"شاء الله ان يراهن سبايا"
عدد النساء اللاتي كن في كربلاء
لا توجد إحصائية تفصيلية عن عدد النساء اللاتي كن في كربلاء في جانب المخيم الحسيني ، غير ما ذكره المحدث القمي(1) في كتابه (نفس المهموم ) ، ناقلا عن ( الكامل ) للشيخ البهائي(2) وقد ورد فيها أن عددهن كان عشرين امرأة . وغير ما ذكره في وسيلة الدارين في أصحاب الحسين .
أما النساء اللاتي ورد لهن ذكر صريح في الروايات التاريخية ، أو اشتهر حضورهن من خلال مواقفهن مع أقاربهن ( الزوج ، الأب ، الولد ..) فيمكن رصد الأسماء التالية :
1- زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام ، وذكرها في الواقعة لا يحتاج إلى توضيح .
2- أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليهما السلام ، ومع أن المحقق السيد المقرم رحمه الله قد ذكر في المقتل اتحاد الاسمين ، وأنه لم يكن هناك إلا واحدة فتارة تذكر باسمها ( زينب ) وأخرى بكنيتها ( أم كلثوم ) إلا أن ذلك خلاف الظاهر ، ذلك أنه كان لأمير المؤمنين عليه السلام من البنات من تسمى زينب ، وكان له من تسمى أم كلثوم وقد نص عليه عدد من مؤلفي الأنساب ، وأيضا فإن الروايات التاريخية تتحدث عنهما ، ولا نرى ملجئا يلجئ المؤرخ إلى القول بالاتحاد .
3- فاطمة بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد ورد ذكرها في أكثر من موضع ، منها في الشام عندما نظر إليها الشامي وأراد أن يأخذها جارية !! ولها حوار مع زينب في طريق العودة من الشام ، وهي زوجة أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب الذي استشهد من أولاده محمد في كربلاء .
4- خديجة بنت أمير المؤمنين عليه السلام : زوجة عبد الرحمن بن عقيل الذي استشهد في كربلاء مع الامام الحسين عليه السلام ومن الطبيعي أن تكون معه زوجته في تلك الرحلة .
4- الرباب بنت امرئ القيس زوجة الامام الحسين عليه السلام وأم عبد الله الرضيع ، ومعها أيضا ابنتها :
5- سكينة بنت الامام الحسين ودورها في كربلاء ، وتفاصيل الواقعة معروف .
6- رقية بنت الامام الحسين عليه السلام ، التي روي أنها توفيت في الشام .
6- حميدة بنت مسلم بن عقيل ، حيث ورد ذكر لها أن الحسين عليه السلام لما جاءه خبر شهادة أبيها وهو في منطقة زرود أجلسها في حجره ومسح على رأسها وأخبرها بخبر أبيها ، ومن الطبيعي أن تكون معها أمها :
7- رقية بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، والتي استشهد زوجها مسلم في الكوفة بينما استشهد ابنها عبد الله في كربلاء أصابه سهم فأثبت يده في جبهته بعدما قتل من الأعداء عددا كبيرا .
8- أم وهب ( قمر بنت عبد ) زوجة عبد الله بن عمير الكلبي ، التي كانت مع زوجها ، وهي التي خرجت بعده تشجعه على القتال كما كانت معه :
9- أم عبد الله بن عمير ، وهي التي كانت تشجع ابنها على القتال حتى إنه لما رجع وقال لها : أرضيت عني قالت : ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين عليه السلام .
10- أم عمر بن جنادة بن الحارث السلمي وهو الغلام الذي قتل أبوه في المعركة ، وخرج فرده الحسين عليه السلام قائلا : هذا غلام قد قتل أبوه الساعة ولعل أمه تكره خروجه ، فقال الغلام : أمي أمرتني بذلك ، فقاتل حتى قتل ، فأخذت أمه عمودا وخرجت وهي تقول :
أنا عجوز في النساء ضعيفة خاوية بالية نحيفـــة
أضربكم بضربة عنيفــة دون بني فاطمة الشريفة
11- جارية لمسلم بن عوسجة : فإنه لما قتل خرجت من خبائه جارية وهي تنادي وامسلماه وا ابن عوسجتاه .
