الاكتتابات الخليجية.. أكبر معاناة!
راشد محمد الفوزان - 11/12/1426هـ
تستغرب من دول مجلس التعاون الخليجي التي لا توحد بينها أي عوامل مشتركة, وخاصة الاقتصادي منها, فرغم مرور ربع قرن على تأسيس هذا المجلس الخليجي, إلا أننا ما زلنا كدول كل دولها لها عملتها المستقلة, وسوقها المالية المستقلة, والأنظمة والقوانين المتفردة لكل دولة, فلا توجد أي عوامل مشتركة بينها, ومع كل مؤتمر سنوي يتم لقادة مجلس التعاون, نتلمس نوعا من الخطوة الأمامية وإن كانت محدودة أو مقننة, ولكننا للأسف لا نشهد إلا خطوة للخلف, ومزيدا من اللجان والدراسات والبحث والتنسيق الذي لم ينته منذ 25 سنة وأكثر, وآخر المعاناة الاقتصادية ما نشاهده الآن من اكتتابات استثمارية بين دول المجلس الخليجي, فمن مهزلة "دانة غاز" الإماراتية, وما حدث لأبناء هذا الوطن من تكبد كل المعاناة وتكلفة السفر لأجل الاكتتاب في محاولة للفوز بكمية تخصيص هزيلة, وكثير منهم لم تتم لهم هذه الاكتتابات لعوائق قانونية أو غيرها.
ما يسيء لهذا المجلس في كل مكوناته أنه يعامل الخليجي كأجنبي حقيقي, فلا السعودي يعامل بخصوصية في قطر أو الكويت ولا الكويتي يعامل بخصوصية في السعودية أو البحرين, ولا العماني يعامل بخصوصية في الإمارات أو الكويت.. وهكذا كلنا أجانب من الدرجة الأخيرة, فأي مجلس خليجي قدم لنا كمواطنين, وآخر هذه التفرقة والمعاناة التي نشاهدها هي الاكتتابات الجديدة التي ستتم في قطر وبنك "الريان" ما زالت المشكلة نفسها, من يرد أن يكتتب عليه أن يستقل طائرة ويترك كل أعماله ويدفع تكاليف لا يوجد ما يبررها لكي يكتتب في بنك جديد لا يتوقع أن يخصص الكثير, وهي من حق الجميع على أي حال, فلا البنك القطري اعتمد الاكتتاب بالطرق الحديثة من صراف آلي أو بنوك محلية سعودية أو بقية دول المجلس, أو وضع أي آليات متطورة لتسهيل هذا الاكتتاب, ولا أقصد هنا فقط البنك القطري, فالمعاناة نفسها توجد في الإمارات والسعودية وغيرهما, إذا أي مجلس خليجي فعل شيئا للمواطن؟ الحقيقة هي لا شيء فعله ولكن السؤال أين المشكلة والمعاناة؟ أعتقد بالدرجة الأولى هي مسألة ثقة وقوانين وخطط واستراتيجيات هي مفقودة في دول المجلس, وليت دول المجلس تقدر وتحسب حسابات الخسائر الاقتصادية التي تتم من عدم كسر كل هذه الحواجز البسيطة كاكتتابات وغيرها لنكون أكثر عمليا للدخول فيما هو وأكبر ولكن لا أرى في الأفق ما يوحي بذلك, فما زلنا ندور في حلقة الاجتماعات الكثيرة المكلفة غير المثمرة, وحتى أبسط هذه الأشياء ما زالت متعثرة ومتوقفة، وأضع مثال الاكتتابات بين دول المجلس التي أصبحت حديث الجميع وتعاني أشد المعاناة بين المستثمرين في دول المجلس, ولا تظهر أية بوادر لإنهاء هذه المعاناة, لذا أرجو تفسير ما أهمية وجدوى مجلس التعاون الخليجي أن ظل يعامل الخليجي كأنه أجنبي من أقصى المعمورة, ولا نجد كخليجين أي تفرد وتميز وتسهيل للمواطنين. الآلية المفترض وجودها هي أن يكون هناك بعد استراتيجي, وحراك للأمام وخطوات جسورة وجريئة يجب أن تنفذ, وأن ينتهي هذا الدوران المفرغ منذ خمسة وعشرين سنة, ولتكن هذه الاكتتابات هي بداية لكسر كل الحواجز والعوائق. هذا أمل وتطلع للمستقبل, ولكن لا نعرف أي مستقبل يخفى لدول مجلس التعاون التي تراوح مكانها في ظل عالم متسارع كسرعات الكمبيوتر تتغير كل شهر ويوم, ونحن ما زلنا بسرعتنا مضى عليها 25 سنة, بمعنى لا جدوى ولا فائدة متوقعة, ولعلي أكون مخطئا!!