New Page 1

العودة   .. :: منتدى تاروت الثقافي :: .. > منتديات العلوم الدينية > منتدى الثقافة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-06, 11:06 AM   #1

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


تغطية فعاليات الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد السيد محمد الشيرازي نور الله ضريحه


مع اطلالة اليوم الثاني لايام عيد الفطر المبارك يودع حليف الدواة دار الدنيا لتستقبله الحور العين في دار الفردوس الاعلى مع الانبياء والشهداء والصالحين , هناك حيث اجداده الطاهرين ومن سار واقتفى نهجهم وخطاهم .
في 02/10/1422هـ كان يوماً مشهوداً لكل من كان يجد فيك وفي ظلامة آل البيت عليهم السلام السلوى في تحمل الظلم والاضطهاد .
42 عاماً هي عمر مرجعيتك منذ تصديك لها في عام 1380هـ وحتى تاريخ رحيلك المر في عام 1422هـ , كان يوازيها 42 عاماً من الظلم أن لم يكن أكثر بحقك , وكنت ورغم كل ذلك عصياً لا تلين , جاعلاً من الخلق المحمدي والشجاعة العلوية والمعاناة الفاطمية والفداء الحسيني والصبر الزينبي نافدة لرؤياك في طريق ذات الشوكة .
كيف لا ومثلك من نعى نفسه ورثاها وهو مايزال في الثلاثينات من عمره الشريف مع بداية تصديه لمهام المرجعية موطناً بذلك روحه لما سوف يلقاه مهما كان حجمه ومدى مرارته في خاطرة ادبية مؤثرة حيث يقول :


رثاء العمر


( الآن وقد تراءى شبح الموت الجاثم عن كثب , واشتعل مبيض رأسي في مسوده , وذهبت عني حمارة قيظ الشباب , وترقرقت في جنباتي صبارة قر الشيب , وأخذ العمر يذوب شيئاً فشيئاً في شمس الخريف , حتى لايبقى منه شيء حتى الحفنة الأخيرة , وأنشأت الروح الحارة تصرد على القوة تصريداً , وطفقت سماء النشاط تمطر طلاً رذاذاً , لا وابلاً غزيراً , فلا تعشوشب أراضي الفكر التي كانت يخرج نباتها بإذن ربها إلا نكداً , لاينجح مرعاه , ولا يسر مرآه , وشرعت أتنهد تنهد من فقد أعز ما لديه من مال وولد وعلم وجاه .
الآن وقد وصلت قمة حياتي ..
قد بلغت الثلاثين وهي نصف العمر الطبيعي الذي أقدره لنفسي , والإرادة بيد الله , ولا أدري كيف أنحدر ؟ هل كما صعدت ؟ أقوم مرة وأقعد أخرى , وأفرح تارة وأكتئب تارات , يرفعني سعد وينزلني نحس , يسوقني أمل ويوقفني يأس , بين غنى وفقر , وصحة ومرض , وعز وذل , ورضى وغضب ..
أم يكون انحداري كجلمود صخر حطه السيل من عَلِ , فلا أرى غير لين الشيب , وهدوء الضعف , وملاءمة بياض الشعر , أم أخفى لي الدهر بين طيات مستقبله الغائب شروراً وأمراضاً وأسقاماً , وسباً وضرباً , وحبساً وذلاً , وهوناً ومقصلة


لعمرك ماتدري الطوارق بالحصى ........... ولازاجر الطير ما الله فاعل


الآن , وقد أخذت نُذُر الشيب تترى , واحداً تلو الآخر , وثانياً تلو الأول , فبينما يقوم أحدها في اللمة , يقوم الثاني في الصدغ , والثالث في العثنون , كأنها نبال مريشة من مرامي الموت الكامن وراء أكمة الشيخوخة , ترميها كي تضعف هذه المنة , فلا تعضل عليه الصراع , ويكون له الغلب عند اللقاء , الآن , وقد قرأت في سجل حياتي سطور العمر المنقضي , وتذكرت خيره وشره , ونجده ووهده , وجده وهزله , وعزه وذله , وحله وترحاله , وضعته وإقامته , وصدقه وكذبه , وأحلامه وآماله , وأمانيه وغروره , وضعفه وقوته .
تذكرت حين كنت طفلاً أغرد كالشحرور في أعصان الرياض , لا أحمل هماً , ولا يشوب خاطري شائب حزن وألم , ولايخالجني مضض وارتماض , ألعب مع أترابي , وأمرح مع أصحابي , لا أنام إلا فرحاً , ولا أستيقظ إلا جذلاناً , لا أرى وراء يومي يوماً , ولا بعد فرحي حزناً .

وتذكرت إبان يفعتي حين كنت أغدو إلى الدرس صباحاً , وقد خالطني خوف العلم , وشماتة الرفاق إن لم أكن حفظت درسي , أو نبا بي ذهني في ما حفظته , ثم أروح إلى الدار مستبشراً فرحاً , أطير إليها طيران الحمام الزاجل , ألقي تعب المعلم والتلاميذ عن الكاهل , وتذكرت زمان كنت أعد فتى من الفتيان , وشاباً من الشبان , يجدّ جدي في التعليم والتعلم , والبحث والنقد , والحل والنقض , أتعلم الأصول تارة , وأعلم النحو أخرى , وأباحث الحساب حيناً , والهندسة زماناً , وأطالع التاريخ والجغرافيا , وأمارس الكلام والفقه .
وها أنا وصلت إلى دوري الرابع ولا أدري كيف يمر بي ؟
أمرور الكوكب الزاهر في السماء ؟ أم هوي الشهب دفعة في الظلماء ؟ لا أدري هذا ولا ذاك ؟ وإنما أدري خطفة الزمان , وعجيب تقلب الأيام , وانتقال الدهر من حال إلى حال , فلا أبقى كما أنا ولا كما هو , بيني وبين مستقبلي جدار لايمكن نقبه , ولا يعقل تسلقه , حتى أرى ما وراؤه , وما يخط من الخطوط , وما يقسم لي بين الأقسام والأنصبة , أيزجر الطير بسعدي فأغبط ؟ أم بنحسي فأحزن ؟ أو تمدُ أنامل القضاء خط عمري في خرائط الأعمال فأطيل الأمل وأحكم البناء ؟ أم تقصر فأقصر الأمل وأزيد في العمل , وأتدارك ما فات , وأشد الحزام لما هو آت .
لا علم لي بأي الأمرين , ولا أتمكن من استطلاع ما احتوت ضلوع الغيب المستور , كل ما أعلم أن عمر الدنيا قصير مهما طال , ومدته إلى انقضاء وإن امتدت , فكأني أنحدرت من هذه القمة التي أنا عليها اليوم , فوصلت السفح , وهناك دعاني داعي المنون , وقضي علي بقضائه الأخير , وحكم علي بترحال لا أرجو معه رجوعاً , وبظعن لا آمال معه في إقامة , حتى وأنه ربما لايمهلني لوداع أصحابي , واسترضاء أحبابي , ولا يستعتبني ولا يُرضيني )
*.
*****
رحم الله من يقرأ لروحه الطاهرة سورة الفاتحة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
صدق الله العلي العظيم


اللهم أوصل ثواب ما قرأت إلى روح النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإلى روح فقيدنا , آيتك العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي وإلى أرواح المؤمنين والمؤمنات جميعاً أنك سميع مجيب الدعوات..
نسأل الله عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه..
أناله الباري شفاعة محمد وآله الطيبين الطاهرين..
..............................
*
المصدر: كتاب (مقالات ) للامام الشيرازي صفحة 116 الطبعة الاولى عام 1380هـ نقلاً عن كتاب (المجدد الشيرازي الثاني ـ تحول في التاريخ الاسلامي) للشيخ محمد سعيد المخزومي ج2 صفـ164ــ166ــحة الطبعة الاولى عام 1423هـ الصادرة عن دار العلوم ـ بيروت ـ لبنان .
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 29-10-06, 01:52 PM   #2

