد التقليد الأعمى و هو الاتباع دون حجة و لا برهان واضح جلي
منع الدعوة
( فاصبر لحكم ربك و لا تطع منهم آثما أو كفورا )
يظن البعض أن من حقه منع الحوار أو حتى مجرد السؤال ، و هذا لا يصح حتى فيما يتعلق بالإيمان ، فمثلا لو وجد إنسان يشك في كتاب الله !
فهل نتحاور معه أم نقول له : اسكت و تقبل دون أي مناقشة !
هل هذا يصح ؟!
لا يصح حتى عند الله ، بل الله يتيح له المجال بأن يشك و لكن بشرط أن يبدأ رحلة البحث حتى الوصول للحق و الحقيقة ، و لا يصح له أن يبقى على ما هو عليه
و لهذا من يمنعه من الحوار أو المطالبة بالبرهان و الدليل فهذا مأثوم
و لكن مع هذا هناك حدود و خطوط حمراء ، على هذا المتشكك أن لا يتجاوزها
لأنه يعقل و عنده إدراك ، فلا يسمح له أن يتجاوز حده
نضرب لهذا مثالا
للإنسان الحق أن يتشكك .. هل السيارة أقوى أم الجدار ؟
طيب ..
هنا للوصول للقناعة و التأكد .. فهل من العقل أن يقوم بالتجريب ؟!
لا ، و لكن بإمكانه أن يسأل الفيزيائي ليخبره و يقرب له ما لا يدركه بحواسه ، حتى يدركه بالبرهان الرياضي و من ثم يستنتج الحقائق أو ما يقاربها
و لنا تكملة إن شاء الله