ترقب تحرك خليجي لإقناع الإمارات بالعودة إلى مشروع الوحدة النقدية
الاقتصادية 22/05/2009
توقع مسؤول خليجي مطلع أن يكون هناك تحرك خليجي رفيع المستوى خلال الأيام المقبلة لإقناع الإمارات بالرجوع عن قرار انسحابها من مشروع الوحدة النقدية الخليجية والانضمام إلى التاريخ المستهدف لتحقيق هذا المشروع.
ولم يستبعد المسؤول تحركا خليجيا على مستوى عال خصوصا أن دول المجلس كما عرف عنها تذيب أي خلاف فيما بينها وسبق وأن حل أكثر من خلاف - على حد قوله. وجاء حديث المسؤول الخليجي بعد يوم واحد من إعلان الإمارات عن انسحابها من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي وأنها لن تكون طرفا فيها.
وتوقع المسؤول الذي كان يتحدث لـ "الاقتصادية" أمس أن يكون هناك حل وسط لعودة الإمارات إلى مشروع الوحدة النقدية الذي سبق وأن وافقت عليه، مشيرا إلى أن القرار سياسي خصوصا وأن عملية القبول بأي اتفاقية من حق أي دولة أن تمضي قدم في موافقتها أو رفضها ولاسيما أن أي اتفاقية مربوطة بالمصادقة من الدول، لافتا في هذا الصدد إلى أن الإمارات أكدت أنها مهتمة بالتكامل الاقتصادي عموما وأن ليس لديها مانع من مضي الدول الأعضاء الأخرى (السعودية, الكويت, البحرين وقطر) في مشروع الوحدة النقدية كما فعلت عمان من قبل. ولم يتخوف المسؤول الخليجي من تعثر المشروع، مستدركا "أنه بلاشك كلما كثر العدد في الاتحاد النقدي كان أفضل ولكن من الممكن أن يبدأ بعدد أقل وإن شاء الله يتحقق ذلك في القريب"، متوقعا أن يستمر المشروع خصوصا أن الإمارات وعمان تأملان التوفيق لهذا المشروع وأنهما يمكن مستقبلا أن تنضما إلى الوحدة النقدية مع التزامهما بتنسيق سياساتهما النقدية مع الاتحاد النقدي المنتظر.
ودافع المسؤول الخليجي عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في عدم تحركها خصوصا عقب إعلان الإمارات تحفظها على اختيار الرياض لتكون مقرا للبنك المركزي وأعقب ذلك أنسحابها من الوحدة النقدية بالقول "إن الأمانة العامة تسعى دائما إلى أن يكون المشروع عليه موافقة تامة من الجميع وتعمل لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية ولا تستطيع الأمانة أن تغير الأوضاع وهذا الموضوع سيادي"، متأملا في هذا الصدد أن تتمكن دول الخليج من تحقيق وحدة نقدية بحلول عام 2010.
وعن تطورات الموقف الإماراتي، فقد أعلنت الإمارات أمس أنها تركت الباب مفتوحا أمام إعادة انضمامها إلى الوحدة النقدية الخليجية وذلك بعد يوم من انسحابها من المشروع، لكنها قالت إنها غير مهتمة في الوقت الراهن بالانضمام.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، إن بلاده انسحبت من مشروع العملة المشتركة بسبب قرار قادة دول الخليج عدم اتخاذ الإمارات مقرا للبنك المركزي المشترك. لكنه لم يستبعد أن تعيد بلاده النظر في القرار وإمكانية التوصل إلى حل.
وقال الوزير للصحافيين على هامش زيارته للاتفيا أمس "لا أقول إن الباب قد أقفل، لا شيء ينتهي في السياسة". وأضاف "لكني أقول إننا في الوقت الراهن غير مهتمين". وتابع: "نعتقد أن الإمارات كانت أفضل مرشح لاستضافة المقر.. الأمر لا يتعلق باختيار السعودية بل بعدم اختيار الإمارات". مضيفا أن الإمارات مركز مالي وأكثر اقتصادات المنطقة شفافية مما يجعلها مكانا مثاليا لاستضافة المقر على أرضها.