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


احياءالذكرى السنوية الخامسة لرحيل المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس سره بمدينة قم المقدسة



المرجع المحقق الشيرازي إلى جانب العلماء الأفاضل

مؤسسة الرسول الاكرم(ص) الثقافية - قم المقدسة
بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الفقيه المجاهد الصبور، العالم الربّاني الورع، سلطان المؤلفين ونابغة الدهر، المجدّد الشيرازي الثاني، المرجع الديني الكبير، سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله مقامه، أقيم مجلس تأبيني في مسجد الإمام زين العابدين سلام الله عليه بمدينة قم المقدسة يوم الخميس الموافق للثالث من شهر شوال المكرّم 1427 للهجرة بعد صلاتي المغرب والعشاء.
حضر في هذا المجلس المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، والسادة الكرام من الأسرة الشيرازية، وآل المدرسي والفالي والقزويني، وعدد من المراجع الكبار، ومندوبي بيوتات المراجع الأعلام، والعلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية، وضيوف من العراق وسورية والخليج، والمئات من المؤمنين والمحبّين لآل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من قم المقدسة وباقي المحافظات الإيرانية.
بدأ المجلس بتلاوة معطرة من آي الذكر الحكيم تلاها المقرئ الأخ الكعبي.
بعده كانت مشاركة لرادود أهل البيت الحاج أبو الفضل الناظم، قرأ فيها أبيات شعرية تناول فيها مناقب ومصائب الأئمة الهداة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.
بعد ذلك ارتقى المنبر الحسيني المقدس فضيلة الخطيب المفوّه الشيخ معاونيان، وألقى كلمة قيمة أشار في بدايتها إلى الخدمات القيمة والآثار العلمية الواسعة التي قدّمها صاحب الموسوعة الروائية الشريفة (بحار الأنوار) العلاّمة محمد باقر المجلسي قدس سره الشريف، والدور العظيم الذي قام به في إحياء معالم الدين الحنيف، حيث استثمر رضوان الله تعالى عليه قوّة وإمكانات الدولة الصفوية التي عاصرها في نشر تعاليم أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ثم تطرّق إلى الدورين العلمي والثقافي العظيمين للمرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته وقال:
كان المرجع الراحل صاحب بصيرة نافذة وذا أفق واسع، ويمكن لمس ذلك من خلال موسوعته الفقهية العظيمة التي ألّفها لتكون مصدراً مهماً من مصادر العلم والتحقيق في العلوم الإسلامية.
وأشار معاونيان إلى الكمّ العظيم من المؤلفات والآثار العلمية للمرجع الراحل وقال:
لقد ترك المرجع الراحل الكثير والكثير من المؤلفات الصغيرة والكبيرة، التي تطرّق فيها قدّس سره إلى سبل نشر ثقافة أهل البيت سلام الله عليهم وحلول الأزمات التي تعصف بالأمة الإسلامية، ولم يقتصر قلمه الشريف على طبقة خاصة من المجتمع.
وكان رحمه الله تعالى يؤكد أن الكتب الدينية يجب أن تهدى للناس وبالأخص الشباب، لا أن تباع. في حين أن أكثر المؤلفين والمتصدّين لأعمال النشر لا يفكرون إلاّ بالمؤلفات التي تنفعهم اقتصادياً وتدرّ عليهم الأرباح.
واعتبر معاونيان المرجعية الرشيدة والمجالس الحسينية بأنهما مصدر قوة التشيّع وقال: إن بقاء التشيع رهين هذين الأمرين، وقد كان المرجع الراحل يؤكد دائماً ضرورة إقامة الشعائر الحسينية وتوسيعها وتشييد الحسينيات والاهتمام بإرسال المبلّغين إلى مختلف نقاط العالم لتعريف فكر أهل البيت سلام الله عليهم للبشرية جمعاء.
وذكر معاونيان بأن التوفيق الذي ناله المرجع الراحل كان بفضل توسّله بمولانا سيد الشهداء صلوات الله عليه وأكّد: إن التعفّر بتراب مراقد أهل البيت وبالأخصّ الروضة الحسينية المقدسة يصقل النفس ويصوغها ذهباً خالصاً، وقد حاز المرجع الراحل على المقام العلمي والمعنوي بفضل توسّله وتضرّعه إلى الله عزّوجلّ تحت القبة الطاهرة لمرقد مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه. فكل ما خلد من السيد المرحوم من آثار علمية وخدمات عظيمة فهو بفضل كربلاء المقدسة.
وفي ختام كلامه تطرّق معاونيان إلى ذكر ملاحم ومصائب حامل لواء كربلاء سيدنا قمر بني هاشم سلام الله عليه وقال:
من المعروف أن الإنسان عندما يؤثر غيره على نفسه فإنه يقدّم إيثاره عادة بالاستعانة بجوارحه كاليد مثلاً، لكن مولانا العباس سلام الله عليه آثر بكلتا يديه في سبيل نصرة الحسين سلام الله عليه.
بعد ذلك ارتقى المنبر أيضاً فضيلة الخطيب الشيخ المحمودي وتطرّق إلى ذكر جوانب من حياة المرجع الراحل وجهاده وهجرته وقال: إن المرجع الراحل قدّس سره الشريف هو مصداق للآية الشريفة: «وجعلني مباركاً أينما كنت» حيث ترك آثاراً وبركات عظيمة جداً في العراق والكويت وايران وفي الكثير من البلاد الإسلامية.
وأكّد: إن العظماء كالمرجع الراحل هم خير وبركة للعالمَين أجمع وليس للمسلمين أو للشيعة أو للعرب فحسب.




__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 30-10-06, 10:48 AM   #3

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"



الامام الشيرازي في ذكراه الخامسة: افق متجدد وحاضر متألق
كتب: مرتضى معاش

مع حلول الذكرى الخامسة لرحيل المجدد الثاني الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) ترتسم على دروب الواقع المعاصر آفاق المشروع الحضاري الانساني لهذا الراحل العظيم ميدانيا ومعنويا. حيث يتجدد هذا الافق رغم نهاية الجسد بعطاء مستمر وتألق حاضر عبر افكاره ومشاريعه التي خطها طوال مسيرته الجهادية الكبيرة.

ليس الحديث عن الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده) حديثاً عن فترة تاريخية قصيرة، انتهت يوم رحيله عنّا، بل هو حديث عن تاريخ سيال تترابط فيه عناصر الماضي والحاضر لتمتد إلى المستقبل.. فالعظماء هم الذين يصنعون التاريخ ويرسمون بأناملهم آفاق المستقبل مما يجعل تألقهم حاضرا دوما.

والإمام الشيرازي الراحل هو إرادة فذة اخترقت قيود التاريخ المفروض ليكتب لنفسه تاريخاً مميزاً ومختلفاً تكاملت فيه كل صفات الإنسان الحر والمؤمن والمجاهد في زمن كان كل شيء فيه يسير ضده ويتآمر عليه ويخطط للقضاء عليه ولازال التآمر عليه وعلى تياره موجودا رغم مرور خمس سنين على رحيله المؤلم.

لقد كان تاريخه معركة حامية خاضها بقوة التحمل والصبر والاستقامة دون أن تستثيره نوازع الغضب والانتقام والضعف. فربح معركة التاريخ عندما رحل شامخاً لم يرض بالذل والعبودية ولم يستسلم لأهواء الصفقات والمساومة والانتهازية، وهكذا فإن الإرادة الفردية تسطر ملحمة خالدة عندما تنتصر بموتها على أعدائها كما انتصر الإمام الشهيد الحسين (ع) في كربلاء.