12- أم عبد الله ( أو عبيد الله ) بن الحسن المجتبى عليه السلام ، وهو ( غلام لم يراهق خرج من عند النساء وهو يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين ) وكان الحسين صريعا على الأرض . فإنه من الطبيعي في مثل ذلك السن أن يكون مع أمه . وقد ذكر بعضهم كما في إبصار العين للسماوي ، أن أمه كانت تنظر إليه ، ولا أعلم هل هذه رواية أو هو استنتاج من واقع كونه صغير السن ، وأنه لا يمكن أن يكون من دون أمه .
وهكذا الحال بالنسبة إلى :
13- فاطمة بنت الحسن المجتبى عليه السلام زوجة الامام زين العابدين وأم الباقر عليهما السلام ، فإن الباقر وهو في سن الثالثة ـ أو الرابعة ـ على ما قيل لا يمكن أن يكون منفردا عن أمه .
14- زوجات الشهداء الذين كانوا في المعركة : إننا نحتمل أن عددا من الذين خرجوا مع الحسين عليه السلام قد اصطحبوا زوجاتهم معم ، فليس طبيعيا في المجتمع العربي والمسلم أن يخرج الرجل في سفر بعيد(3) كالذي حصل مع الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء ، ولم يكن ذلك السفر معلوما في توقيت العودة ، أو أصلها .. أقول ليس طبيعيا أن يترك الرجل زوجته أو زوجاته ، ويخرج في سفر عنهن منفردا ، خصوصا مثل ذلك السفر الحسيني . وهذا الاستقراب لا يرقى إلى كونه دليلا مثبتا لوجود هذه النساء ، ولكنه بحسب الاحتمالات يكون محتملا جدا .
* ومثلما ذكر المؤرخون عن مسلم بن عوسجة أنه لما قتل خرجت من خبائه جارية منادية وامسلماه .. فإن كان المقصود بالجارية : البنت الصغيرة من بناته فهو يشير إلى وجود نساء معها كأمها مثلا ، وإن كان المقصود بالجارية الأمة المملوكة ، فكذلك إذ يبعد أن يصطحب مثل مسلم جارية ، ولا يصطحب زوجته . ولعلها على التقدير الثاني كانت لخدمتهما .
* وهكذا مثل العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام يبعد أن يكون من دون زوجته لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب .فإنه وإن لم يذكر في روايات الواقعة شيء عن زوجته إلا أن ذلك لا ينافي وجودها فإن الدواعي لعدم ذكر النساء مع عدم وجود موقف متميز أو حادثة ملفتة للنظر ، أكثر من دواعي الذكر .
* ونفس الكلام يأتي بالنسبة إلى علي الأكبر بن الحسين عليهما السلام .
ثم إن السيد الزنجاني قد ذكر في كتابه(4) وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام ، عددا كبيرا في البداية هو عدد الذين خرجوا معه ، ناقلا ذلك عن معالي السبطين ، فقال : إنه لما أراد الحسين الخروج من المدينة اجتمع عنده أولاده وزوجاته وأخوانه وأخواته وبنو عمومته وأولاد أخيه الحسن ، وبناته ومواليه والجواري والخدم .. وهم من حيث المجموع ( 222 ) نفرا !!وهم الذين خرجوا مع الحسين من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق .
ثم أمر بإحضار 250 من الخيل للركوب وفي خبر آخر 250 ناقة ، وأمر بـ 70 ناقة للخيمة ، و40 ناقة لحمل القدور والأواني و30 ناقة لحمل الراوية والقرب لأجل الماء و 12 ناقة لحمل الدراهم والدنانير والحلي والحلل والجواهرات والزعفران والعطريات والورس والأثواب اليمانية .. ( أي أن مجموع النياق = 402 ناقة ) !!(5)
ثم ذكر في آخر الكتاب ، مازجا كما يظهر بين ما ذكره المازندراني في معالي السبطين ، وما توصل إليه أو يوافقه عليه ، ما حاصله أن مجموع النساء كن 42 إمرأة ومعهن من البنات 10 ، ومن الجواري 9 ، فيكون المجموع على هذا 61 إمرأة وبنتا وجارية .
