دراسة: أنامل السعوديات الصم.. موهبة
تنتظر اﻻستثمار
معرض فني يحتضن إبداع ذوات اﻹعاقة في «الخبر».. يفتتح هذا اﻷسبوع
الثﻼثـاء 24 جمـادى الثانى 1433 ھـ 15 ماﯾو 2012 العدد 12222
جرﯾدة الشرق اﻻوسط
الصفحة: محلﯿات سعودﯾة
في ظل ما تظھره أحدث اﻹحصاءات بأن الصم ﯾمثلون ما نسبتھ 4% من مجمل سكان السعودﯾة، بعدد
ﯾقدر بـ720 ألف أصم، رصدت أكادﯾمﯿة سعودﯾة مواھب الفتﯿات من ذوات اﻹعاقة السمعﯿة، مطالبة
بـ«استثمار» ھذه الطاقات، في دراسة أجرتھا الباحثة حنان العمودي، تحت عنوان «تنمﯿة القدرات
المھارﯾة واﻻبتكارﯾة لذوي اﻻحتﯿاجات الخاصة من فئة اﻹعاقة السمعﯿة في أشغال النسﯿج الﯿدوي»،
وحصلت بموجبھا على درجة الدكتوراه مؤخرا من جامعة الملك عبد العزﯾز بجدة.
عن رحلة البحث عن مواھب الفتﯿات الصم، تحدثت العمودي لـ«الشرق اﻷوسط»، قائلة: «بدأت مع
الفتﯿات في أشغال النسﯿج من مرحلة الصفر، بعد أن عملت دراسة استطﻼعﯿة مسبقة»، مؤكدة أنھا
استغرقت نحو السنة لحﯿن التمكن من تفجﯿر طاقات ھذه الفئة، وھو اﻷمر الذي ﯾدفعھا الﯿوم إلى المطالبة
بـ«استثمار ھذه المواھب اقتصادﯾا، والتعرﯾف بأعمالھن عبر معارض من شأنھا أن تزﯾد من ثقتھن
بأنفسھن، والمساھمة بتغﯿﯿر نظرة المجتمع لھذه الفئة»، حسب قولھا، مؤكدة أن الفتﯿات الصم ھن بحاجة
فقط إلى «جھود مكثفة للوصول للمفاھﯿم التي لدى السامعﯿن، مثل: الحافز، دافع النجاح، حب التمﯿز».
وتوصي ھذه الدراسة بـ«ضرورة التعرف على المعاقﯿن سمعﯿا قبل المباشرة في تعلﯿمھم، وأھمﯿة اﻻستفادة
من الحاسب اﻵلي في توجﯿھھم لﻸعمال التي تجمع بﯿن اﻹدراك البصري والحاسب اﻵلي»، إلى جانب
«الدعوة ﻹدراج دورات تدرﯾبﯿة في اﻷشغال الﯿدوﯾة والفنﯿة والمھنﯿة المختلفة للمعاقﯿن سمعﯿا كنشاط في
أندﯾة ومراكز الصم»، وتتناول ھذه الدراسة فئة اﻹعاقة السمعﯿة من إناث المرحلة الثانوﯾة بمعھد اﻷمل
بشمال جدة، وركزت على بعض التراكﯿب النسجﯿة البسﯿطة (السادة، اللحمة غﯿر الممتدة، الوبرة، اللحمة
الزائدة)، في حﯿن اقتصرت الدراسة على إنتاج قطع منسوجة ﯾدوﯾا على نول البرواز. وتضمنت المعلقات
الجدارﯾة التي رصدتھا الدراسة؛ عرض أعمال ممﯿزة لست طالبات من ذوات اﻹعاقة السمعﯿة، وھن:
وصاﯾف حسﯿن القرني، أمل الصﯿرفي، سلمى مساعد الحارثي، إﯾناس مبارك بكﯿر، شذى عبد الرحمن
الشمراني، عائشة العصﻼني، إﯾمان صنت المطﯿري.
وعن أبرز النتائج التي توصلت لھا ھذه الدراسة، تقول العمودي «تمكنت الفتﯿات من ذوات اﻹعاقة
السمعﯿة من إنتاج معلقة جدارﯾة متقنة وذات قﯿم جمالﯿة وابتكارﯾة، وقد أسھمت الدراسة والوحدة التعلﯿمﯿة
في تعلﯿم وتعلم بعض أسالﯿب النسﯿج الﯿدوي لھذه الفتﯿات، إلى جانب إكسابھن مھارات فن النسﯿج الﯿدوي
الذي ﯾجعل منھن فئة منتجة».