لا نغالي إذا قلنا أن الإمام الراحل أصبح تاريخاً مميزاً كتبه بنفسه، ذلك أنه (قده) صنع مشروعاً إنسانيا شاملاً تتكامل فيه كل العناصر اللازمة لخلق حقبة زمنية مختلفة ومنتزعة من التاريخ الروتيني العادي. فشمولية مشروعه ذاتياً واجتماعياً وسياسياً وحضارياً هي التي توجب علينا كحملة أقلام أن نصفه بصانع التاريخ. لذلك فإننا عندما نقرأ التاريخ الإنساني ونستلهم منه العبر فإننا نقرأ في فترات زمنية معينة كان فيها لأفراد وأمم أداؤهم الإنساني الواضح والمؤثر.

وقد كانت قوة إرادته (قده) تنبع من إيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وقوة توكله الكبير عليه حتى كان هذا التوكل يتحول إلى شجاعة غريبة تتجاوز حسابات الخوف والمصلحة، إذ مع إحساسه بالتكليف الشرعي لأي قضية معينة كان هذا التكليف يتحول إلى موقف صلد لا يتنازل عنه في مطلق الأحوال.

ومن خلال هذه الإرادة الكبيرة برزت عند الإمام الشيرازي الراحل (قده) صفتان تميز بهما على طول الطريق، الأولى هي الثقة الكبيرة بالنفس وهي ثقة استوحاها من ثقته بالله عزوجل، حتى أن تطلعاته الكبيرة وطموحاته الواسعة كانت تدهش البعض، مثل طموحه للأمة الإسلامية الواحدة، أو سعيه لتطبيق شورى الفقهاء، أو تطلعه لإنقاذ الغرب ونجاته، وهو في كل ذلك كان يرى أن الثقة بالذات هي مفتاح الوصول والنجاح، إذ كان يحسن الظن بالله كثيراً، لذلك تحقق الكثير من مشاريعه وطموحاته بفضل ثقته الكبيرة بالله تعالى.

الثانية: أنه لم يعرف شيئاً اسمه المستحيل، فقد كان يتحرك بكل طاقاته لتحقيق أي هدف يؤمن به، وكان سره في ذلك إيمانه بأن الله أودع في الإنسان طاقات كبيرة قادرة على تجاوز المستحيل وتحقيق المعجزات، لو آمن الإنسان بذلك وسعى غاية سعيه. وقد كان بعض المستحيل الذي حققه هو التراث العلمي والثقافي الكبير الذي خلّفه، حيث تجاوزت مؤلفاته الألف ومئتي مؤلف منها، موسوعته الفقهية الضخمة التي تجاوزت المئة وخمسين مجلداً، وهي بذلك تعد أكبر انجاز فقهي في التاريخ الإسلامي أنجزه فرد واحد في مختلف العلوم والموضوعات.

وتظهر شمولية مشروع الإمام الشيرازي الراحل (قده) من خلال ذلك الدور القيادي الذي تصدى له، فلم يكتف بالدور المرجعي المتمثل بعملية التقليد، بل كان دوره قيادياً يسعى لتحقيق الإصلاح ورفع عناصر الانحراف والتخلف عبر الجهاد والتنظيم والتوعية والبناء، وهو بذلك لم يسع إلى منصب سياسي أو سلطة حكومية (مع أن ذلك تهيأ له في مرات عديدة لكنه رفضها)، بل كان دوره أكبر من أن يكتفي بإنجازات الحاضر بقدر ما كان يسعى لبناء المستقبل عبر إصلاح الحاضر وتوفير النموذج الصالح للامتداد.. كان بقيادته الإصلاحية ينظر إلى بناء تراكم تاريخي للأمة يهدف إلى عملية النهوض التدريجي عبر الوعي والعلم والتثقيف ورفع مستوى التفكير والإدراك عند الأمة.

وتظهر أهمية مشروعه الحضاري الشامل وتصديه القيادي، في علاقته الاستراتيجية العميقة مع الجماهير، فلم تكن علاقة عادية تقتصر على وجود دور المرجع والمقلد بل كانت هذه العلاقة تقوم أساساً على التربية الأخلاقية والثقافية والارتباط العقلي والعاطفي القائم على الولاية والمحبة، فكل مقلد من مقلديه كان تلميذاً في مدرسة الإمام الشيرازي انتهل من علومه وأفكاره، فأصبح بدوره مؤسسة تقوم بدورها الشرعي والتبليغي والاجتماعي أينما وجد هذا المقلد. لذلك كان الشيرازي موجوداً في كل مكان من العالم، لأن أتباعه وتلامذته ومقلديه كانوا يشكلون امتداداً فكرياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا هو أحد معاني الشمولية.

لقد شكل الإمام الشيرازي(قده) نموذجاً فريداً في عصره والعصور التي سبقته فقد طرح في مشروعه الشامل أفكارا تكاد تكون إبداعية في لغة طرحها، وانسجامها بين الدين والعصر فشكلت فكرة الحرية هاجساً ذاتياً متحركاً في مشروعه فكريا وأخلاقياً وشخصيا. اذ كان يعتبر أن معركته الأساسية هي الحرب المستمرة ضد الاستبداد والاستعمار، وأن الحرية هي المبدأ الأول الذي يجب أن ينطلق منه المشروع التغييري والإصلاحي للأمة، فكان جهاده مستمراً ضد الطغاة في كل البقاع التي ذهب إليها من أجل توعية الأمة بهذه الحقيقة التي يتوقف عليها مصيرها، لقد كانت الحرية متشربة في ذاته وقلبه وفكره حتى أصبح ذلك المتحرر الذي يرفض بشكل مطلق أن تفرض عليه القيود والأغلال. فلم يرضخ لأهواء المساومة التي كانت تعرض عليه اغراءً أو تهديداً، فتمرد على الطغاة ورفض منطق الاستغلال والاستعباد وإن كبلوا حركته وجسده، لكنه بذكائه ونضجه وعقليته المعرفية الواسعة كان يتخلص من هذه القيود ويفتح لنفسه آفاقاً جديدة ينشر منها مشروعه الحضاري. فقد كان (قده) أقوى من العبودية و الاستبداد لأن الأحرار هم السادة والحكام على قلوب الناس بعبوديتهم المطلقة لله سبحانه وتعالى.

ويمكن أن نقول عن حركة الإمام الشيرازي (قده) أنها مشروع حضاري شامل لأنه كان مشروعاً ناضجاً قام على الفهم الصحيح والوعي السليم والحركة العقلانية، والأهم من ذلك هو تجسّد المشروع الحضاري بشكل عملي على أرض الواقع، وهذا الأمر هو الذي يعطي حركته الصدقية والواقعية في مبادئها وأهدافها. إذ نرى الإمام الشيرازي الراحل كان يمثل تجسيداً عملياً وواقعياً لأهم المبادئ التي رفع رايتها بشكل متواصل وهو مبدأ اللاعنف والسلم.

إن مشروع الإمام الشيرازي (قده) الشامل ارتكز على محور اللاعنف مبدءاً وفكراً وسلوكاً، ورفض العنف جملة وتفصيلاً، وهذا هو الذي يجعل هذا المشروع الشامل أوسع من الزمان والمكان ليشغل حيز كبيرا من التاريخ الحاضر والمستقبل.

