"قلوب تعرت للحب .. وقلوب تعرت من الحب"
عنوان بالخطّ العريض على السبورة خطّته الأستاذة سلوى ,أستاذة اللغة العربية, وطلبت منّا ان نكتب موضوعاً تعبيرياً حول مفهوم الحب, بالنسبة لفتيات في سننّا أي سنّ الثامنة عشرة .
وأسهبت بتعريف معنى الحب بأنه جنّة الدنيا وفردوس الحياة, وأنه إحساس جميل مفعم بالحيوية والدفيء, وهو الأمل الذي يشرق على حياتنا فيحييها, ويبدد ظلمتها, ويضخ فيها دماء الحياة من جديد .
واستطردت قائلة: بأن مشاعر الحب تولد فينا بالفطرة, فمنذ خروجي لعالم الدنيا وأنا أحب أمي وأبي وأخواتي وصديقاتي وجارتي وأستاذتي وربما الوردة في حديقتي .
فتتشعب معاني الحب وفروعه في كل شيء في الوجود .
واستشهدت بأناس لا تعرف للحب معنى, ناعتة إياهم بأنهم ذوو قلوب تعرّت من الحب, ودخلنا في لجّة السياسة وتكلمنا عن صدام حسين, وبعض الحكّام الظالمين حديثاً وقديماً .
وبما أنها أستاذة لغة عربية لم تنسى أن تذكرنا بمواقف الحب بين عنترة وعبلة, وقيس وليلى وغيرهم, مستشهدة ببعض أبياتهم الشعرية الغزلية المطعمّة بالشوق والعذاب .
قالت صديقتي بصوت مسموع : أساساً لا يوجد حب نقي وصادق بين عنترة وعبلة, وقيس وليلى, وروميو وجولييت, لو سنحت لهم الظروف أو عاشوا في عصر غير عصرهم, فالظروف خدمتهم وجعلت منهم أساطير وآلهات في الحب .
دارت الأستاذة بعينيها ورأسها تبحث عن مصدر الصوت وما أن وقع نظرها على الطالبة حتى قالت: ولم قلتِ ذلك والشعر الأدبي يزخر بعواطفهم الجياشّة والمؤثرة؟!
وواصلت لتقنعها من دون أن تسمع إجابتها: إنهم كادوا يموتون من أجلهنّ, وكانوا يخترقون سكون الليل بهمساتهم, وكانوا يتلظون عذاباً لفراقهم .
فقالت صديقتي بثقة: لأن لو كان هناك أيميل أو ماسنجر, لما تعنّى وذهب عشيقها إليها, ولما تحمّلت توبيخ أبيها شيخ القبيلة, وأخيها المغرور سليط اللسان, ولما شنّت حروب وهدأت حروب لأجل أعينهنّ .
ولما قالت الأمهات لأبنائهنّ العشاق : "خلاص ياوليدي ترى البنت ماتصلح لك, خلهم بحالهم, ولا تورطنا, مالنا والدخول بين السلاطين"
ضحكنا جميعاً, وأيدتها شخصياً, ثم قلت مؤيدة كلام صديقتي: نعم, قد ترسل عبلة صورتها لعنترة عبر الايميل أو وسائط الجوال, وقد يكلمها عبر الماسنجر فلا يحتاج لرؤيتها عند الصخرة, وتكبّد العناء واللعنات لأجلها, بينما لايحتاج قيس ليقبّل جدران البيوت لأن ليلى تسكن في احدهم, فهو سيحادثها ويسمع صوتها وإذا كان لديها جهاز متطور ذو كاميرا سيراها أي وقت شاء, ولا تحتاج لبنى لأن تقف عند النبع موهمة الآخرين بأنها تستسقي لخيمتهم وهي تنتظر قيساً, فربما لم تصله الرسالة, أو فصلت الخدمة عن جهازه النقال لأنه لم يدفع المبلغ الهائل المطلوب سداده, لأنه يكلمها لساعات متواصلة كل ليلة حينما يهجع أهل الدار للنوم, وقد لاتحتاج جولييت لأن تقف على قدميها ساعات لتنتظر روميو لتعقد معه موعداً,قد يتفقان في الماسنجر على لقاء في آخر الليل وتفتح الكاميرا ويتكلمان دون أن يراهم أو يشعر بهما أحد, ودون ان يتعرضا لأذى, "و يا دار ما دخلك شر".
قالت أخرى في نهاية الصف : لكن عليها ألاّ تغفل عن حذف المحادثات كي لا يراها أخيها الأكبر, فغرام الأخوة الكبار التصنت على محادثات أخواتهنّ الفتيات, فحينها ستبدأ الحروب وتشنّ الغارات ويفكرون في غسل الشرف, "وتيتي تيتي مثل مارحتي جيتي"
ضج الفصل بالضحك, وتعالت بعض التعليقات .
بينما كانت الأستاذة تنظر إلينا بدهشة وتقول: "صحيح جيل ما ينقدر عليه" .
16-09-08, 09:59 PM
*مناقشة ظريفة في حصة اللغة العربية*
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