وفي التفاصيل : ذكر أن ( 8 ) من زوجات أمير المؤمنين عليه السلام قد حضرن كربلاء. ومن نساء الامام الحسن عليه السلام ( 5 ) . ومن بناته ( 4 ) .
وأنه قد حضر ( 12) من أخوات الامام الحسين عليه السلام .
ولا نعلم في الواقع عن المصدر التاريخي أو الروائي الذي استقى منه المازندراني(6) ( رحمه الله ) معلوماته لكن يشكل قبول هذه الاحصاءات بنحو مطلق ، وينبغي التأمل فيها :
* فإنه قد ذكر أن أمامة بنت أبي العاص العبشمية : زوجة أمير المؤمنين عليه السلام كانت من جملة من حضر ، ولا يمكن قبول ذلك ، فإنها بعدما تزوجها أمير المؤمنين ، واستشهد عنها أوصاها أن تجعل أمرها إلى المغيرة بن نوفل بن الحارث المطلبي(7) لأن معاوية قد يخطبها ، ففعلت وتزوجها ، وتوفيت قبل سنة (50 ) للهجرة أي قبل الواقعة بأحد عشر سنة . ويدل عليه إضافة إلى نص الكثير عليه وذكرهم أنها ( ماتت عند المغيرة بن نوفل في دولة معاوية بن أبي سفيان(8)) ما رواه في الوسائل من حضور الحسن والحسين وصيتها ، وقد اعتقل لسانها (9) وماتت على ذلك(10).
* ومع أن نساء أمير المؤمنين عليه السلام كن كثيرات ( ما بين حرائر وأمهات أولاد ) إلا أن التأريخ لا يذكر بصراحة عدد الباقيات منهن بعده ، إلا نادرا ، فلا أعلم من أين استقى الشيخ المازندراني رحمه الله هذه المعلومات عن كونهن كلهن على قيد الحياة(11) ، وتأكيد سفرهن مع الحسين عليه السلام .
وقد ذكر أن من زوجات علي اللاتي كن في كربلاء ، ليلى بنت مسعود الدارمية النهشلية ، ولا يمكن قبول ذلك ، فإنها قد تزوجت بعد أمير المؤمنين عليه السلام بعبد الله بن جعفر الطيار ، وبهذا صرح أكثر أهل الرواية والأثر(12) ، وجمع بينها وبين زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وليس من الطبيعي أن تترك زوجها عبد الله بن جعفر لتذهب في سفر مع الحسين خصوصا أن زوجته الأخرى زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام قد ذهبت في ذلك السفر .
* كما أنهما ذكرا(13) في ضمن من خرج من المدينة إلى مكة ، ( شاه زنان ) شهربانو أم زين العابدين عليه السلام ، بتلك الكيفية التي ذكراها . بينما المشهور عند المؤرخين أنها توفيت في نفاسها بزين العابدين(14) أي قبل تلك الواقعة بما يزيد على اثنين وعشرين سنة .
وأظن ـ والله العالم ـ أن العدد الذي ذُكر إضافة إلى اختلافه ما بين المذكور في الخروج من المدينة والموجود في كربلاء ، حيث ذكر في الأول أنه كان ( 222 ) وهو غير العدد الذي التحق بالحسين في مكة وفي الطريق إلى كربلاء ، من الرجال ( وبعضهم مع نسائهم وأطفالهم ) وطرحنا منه عدد الشهداء الرجال وهو أكثر من المائة بقليل ، فيبقى عدد النساء والأطفال شيئا بحدود المائة وعشرين ، وهو يخالف النتيجة التي وصلوا إليها . وهي أنهن كن بحدود ( 61 ) فهو قريب نصف العدد المذكور قبلئذ . إلا أن يقال أن الأطفال الصغار كان عددهم يقارب هذا أيضا .