لقد كان الأفق والرؤية التي يتمتع بها فقيدنا الراحل أوسع من ان تقيد بالزمن الحاضر. إذ كان يرى المستقبل من خلال منظاره الخاص الذي يتفرد به عن الآخرين، حتى أن تنبأه بالكثير من قضايا المستقبل كان يدهش الكثيرين، وفي أحيان كان الامر يتحول إلى سخرية من قبل بعض أصحاب الآفاق الضيقة. لذلك فأن سماحته (قده) لم يقبل أن يتقيد بالتكتيكات الآنية التي كانت تفرضها المصلحة الشخصية الحاضرة لمرجعيته من أجل بعض المكتسبات الجزئية، بل كان يعطي الأولوية القصوى للاستراتيجية التي تنظر للمستقبل من أجل بناء أفضل وأقوى، وإن كان ذلك يؤدي إلى خسارته للمصالح الآنية، فالبعد الاستراتيجي لمشروعه النهضوي الشامل هو أكبر من أن يخضع للاتفاقات والمساومات المصلحية الحاضرة. لذلك فأن الكثير من أفكاره التي تمسك بها كمشروع استراتيجي لبناء المستقبل مثل قضية الحرية ومكافحة الاستبداد والأخوة والأمة الواحدة وتطبيق أحكام الإسلام وطرحه لمفهوم اللاعنف ونشر الكتب والتوعية الفكرية، كانت سببا رئيسياً لتعرضه وعائلته وتلامذته ومؤسساته للحصار والمضايقة والمصادرة، وأدت إلى ضياع الكثير من مصالحه المرجعية الخاصة، بالإضافة إلى ضياع الكثير من المكتسبات التي كان يمكن أن ينالها. لكن عظمة مشروعه الحضاري تنبثق من هذه النقطة وهي عدم التفريط بالأهداف والأفكار حتى نستطيع أن نمتلك المستقبل، وننقذ الأمة وإن أدى ذلك إلى ضياع بعض المصالح الشخصية.

هذه الرؤية المستقبلية التي تضحي بالمصالح الذاتية من أجل مصالح الدين والأمة العامة هي التي توجب علينا أن نخلد تاريخ هذا المشروع ونكتبه بأقلامنا.

ويشكل سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) الامتداد الحقيقي لمشروع الإمام الراحل (قده)، إذ إن سماحة المرجع الامام السيد صادق الشيرازي كان الظهير والسند القوي والرفيق الأول للسيد الراحل في مشروعه الكبير، فشارك في بناء هذا المشروع لبنة لبنة وآمن بقوة بمبادئه وأفكاره ودعم مواقفه الشرعية والدينية والسياسية في كل الأوقات. لذلك فأن سماحته (دام ظله) يشكل الامتداد الواقعي لهذا المشروع الذي يعتمد على الإخلاص والجهاد والتفاني والتضحية من أجل نشر الدين مبادئ الإسلامي ونزاهة سمعته ونقاء حركته ونظافة القائمين عليه.

ومن هنا فأننا لانغالي اذا قلنا في ذكرى رحيل الامام الشيرازي الخامسة بأنه:
افق متجدد وحاضر متألق
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 30-10-06, 10:52 AM   #4

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


ديوان الشيرازي أحيا الذكرى الخامسة لرحيل السيد محمد الحسيني الشيرازي
المشاركون أشادوا بعمله ووصفوه بنعمة وهبها الله للبشرية



أحيا ديوان السيد الشيرازي في بنيد القار الذكرى الخامسة لرحيل المرجع الديني سماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي، الذي وافاه الاجل المحتوم في الثالث "وفق تقويم أم القرى" من شهر شوال عام 1422هجرية بمدينة قم المقدسة ، حيث تطرق المشاركون في حفل التأبين الى مكانة العلم والعلماء واثرها في تحقيق الكثير من التنمية والتطور وخاصة العالم الجليل والفقيه الجلي.
حضر الحفل النائبان صالح عاشور وعدنان سيد عبدالصمد ووزير الدولة لشؤون مجلس الامة عبدالهادي الصالح ود. فاضل صفر عضو المجلس البلدي والقائم بالأعمال بالسفارة الايرانية ابوالقاسم شعشعي والمستشار الثقافي بالسفارة الايرانية وعدد من رجال الدين ووكلاء المراجع العظام والسيد محمد باقر المهري والسيد صباح شبر وعدد كبير من المؤمنين


وقال عبدالحسين سلطان ان الله تعالى حدد موقع المجاهدين والصادقين في القرآن الكريم، وكما قيل فان العلماء ورثة الانبياء، ولكن الامة الاسلامية لم تقدر مكانة وفضائل العلماء والفقهاء، مع ان العلماء نعمة من الله تعالى على المسلمين، بيد ان المسلمين لم يقدروا هذا الدور الكبير.
وأشار الى ان الفقيد السيد محمد الشيرازي يعتبر احد النعم التي وهبها الله تعالى للبشرية حيث قام بالعديد من الاعمال في سبيل الانسانية من تأليف وافتاء في مجال العلم والاجتماع وغيرها، مشيرا الى انه لا يمكن استعراض كل مناهج وخطط السيد الشيرازي في هذه العجالة.
ولكن يمكن التطرق الى المشروع العالمي الذي تبناه المرجع الفقيد ألا وهو مشروع انقاذ الامة من الظلم والديكتاتورية، فأينما حل كان همه نشر الاسلام وكان هدفه التصدي الشامل للظلم، كما اهتم بالتأليف حيث وصلت مؤلفاته الى اكثر من 1200 كتاب بكافة المستويات للعلماء والفقهاء والمسلم العادي ودعا الى الكثير من المجالس الحسينية، وتحلى السيد الفقيد بالاخلاق العالية.

العمل والإيمان



واوضح الشيخ محمد جمعة بانه يمكن القول ان الاسلام جاء ليربط بين العلم والعمل وبين الايمان والعمل، وجعل العمل الثمرة المترتبة على العقيدة والايمان، مشيرا الى انه لا يمكن للانسان ان يصل الى مرضاة الله تعالى دون العمل والتقوى ذلك ان مرضاة الله رابط بين العمل والايمان.
ونوه بأن القرآن الكريم عبر عن ظاهرة العمل وعلاقته بالبركة وردود الفعل من الانتفاع والعطاء، كما كان سيدنا عيسى عليه السلام يشفي المرضى ويبرئ الاكمه ويحيي الموتى، وعليه كان سيدنا عيسى عليه السلام مباركا، وكذلك السيدة الزهراء عليها السلام والتي ملأت الدنيا عطاء ونماء رغم عمرها الصغير فكانت قمة الهرم واحدى نماءات وعطاءات الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال :الزهراء بضعة مني
واورد الشيخ محمد جمعة بان السيد الفقيد عاش حياة مشتركة من المسيرة العلمية والاجتماعية والسياسية والاخلاقية، واصبح لديه في كل واد كلمة وكل باب وجود ومن الصعب ان تجد رجلاً بهذه الموسوعية التكاملية في كافة المجالات، كما خلف السيد تركة كثيرة من المؤلفات بكافة الميادين، كما انه كان يشجع على التأليف وترك ابناء من ذوي التعلم والفقه والثقافة والفضل، وخلف توسعات تربوية وانسانية ولجانا خيرية اضافة الى الصروح العلمية الموزعة بكافة بقاع العالم، ولا ننسى البصمة الاجتماعية التي صنعها بعد دخوله الكويت هربا من حكم صدام حسين، واتسمت البصمة الاجتماعية في اكثار المجالس الحسينية، حيث كان يوجد المؤمنون في خطب الجمعة اسبوعياً حول المجالس الحسينية من اجل تثقيف الابناء وتحصينهم عقائدياً.
وشارك الشاعر محمد حسين القزويني بأبيات من الرثاء , وكان السيدان احمد الشيرازي ومرتضى الشيرازي في استقبال المعزين وتوديعهم.