جدﯾر بالذكر أن ھذه الدراسة تم عرضھا في المؤتمر العلمي الثالث لطﻼب وطالبات التعلﯿم العالي، الذي
أقﯿم مطلع شھر ماﯾو (أﯾار) الجاري، شرق السعودﯾة، وضم جمعا غفﯿرا من المشاركات البحثﯿة الممﯿزة
لطﻼب وطالبات من مختلف مدن البﻼد، وتتحدث العمودي عن مشاركاتھا البحثﯿة عبر ھذه الدراسة،
بالقول «كانت تجربة رائعة، ورغم أني شاركت في المؤتمر الثاني الذي أقﯿم العام الماضي، فإن لكل
مؤتمر مﯿزة وطابعا ﯾختلف فﯿھ عن اﻵخر».
من جھة أخرى، وفي إطار دعم مواھب الفتﯿات من ذوي اﻻحتﯿاجات الخاصة، ﯾنظم فرﯾق «الشرقﯿة توﯾتآب» التطوعي معرضا تشكﯿلﯿا للفتﯿات ذوي اﻹعاقة، تحت عنوان «رغم اﻹعاقة.. إبداعاتنا بﻼ حدود»،
وﯾقام المعرض برعاﯾة اﻷمﯿرة رﯾم بنت فﯿصل بن سعود بن عبد العزﯾز، في حﯿن تأتي ھﯿئة حقوق اﻹنسان
بصفتھا الراعي الرسمي للمعرض الذي ﯾحتوي على لوحات بأﯾدي الفنانات الموھوبات من ذوات اﻹعاقة.
ومن المنتظر أن ﯾتم افتتاح المعرض ﯾوم الثﻼثاء المقبل بمدﯾنة الخبر، وھو ﯾضم نحو 50 لوحة تشكﯿلﯿة،
في حﯿن ﯾقام على ھامش المعرض عدة أركان مساندة ترفﯿھﯿة وفنﯿة مثل «ركن الرسم على الوجھ،
أصدقاء اﻷطفال ذوي اﻹعاقة، تحلﯿل رسوم اﻷطفال، ركن لرسم الكارﯾكاتﯿر، ركن ألعاب تعلﯿمﯿة خاص
بجمعﯿة المعاقﯿن بالمنطقة الشرقﯿة»، باﻹضافة إلى ركن خاص بمشروع نقل المعاقﯿن جمعﯿة (حركﯿة)،
وركن لھﯿئة حقوق اﻹنسان.
وفي بﯿان صحافي تسلمتھ «الشرق اﻷوسط»، تتحدث ھﯿلدا إسماعﯿل، وھي مؤسسة الفرﯾق التطوعي
والمشرفة العامة في جمعﯿة المعاقﯿن بالمنطقة الشرقﯿة، عن ھذا المعرض، بالقول «إن كانت اللوحات
تتحدث عن نفسھا فھي أكبر دلﯿل على أن ﻻ شيء ﯾمكن أن ﯾعﯿق اﻹنسان سوى إرادتھ». أما رئﯿسة الفرﯾق
التطوعي منال العوفي، فتقول «اللوحات عبارة عن موضوعات مختلفة وخامات مختلفة ﻻ ﯾوحدھا سوى
اﻹرادة». ووصفت المشرفة الفنﯿة على التأھﯿل المھني لﻺناث إﯾمان العقل؛ اﻷعمال بالقول «طالبات وحدة
التأھﯿل المھني (إناث) التابعة لجمعﯿة المعاقﯿن بالمنطقة الشرقﯿة؛ كان لھن دور فعال وممتع ومليء
بالتحدي بالقدر الذي تسمح بھ قدراتھن التي قد تكون بسﯿطة أو بسﯿطة جدا أحﯿانا». في حﯿن قالت المشرفة
الفنﯿة على أطفال وحدة التأھﯿل أمل الغنﯿم «اﻷركان الموجودة في المعرض والخاصة باﻷطفال من ذوي
اﻹعاقة كان ھدفھا استخدام اﻷلوان وأدوات الرسم كنوع من الطرق العﻼجﯿة غﯿر مباشرة».
من جھتھ، تناول الناقد السعودي محمد العباس ھذا المعرض بالقول «اﻷعمال تتسم بجرأة كبﯿرة، تبدﯾھا
الفنانات في طرح ذواتھن من الوجھة الموضوعﯿة، كما تعكس بشكل مفرح طموحھن اﻹبداعي، ومستوى
أدائھن الرائع. ومن الوجھة الفنﯿة ﯾبدو أن اللوحات مستمدة من المعاناة الداخلﯿة ولﯿس من المتخﯿل، وھو
أمر تحتمھ طبﯿعة ھذا النوع من اﻹبداع الخاص بذوي اﻹعاقة، حﯿث ﯾبدو المكون الروحي والمادي
للفنانات ھو المصدر واﻹلھام الذي ﯾتولد منھ الموضوع، وھو المضخة التي تھﯿمن على أجواء ومناخات
اللوحات، وكأن كل فنانة تسرد جانبا من أوجاعھا وأحﻼمھا وخﯿباتھا وانتصاراتھا في قالب بصري مبھج
ومؤانس، ومثﯿر للتساؤﻻت والتأوﯾﻼت».