وأبدت الإمارات تحفظها على مقر البنك المركزي الخليجي فور اتخاذ القرار لكنها لم تذكر تفاصيل، مما جعل عددا من المحللين يفترضون أنها تسعى لاستغلال نفوذها الدبلوماسي للحصول على امتيازات أخرى في المستقبل.
من جهته، أكد سلطان المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي أن بلاده ستواصل القيام بدورها مع شقيقاتها دول الخليج لتحقيق أهداف مجلس التعاون رغم قرار عدم الارتباط بالوحدة النقدية الخليجية كون الناتج المحلي للإمارات يشكل ثلث الناتج المحلي لدول الخليج.
وأوضح المنصوري في تصريحات صحافية أمس، أن دور الإمارات مستمر، وأن هناك احتراما متبادلا لوجهات النظر بين جميع دول مجلس التعاون. وقال إن بلاده تقدر وتثمن العلاقة الأخوية بين دول المجلس وهي تعتبر نفسها جزءا من السوق الخليجية المشتركة، وقال "إن الإمارات تعد من أنسب الدول لاستضافة مقر المجلس النقدي الخليجي كون الجهاز المالي والمصرفي فيها يعد من أفضل الأجهزة في المنطقة والعالم".
في الوقت ذاته، جدد مسؤولان قطريان أمس التأكيد على مضي قطر قدما في خطة للوحدة النقدية الخليجية، مبدين أسفهما لقرار الإمارات الانسحاب من الخطة.
وأكد إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي لأمير قطر أن بلاده لن تنسحب من الاتحاد النقدي الخليجي. وقال الإبراهيم في تصريح نشر أمس إن بلاده ستمضي قدما في مشروع الوحدة النقدية لدول مجلس التعاون، مضيفا "نحن لا نؤمن بالفشل.. نحن نؤمن بالوحدة النقدية لمجلس التعاون وسنستمر في العمل". وتابع المستشار الاقتصادي لأمير قطر "سندرس الأسباب التي دعت الإمارات للانسحاب قبل اتخاذ أي قرار".
في الإطار ذاته، نقل عن مسؤول رفيع المستوى في مصرف قطر المركزي قوله إن بلاده ماضية في العمل الخليجي المشترك ولن تنسحب من اتفاقية الاتحاد النقدي وستدعو إلى اجتماع طارئ للنظر في المسألة. وأضاف "كنا نمني النفس بوحدة نقدية عام 2010 لكن نأسف لهذه التأخيرات والقرارات المفاجئة".
أمام ذلك، أكد محللون لـ "رويترز" أن الاتحاد النقدي الخليجي سيمنح أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم موقعا أفضل للتفاوض مع شركاء التجارة العالميين، وسيوفر لهم مزيدا من المرونة لتغيير السياسة المالية والنقدية.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك ساب في الرياض "أعتقد أن الاتحاد سيتم"، مضيفا "يمتلك الاتحاد الأوروبي قوة هائلة عند الاجتماع بالصين ولا تمتلك ألمانيا نفس القوة". وتابع قائلا "إنه سيتم التعامل مع منطقة الخليج على أنها تكتل لتجارة النفط وهو أمر شديد الأهمية خاصة للدول الأصغر في المنطقة. والإمارات اقتصاد كبير في المنطقة لكن ليس في العالم".
واعتبر محللون وخبراء اقتصاديون تحدثت معهم "الاقتصادية" أمس الأول انسحاب الإمارات من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي ليس نعيا للمشروع، لكنه في الوقت ذاته كان مفاجئا للأوساط الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس باعتباره جاء في وقت باتت فيه الوحدة النقدية على مقربة من مواطني دول المجلس، حيث من المقرر أن يبدأ العمل بها مطلع 2010.
وفي حين شكل الإعلان الإماراتي الذي تلقته دول المجلس صباح أمس الأول عبر وسائل الإعلام، خيبة أمل لدى المواطنين الخليجيين، أكد اقتصاديون أن القرار الإماراتي لن يثني الدول الأربع الباقية (السعودية, الكويت, البحرين وقطر- علما أن عمان خارج الوحدة منذ بدايتها)، عن المضي قدما في استكمال إجراءات ومتطلبات الوحدة النقدية لتصبح نافذة مع مطلع العام المقبل, وهم بذلك يقيسون على ظهور وحدة اليورو إلى السوق العالمية رغم عدم دخول بريطانيا فيها.