__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 30-10-06, 02:54 PM   #5

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


سيحتضنه العراق قريبا مثلما احتضن العراق طول حياته


بقلم الكاتب الصحفي : حامد الحمراني
أمين عام رابطة الشورى والسلام ورئيس تحرير جريدة الرأي العراقي / بغداد

لقد كانت مدرسة السيد الشيرازي (قدس سره) خارطة للطريق الموصل إلى الله بعد إن وضع منهجا للمعرفة ولغة لحب الله بدون نفاق، وبسلوكه الرباني حفر خندقا حول مريديه حتى لا يسقطوا في ظل الأفكار والممارسات التي تهدم ولا تبني، ولكن المرحلة العربية والاسلامية في عصره ابتعدت عنه لحنينها للبداوة والجاهلية والرغبة الجامحة للعنف، ولذلك حاربته فخسرت بذلك مدرسة لتحرير الانسان من جميع الاواصر التي تكبله.
وكلما بدأت الشعوب بالتحضر والنقاء والاقتراب من انسانيتها كلما احتاجت الى فكر الامام الشيرازي.. فقد كان متكاملا وكاملا حيث دعت مدرسته الى امتزاج القول بالعمل والدعوة الى الله بتزكية النفس مجسدا احاديث العترة الطاهرة عليهم السلام ( كونوا دعاة لنا بغير السنتكم )..
لقد كان الامام الشيرازي ملهما وفعالا واسلاما يمشي على الارض واسلاما ينبض بالحياة فلا يهمه المكان ولا الزمان منشغلا بالله فجعله الله عاملا من عماله وجندا من جنوده.. لم يرى الا الله فكان يرى بنوره..
ولمنهاج السيد الشيرازي اقبالا من الشباب والمثقفين والدعاة واهل المعرفة فقد كان منهاجه الابداع فلا يعرف اليأس ولا الملل ولا التقاعس فاعطاه الله ثراء الرؤيا وعمق الوعي لانه لم يعرف غير الاسلام دينا ولم يحتج لغير الله وكيلا..
والامام الشيرازي فيلسوف اهتم بالمؤسسات وانشغل بكبريات الفكر وامتزجت مبادئه بالفكر الانساني الداعي الى الوحدة الانسانية فلا حواجز ولا وجود للحدود ولا اعتراف بكل ما من شانه تقييد الانسان.. وعنده الحرية هي محرك الانسان للوصول الى ربه.. وعنده العنف حجر عثره ضد حركة التاريخ.. التاريخ عنده تأسيسا للظهور المقدس الذي يملىء به الله الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا..
اما العراق فقد كان حلمه الجميل لا طمعا في رئاسة ولا رغبة في منصب فقط لان في العراق ( عاصمة الله ) الامام الحسين عليه السلام، لا لشىء الا لان في العراق امير الموحدين علي ابن ابي طالب عليه السلام، العراق عنده حلم الانبياء وتطبيقا لسنة رسوله عند الظهور المقدس.. فكان يوصي قبل سقوط الطاغوت بمنهاج يمنع الكارثة ولكن لا احد يسمع نداء الاولياء وعندها وقعت الكارثة.. كان يقول ليذهب من يذهب طليقا ولا ضرورة لاراقة الدماء، ولكن الذي حدث هو الابتعاد عن وصاياه والابتعاد عن جادته والهروب من منهجه فوقعت الكارثه..
سيأتي يوما لتعتذر اليه الشعوب التي جافته بعد ان تقتنع ان طريقه هو طريق الخلاص من الجهل
والتخلف والكفر والفساد..
ولانه كذلك فقد حاربته الدكتاتوريات السابقة ليجعلوه بعيدا عن العراق..
وها نحن نمد ذراعنا ورقابنا اليه لحاجتنا الى الخلاص من الدم العراقي الذي ينزف..
والارض التي تلطخت باقدام الحاقدين..
نعترف اننا نقولها متاخرين ولكن حسبنا روح الامام التي تحتوينا وتحتوي ازمتنا..
فسلام عليك ياامام المسالمين يوم ولدت ويوم استشهدت في غربتك ويوم تبعث حيا..
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 30-10-06, 08:16 PM   #6

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


كيف نفهم أكثر من 1000 كتاب للإمام الشيرازي؟


أكثر من 1000 كتاب بين مطبوع ومخطوط هي الكتب التي ألفها الإمام المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي خلال مسيرته التي امتدت 75 عام.

شملت تلك الكتب مختلف مجالات الحياة وطرقت معظم أبواب المعرفة التي طرقها غيره وأخرى جديدة أحرز فيها قصب السبق مثل فقه الزهراء والحقوق والمرور والاجتماع والعولمة - ضمن موسوعة الفقه - وغيرها.

ورغم هذه الموهبة في التأليف والشمولية في الطرح والتنوع في المعرفة وقع له سوء فهم عند دائرة من الجمهور ومن هنا ظهر القول بأن مؤلفاته تفتقر إلى العمق وأنها تشبه المحيط الذي عمقه 1 سنتمتر وأنها مثال على السطحية والضحالة وكدليل على هذا الرأي يستشهد بمؤلفات مثل (كيف عرفت الله) و(هل تعرف الصلاة) و(الحجاب الدرع الواقي) و(القصص الحق)...

ولكن سوء الفهم هذا يأخذ طريقه إلى الزوال بإثبات حقيقة امتياز مؤلفات الإمام الشيرازي بمخاطبة مختلف المستويات والشرائح وعدم اقتصارها على مخاطبة النخب فقط وأن قلمه كتب للجميع كل بحسب درجة وعيه الفكري بخلاف العرف السائد في الحوزات والذي سار عليه مراجع التقليد الذين سبقوه وعاصروه.

ففي دراسة إحصائية قام بها السيد محمود الموسوي كتب قبل خاتمتها تحت عنوان المستويات العلمية التي ألف لها الإمام الشيرازي ما يلي:

"من المعروف أن الكتابة بحدّ ذاتها فن وصناعة تحتاج إلى الإتقان؛ هذا لأنها تندرّج ضمن مستوياتٍ من العطاء، وإلى مستويات من العقل الإنساني؛ فأدب الطفل مثلاً له خصوصياته وله متقنوه، وكذلك الأسلوب الثقافي الذي يخاطب الشريحة الأكبر من الناس، وكذلك فإن العلوم العقلية العميقة تحتاج إلى كتابة من نوع آخر.. ومن الصعب أن يجمع أحد بين اثنين أو أكثر، وقد وجدنا الكثير ممن كتب للمستويات العالية، كيف أنهم لم يتمكنوا من مخاطبة الجماهير، فضلاً عن الطفل، كتابياً، وكذلك من يكتبون للأطفال، فمن الصعب عليهم ممارسة الكتابة لغيرهم. والإمام الشيرازي في كتبه الـ(1065) تنوّع في توجيه الخطاب، حسب المستويات العلمية و الإدراكية للإنسان، وحيث أنه متبحّر في العلوم، فقد استطاع أن يهطل على كافة المستويات بكتاباته، كالغيث الذي يستوعب الجميع.
لقد كتب (قدس سره) للناشئة (67) كتاباً، بأسلوب مبسّط يفهمه الأطفال، ومن يخطون خطواتهم الأولى على طريق الوعي بالإسلام؛ ومنها: (كيف عرفت الله؟)، (هل تحب معرفة الله)، (القصص الحق.. عدّة أجزاء)، (هل تعرف الصلاة)، (ما هو الصيام)، (كيف نجاهد)، (أيّكم يعطي الخمس)، (العقائد الإسلامية)، (الطفل المسلم 4ج)..
كما كتب للشباب والمثقفين الكثير - وهي أكثر كتبه - وقد بلغ ما كتبه في هذا المجال (824) كتاباً؛ لأن أكثر القرّاء و المحتاجين للقراءة هم من هذه الطبقة. يعلل (قدس سره) اختياره في أكثر كتبه لهذا الأسلوب، في كتابه (أنفقوا لكي تتقدّموا) كما يلي: (إني في هذا الكتاب كسائر كتبي التي أكتبها للجماهير أختار الأسلوب البسيط، وأجعل الكتاب كالتكلّم في التفاهم والسلاسة، حتى ينفذ إلى الأعماق، ولعل الله ينفع به.. وقد شجعني على هذا الأسلوب.. الإقبال المنقطع النظير الذي لاقيته على كتبي التي أكتبها للجماهير بالإضافة إلى ما ذُكر في علم النفس من: ضرورة تحريك الجماهير بلغتهم، وقد اقتطفت من هذا الأسلوب، سواء في البيان أو القلم ثماراً طيّبة).
وقد قام الإمام الشيرازي أيضاً بتأليف الكتب التي تحاكي العلماء وأساتذة الحوزات العلمية و الفقهاء، في الفقه الاستدلالي (موسوعة الفقه 150ج) بجميع أبوابها العلمية المختلفة، كما كتب (الأصول)، (الوصائل إلى الرسائل)، (الوصول إلى كفاية الأصول)، (دراسات في الأصول)، (إيصال الطالب إلى المكاسب)، وغيرها.. وقد بلغت الكتب والحواشي العلمية، والكتب الفكرية ذات المستوى الراقي (110) كتاباً، غير الـ (150) كتاباً وهي عدد أجزاء الموسوعة، أي ما مجموعه (260) كتاباً للمستوى العلمي الرفيع." انتهى
http://www.mosawy.org/almosawy/moala...lem/maalim.htm