أقول : إضافة إلى اختلاف العدد المذكور بين الحالين بمقدار كبير ، فإنه يعتبر بنفسه عددا كبيرا جدا ، لا يساعد عليه النقل التاريخي . فإن افتراض أن كل من كانت زوجة لأمير المؤمنين عليه السلام أو زوجة للامام الحسن أو الحسين عليهما السلام ، أو أماً لواحد من الشهداء ، افتراض أن يكون كل أولئك قد حضرن ـ بالضرورة ـ في كربلاء ، مع عدم نقله صراحة ولا تلميحا ولا إشارة .. مما لا ينبغي الركون إليه .
وهذا المعنى لا ينافي ما ذكرناه في أول الحديث من (إننا نحتمل أن عددا من الذين خرجوا مع الحسين عليه السلام قد اصطحبوا زوجاتهم معم ، فليس طبيعيا في المجتمع العربي والمسلم أن يخرج الرجل في سفر بعيد(15) كالذي حصل مع الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء ، ولم يكن ذلك السفر معلوما في توقيت العودة ، أو أصلها .. أقول ليس طبيعيا أن يترك الرجل زوجته أو زوجاته ، ويخرج في سفر عنهن منفردا ، خصوصا مثل ذلك السفر الحسيني ) . فإننا في هذا المقطع نثبت مجيء عدد من نساء الشهداء وذلك في الجملة ، بينما ننفي كلية ذلك أي أن كل من كان من الشهداء فإن أمه مثلا قد كانت معه ، أو أن كل من كان زوجات الامام علي فإنها قد حضرت في كربلاء !!
وبناء على ما تقدم فإننا نستبعد العدد الذي يذكره في وسيلة الدارين ، والذي ينهي إلى أن عدد النساء كن بحوالي ( 61 ) امرأة ، حتى لو أضفنا إليهن عدد الجواري .
ونستقرب أن يكون العدد الذي ذكره الشيخ البهائي في الكامل ـ بالرغم أننا لا نعرف مستنده في هذا العدد ، وأنه هل هو رواية عن المعصومين مثلا ، أو نقل من بعض المؤرخين المتقدمين ـ هو الأقرب للقبول ، وأنهن كن في حوالي العشرين أو أكثر بقليل . وهو الموافق فيما نعتقد ، للسير الطبيعي للحوادث ، ولكن هذا العدد لا يشمل الأطفال .
ونعتقد أن الذين التحقوا بالحسين عليه السلام فيما بعد لم يكونوا قد اصطحبوا نساءهم في الغالب ، فالذين جاؤوا من البصرة ( العبديين ) جاؤوا منفردين ، والذين التحقوا بالحسين من الكوفة في خلسة من الحراسات المسلحة ، مثل حبيب بن مظاهر أو على أثر مواجهة معها مثل الدالاني ، أو من خلال خروجهم مع الجيش الأموي أيضا ( كالذين تقدم ذكرهم في ذيل سؤال عن الذين تحولوا ) كذلك ، والذين حصل لهم التحول بعدما كانوا ضمن الجيش الأموي كذلك(16) ، كما أن الذين التحقوا به في الطريق لم يُذكر أنهم كانوا مع نسائهم غير ( جنادة بن الحارث السلمي ) و ( عبد الله بن عمير ) . وأما ( زهير بن القين ) فقد أرسل زوجته إلى الكوفة ولم تحضر الواقعة .
ويمكن أن يقال : أن هذا العدد كان عدد النساء من أهل البيت ومن يرتبط بهم من نسائهم ، وقد يكون هناك عدد آخر يضاف إليه ، هو عدد النساء من غير أهل البيت وقد كن معهن في كربلاء ، ويفترض أنهن في الكوفة قد عدن إلى أهاليهن