لكن تلك المقولة أخذت مداها في الترديد والانتشار وتحولت إلى أداة للتهريج حتى أطلق البعض على الإمام الشيرازي مسمى مرجع الأطفال بغرض الانتقاص منه كونهم - الأطفال - مثال الحاجة إلى البساطة في المعلومة والأسلوب.

ونحن نريد هنا أن نعالج هذه المسألة بأن نسأل هل يوجد مبرر موضوعي للكتابة إلى الأطفال أم أن الساحة الإسلامية في غنى من ناحية هذه المؤلفات؟

وحتى نصل إلى الجواب بشكل متسلسل فلندرس الكتب التي ضرب بها أصحاب القول المذكور المثل لإثبات مقولتهم وهي (كيف عرفت الله) و(هل تعرف الصلاة) و(الحجاب الدرع الواقي) و(القصص الحق) فقد ألفها الإمام الشيرازي للأطفال كما مر في الدراسة.

سنرى أن (كيف عرفت الله) تكرر طبعه باللغة العربية 3 مرات وترجم إلى اللغة الفارسية 3 ترجمات وطبع مكرراً أيضاً و(هل تعرف الصلاة) طبع 50 مرة آخرها طباعة دار صادق عام 1424 هـ - 2003 م وترجم إلى اللغات الفارسية والكردية والآذرية والانجليزية والتركية وأما (الحجاب الدرع الواقي) فقد طبع 7 مرات وترجم إلى اللغة الفارسية و(القصص الحق) الذي هو مجموعة قصصية مستلهمة من القرآن الكريم والروايات الشريفة حول الأنبياء الكرام طبع مكرراً في لبنان وترجم إلى اللغة الفارسية أيضا.

فماذا تعني هذه الحقائق والأرقام غير أن الساحة متعطشة إلى الكتاب الذي يخاطب الأطفال وأن الأطفال شريحة مهمشة من ناحية الاهتمام من جانب الحوزة.

وخذ على سبيل المثال لحاجات الأطفال المهمشة أن الشيعة ما يزالون يشتكون من التاريخ المزيف الذي يدرس إلى أطفالهم في المدارس الحكومية في العالم الإسلامي فهل فكرت الحوزات بالقيام بمسؤولية إعداد كتاب بشكل مدرسي يتعلم منه أطفال الشيعة التاريخ الصحيح؟

هذا ما فعله الإمام الشيرازي في كتابه (التاريخ الصحيح) لطلاب الصف الثاني والصف الثالث في مدرسة حفاظ القرآن الكريم بكربلاء قبل أكثر من أربعة عقود.

لم يمر في التاريخ أن فقيها نزل عن مستواه إلى مخاطبة الأطفال بمؤلفاته حسب مستواهم كما أقدم عليه الإمام الشيرازي وهذه ميزة تحسب لفكره وأخلاقه وموهبته وليست شينا ينقص من قدره أمام الله تعالى.

إن الرسول الـأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولها) وهؤلاء الأطفال من الناس وبما أن العلماء هم ورثة الأنبياء فهم مسئولون شرعا عن إيصال الفكر الصحيح إلى الأطفال وفق مستواهم الفكري والإمام الشيرازي بتجاوزه مخاطبة النخب أحيا جزءا من سيرة الأنباء في التعامل مع المجتمع على أرض الواقع.

ولكونه فقيها بالدرجة الأولى فعمقه العلمي أو عدمه يقاس بإنتاجه الفقهي ويستدل عليه بمقارنة كتبه التي كتبها في مجالات الفقه بكتب سائر الفقهاء وهؤلاء الفقهاء يهتمون بعلمين رئيسيين تقوم عليهما الدراسة في الحوزات العلمية هما أصول الفقه والفقه.

وأما هو ميزان العمق الفقهي والأصولي فهو مستوى التحقيقات وهي الدراسات العلمية لموضوع معين في علم الفقه أو الأصول وتبدأ بالبحث من النقطة التي انتهى إليها الآخرون من خلال تتبع أقوالهم وملاحقتها وتصنيفها ومناقشتها وإعطاء النتيجة أو - حسب تعبير الحوزويين - ابتداء من تحرير موضع النزاع وانتهاء بإعطاء النتائج.

وفي علم الفقه يعتبر فقه البيع والمكاسب المحرمة والخيارات والتجارة - ضمن موسوعة الفقه - من أعمق ما كتبه الإمام الشيرازي للفقهاء والمجتهدين وقد صرح بأعلميته عدد من كبار العلماء نظراً لهذه الكتب. ففي فقه البيع مثلاً توجد مناقشاته لآراء جهابذة العلماء كالشيخ والعلامة والآخوند والنائيني والأصبهاني والأيرواني والحكيم بشكل دقيق ورصين انتهاء بآرائه الخاصة.

وفي علم الأصول يعتبر كتابه (الأصول) من أقوى الكتب العلمية التي كتبها للفقهاء المتقدمين الذي لم يستطع البعض إلى الآن فهمه بسبب درجة عمقه وتعقيده.

وبعد مطالعة (موسوعة الفقه) وكتاب (الأصول) صرح بأعلميته عدد من الفقهاء في شهادات مكتوبة ومنشورة في أكثر من كتيب وكتاب.

ومن الناحية الإحصائية فكتب الإمام الشيرازي في هذين العلمين كثيرة جداً بين شرح وحاشية واستدلال وفتاوى وبحسب الدراسة المذكورة ألف الإمام الشيرازي 240 كتاباً في الفقه أي بنسبة 22% من مجموع مؤلفاته أما في أصول الفقه فقد ألف 50 كتاباً أي بنسبة 4.6% من مجموع مؤلفاته بما يعني أنه ألف في هذين العلمين 290 كتاباً بما يعادل 26.6% من مجموع مؤلفاته مما يتيح فرصة كبيرة لمن يريد القيام بدراسة علمية للمقارنة بين هذه المؤلفات وما ألفه الفقهاء الآخرون سعة وعمقا.

ولأن العمق مرتبط بقضية الاجتهاد فلابد هنا من الإشارة إلى أن أحدا ممن ادعى عدم اجتهاد الإمام الشيرازي لم يقدم دليلا علميا يثبت دعواه من هذه الكتب الفقهية والأصولية سواء على سبيل البينة أو الرد والمناقشة.

في الختام أود التذكير بأن سوء الفهم الذي حصل لدى دائرة من الجمهور عن المستوى العلمي لمؤلفات الإمام الشيرازي هو بسبب عدم أخذهم بعين الاعتبار الجمهور الذي يستهدفه الكتاب المعين من بين مئات الكتب التي ألفها فقد امتاز - كما مر - بمخاطبة مختلف الشرائح والمستويات كل حسب درجة وعيه الفكري خلاف العرف السائد في الحوزات وعند المرجعيات الدينية من مخاطبة النخب فقط.

إن هذا الفكر بحق كالمحيط الذي أدرك البحارة ساحله وصعب عليهم إدراك غوره
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 30-10-06, 08:24 PM   #7

منهاج علي
عضو فعال

 
الصورة الرمزية منهاج علي  







مشوشة

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


.. بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم ورحمة الله ..

الى روحه وأرواح علمائنا الأبرار والى شيعة علي الكرار ومن مات على ولايتهم الفاتحة


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ -مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ -صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ..
"صدق الله العلي العظيم"..

رحمه الله برحمته واسكنها اوسع جنته..


تحياتي
أختكم:منهاج علي

منتدى تاروت الثقافي
بستان الفكر والمعرفة,,

__________________
قريباًللقضاء الحوائج
"ختمة زيارة عاشوراء"

منهاج علي غير متصل  

قديم 31-10-06, 03:56 PM   #8

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


الوقود والمصباح

بقلم الكاتب الاستاذ : مهدي صليل*


عندما يتسابق العظماء مع عجلة الزمن العَجِلة فيَغلبون و يُغلبون، يبقى عَلَمُ الفقهاء (الإمام الشيرازي) مُـتْـعِباً لدولاب الزمن، متمكناً من القيادة في أقصى سرعتها، مع جميع منعطفات الحياة التي غمرت الكثيرين بلأوائها.
فكم تساءل المتأملون دفاتر هذا العظيم: كيف يستطيع هذا الرجل أن يُكَثِّر ساعات اليوم الواحد حتى يوصلها إلى ما يذهل العقل ويحير الفكر؟!!
ساعاته مباركة .. وأيامه مثمرة .. و جميع لحظاته تحث الخطى لتبني صرح مشروع ما، وتعاود الكَـرَّة لتبني ..
تبني ولا تهدم .. كل لحظة من لحظاته لَبِنَةٌ في بناء، وليس مهماً لمن يكون هذا البناء ومن يسكنه، المهم أن يكتب عليه اسم الله
هكذا عاش الإمام الشيرازي دافعاً للبناء بكل كيانه .. قلمه .. نظراته .. ابتسامته .. حركته .. سكونه .. كلامه .. صمته ...!!!
هذا ما يسجله كل من لقيه أو سمع حديثه.
فكم تأثر بإشعاع روحه المتوقدة من هو بعيد عنه آلاف الأميال، مجرد أن تسمع اسم الشيرازي فذلك يعني وقود الحركة.
فما ترتسم صورته في مخيلتك أو تصل كلماته سمعك حتى تمتلئ حماساً لعمل ما .
.. وكم يحترق القلب أسفاً و كم تمتلئ النفس حسرة حين يأتي عليه الرحيل ...
ويروح القلم الحزين يَعُبُّ من كأس الأسى لوعة بعد لوعة
الشيرازي حبٌ لا يعرف الصَّد.. وإقبالٌ لا يشوبه كدر .. و جهدٌ لا يتعبه الكد ..وسعي لا تجاريه السيول.. وقلب لا يضيق به الأفق .. وشَأْوٌ لا يرقى إليه البصر ..
المشكلة بين أنامله تذوب، والخلاف في حضرته يضمحل، و الصعوبة أمامه تتراجع ..
..........................
* رسالي مناضل وشمعة من شموع الـ73 شمعة .
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 31-10-06, 09:45 PM   #9

سيــ عاشق ــهات
عضو نشيط

 
الصورة الرمزية سيــ عاشق ــهات  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


مشكور اخوي الربعاوي على هالموضوع

تعجز الكلمات عن وصف هذه الشخصية العظيمة الشامخة 0 0 سماحة الامام الراحل رحمه الله عاش في غير زمانه وجهل الناس قدره و مكانته, ربما تحتاج الانسانية لمئات السنين لتعرف قدره و بعد نظره

الامام الراحل كتب قبل عشرين سنة و اكثر عن الاستنساج, زاعة الاعضاء, صلاة على سطح القمر . . . الخ
كان عنده رضوان الله عليه تصور كامل لجعل الحرم المكي يستوعب اكثر من عشرة ملايين حاجا

هذا السيد العظيم عاش مظلوما و مات مظلوما وما زال يظلم

السلام عليك يا سيدي يوم ولدت و يوم تموت و يوم تبعث حيا

__________________
الآن تقرأني بعد رحيلي عن المنتدى تاركا بقاياي ذكرى لمن أحبني.
أأضُّمها أني أخاف أضُّمهـا فتذوبُ ما بين السواعدِ فلذتي
أأقَبِّلُ الثغرَ الذي منه الهيامَ فأخافُ أنْ تلقَ الحِمامَ بقبلتي

سيــ عاشق ــهات غير متصل  

قديم 01-11-06, 04:51 AM   #10

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


ملامح نظرية المرجع الشيرازي في تطوير كربلاء المقدسة ومناهج الحوزة

بقلم الاستاذ الكاتب : كريم المحروس

K_almhroos@hotmail.com

دعا إلى الجمع بين التعليم الحر والمنتظم ورفض إلغاء المؤلفات القديمة وأيد تجديدها



يشير تاريخ الحركة التعليمية الدينية في كربلاء المقدسة إلى أن تأسيس المدارس العلمية قد شهدا تطورا ملحوظا في هذه المدينة على عهد عضد الدولة البويهي (373هـ) ، حيث أسس عضد الدولة مدرستين تقديرا واحتراما لأستاذه الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ، ويذكر ابن بطوطة في رحلاته المشهورة إلى أنه شاهد في سنة (737هـ) مدرسة إلى جانب ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) ربما كانت من بين مدرستين بناهما عضد الدولة . ولكن المدارس القديمة هذه لم تستطع أن تضاهي في منهجها ومادتها ومستوى بحوثها العلمية وفنون التدريس المستوى المعتمد في مدارس النجف والحلة وحلب إلا بعد أن غادر إليها المرجع الديني الكبير الشيخ أحمد بن فهد الحلي (756-841هـ) الذي اشتهر بامتداداته العلمية والمرجعية إلى الشام والجزيرة العربية والبحرين ، وعرف بتميزه الفائق في رد الشبهات والبدع والانحرافات في العقائدية المذهبية .

والى جانب الشيخ الحلي برزت أسماء لامعة كان من بينها: الشيخ إبراهيم الكفعمي المتوفى في عام (840 هـ) صاحب كتابي (البلد الأمين) و(المصباح) في الدعاء ، والسيد حسين الحائري المتوفى في عام (910هـ) ، والشهيد الثاني زين الدين العاملي (911-965هـ) . كما برز في حوالي العام (1156هـ) السيد عز الدين الحائري المتميز بدوره الكبير والمهم في الدفاع دون التشيع ومطالبته السلطان العثماني إلى اعتبار اتجاه التشيع مذهبا خامسا للدولة بعد دفاعه المستميت عبر مناظرات ومباحثات جرت بينه ورجال الدين من أتباع اتجاه الخلافة حتى استجيب لطلبه في اتفاق لم يستكمل بعد أن دعي الشيخ الحائري إلى مكة المكرمة واصطف إلى جانب شيوخ المذاهب الأربعة الأخرى لكنه قتل في العاصمة العثمانية بعد أن نقل إليها مكبلا بالأصفاد في عام (1168هـ).

واشتهر من بعد الشيخ الحائري المحدث الشيخ يوسف البحراني (ت 1186هـ) الذي تزعم حركة المحدثين الأخباريين المعتدلة في مرحلتها الثانية من بعد وفاة المحدث الكبير الميرزا محمد أمين الأسترابادي (ت 1033هـ) صاحب (الفوائد المدنية) . ويعد الشيخ يوسف عالما كبيرا اشتهر في كربلاء باعتماده (الإجماع) ضمن مصادر التشريع ، إضافة إلى قبوله بالاجتهاد والتقليد في وقت كانت المؤسسة التعليمية الدينية في النجف تقف إلى جانب الحركة المناهضة للمحدثين الأخباريين التي كان يقود معركتها العلمية والفكرية والبحثية ضد المحدثين الشيخ محمد باقر البهبهاني (ت 1208هـ) من خلال حضوره إلى كربلاء المقدسة ورقيه منبر درس الشيخ يوسف البحراني ومباحثاته المباشرة مع تلامذة الشيخ البحراني على مدى ثلاثة أيام متواصلة نجح خلالها في إقناع ثلثي تلاميذ البحراني بالعدول إلى مبدأ الاجتهاد ، ما يدل على سمو روح التحقيق العلمي ونمو قدرات البحث والتحقيق والمناظرة في كربلاء المقدسة آنذاك.

ومع ظهور مرجعية الشيخ الأنصاري في النجف الأشرف ووفاة الشيخ البهبهاني في كربلاء ، انتقلت زعامة المؤسسة التعليمية في العراق إلى النجف الأشرف ، لكن الحركة العلمية لم تتوقف في كربلاء واستمر تلامذة الشيخ البهبهاني في تطوير دورها العلمي ، وكان من بينهم: السيد علي الطباطبائي صاحب كتاب (الرياض) المتوفى في عام (1231هـ) ، والسيد محمد الطباطبائي المجاهد (1242هـ) . ومن بعدهما نعمت المؤسسة التعليمية في كربلاء بانتقال الميرزا محمد تقي الشيرازي بمرجعيته من سامراء اثر وفاة المجدد السيد محمد حسن الشيرازي (1312هـ ) ليقود من كربلاء المقدسة ثورة العشرين بفتواه الشهيرة ضد المحتل الإنجليزي .

ولم تكن مظاهر الحياة التعليمية في كربلاء مختلفة عن بقية مدارس وحوزات ومعاهد المؤسسة التعليمية الدينية في مناطق أخرى . فهي حلقات ومجالس دراسية تعقد في أروقة الأضرحة والمساجد وكذلك دور الفقهاء ، ويحضرها عدد كبير من طلاب العلوم الدينية يتجاوز الألف طالب . واستمرت تلك المظاهر التعليمية حتى أسست المدارس والمعاهد وبنيت بشكلها النظامي لتقوم بأداء دورها في تدريس الفقه وأصول الفقه والحديث والرجال واللغة والأدب والتاريخ والتفسير وعلم الكلام والطب والفلك وغيره .

وكان من بين المدارس الشهيرة في كربلاء منذ منصف القرن الثامن عشر الميلادي: (مدرسة السردار حسن خان) أسست في عام (1180هـ/1767م) وتخرج منها السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ المازندراني . و(مدرسة السيد المجاهد) أسست في عام ( 1270هـ/1854م ) . و(مدرسة صدر الأعظم النوري) أسست في عام (1276هـ) . و(المدرسة الزينبية) أسست في عام (1276هـ) و(المدرسة الهندية الكبرى) أسست في عام (1300هـ) . و(مدرسة البادكوبي) أسست في (1270 هـ/1845 م) . و(مدرسة البقعة) أسست في عام (1250هـ) . و(المدرسة السليمة) أسست في عام (1250هـ) و(المدرسة المهدية) أسست في عام (1287هـ ) و(مدرسة الميرزا كريم الشيرازي) أسست في عام (1287هـ/1870م) و(المدرسة الهندية الصغرى) أسست في عام (1300هـ/1883م) و(المدرسة الجعفرية) أسست في عام (1333 هـ) و(مدرسة ابن فهد الحلي) أسست في عام (1358هـ ) و(مدرسة البروجردي ) أسست في عام (1381هـ) و(مدرسة شريف العلماء) أسست في عام (1384هـ ) و( مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام ) أسست في عام (1381هـ/1961م) و(المدرسة الأكبرية) أسست في عام (1287هـ) و(المدرسة الحسينية ) أسست في عام (1388هـ) و(مدرسة الخطيب) أسست في عام ( 1357هـ/1937م) و(مدرسة الإمام الصادق "عليه السلام" أسست في عام (1376هـ) .

وبرغم هذا التعدد الكبير للمدارس العلمية الدينية في كربلاء في إطار المؤسسة التعليمية الدينية إلا أن ذلك من المميزات المهمة في طبيعة هذه المدارس ، فغالبية الطلاب كانوا يتنقلون بين المدارس بحثا عن المنهج وجودة التدريس والمادة المختارة وكأن أمر الاختيار قد أصبح خاضعا لحركة التنافس العلمي . لكن الأمر الأكثر تميزا في حركة التعليم في كربلاء المقدسة في مثل هذه المراحل الزمنية أن طلاب العلوم الدينية من الشباب أصبحوا يولون اهتماما كبيرا إلى المدرسين حيث يتلقون دروسهم عليهم في الدور والبيوت ، وقد ساعد في دعم هذه الحركة الشبابية وانخراطها بشكل مكثف في التعليم على غير العادة تبني مدارس كربلاء أسلوبي الامتحانات لضبط المعايير العلمية ونظام الحوافز وتقديم الجوائز التقديرية لرفع مستوى الجدية والمثابرة في الكسب العلمي ، وكان ذلك من تأسيس آية الله السيد مهدي الشيرازي الذي ازدهرت في عهده المؤسسة التعليمية في كربلاء ونمت في مناهج تفسير القرآن والبحث الأخلاقي على وجه الخصوص.

إن هذا التعدد في المدارس وهذه الكثافة في الدراسة العلمية في كربلاء يؤكدان على أن الدراسة الحرة كان لها شأن كبير في حركة العلم ، وكانت تؤدي غرضا مميزا ودورا كبيرا في شحذ ذهنية الطالب وتنمية فن اختيار المدرس والمادة في ظل جو علمي تنافسي حميم اتسم بتبادل ونقل الخبرات التعليمية والعلمية بين أجيال العلم ، فكان ذلك من أهم خصائص الدراسة في كربلاء إلى جانب التعدد المدرسي ، ما أثرى المستوى العلمي في هذه المدارس ورفدها بمستوى رفيع من المعارف والخبرات.

وإلى جانب الدراسة الدينية الحرة في كربلاء المقدسة عرفت هذه المدينة الدراسة الدينية الخاصة والمنتظمة التي تميزت بأداء دور توارث العلوم بين الأجيال المشهورة في المؤسسة التعليمية الدينية وتحمل المرجعية وكسب صفتها بكفاءة وأهلية تامة . وكان آية الله السيد مهدي الشيرازي واحد من بين العشرات في العراق الذين تميزوا بمدارسهم الخاصة والمنتظمة والمكثفة في برامجها ولكنها محدودة الوظائف ومقتصرة على علاقات البيت المرجعي الواحد . وكان من بين المتخرجين على هذه المدرسة المنتظمة خريج (المدرسة الأكبرية) آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي المتوفى في عام (1422هـ) وآخر مرجعية دينية إصلاحية عظمى شهدتها المؤسسة التعليمية الدينية في كربلاء المقدسة قبل توقف الحياة العلمية فيها قسرا على يد نظام حزب البعث في عام (1391هـ) .

يقول المرجع السيد الشيرازي (أعلى الله مقامه) في ذلك: "أخذت أتردد على المدارس الدينية وتربيت على يد أساتذة عظام وأعلام في الأدب والفقه والأصول والحساب وغيرها ، وكان أكثر تتلمذي على يد السيد الوالد (ره) . فقد قرأت عنده (السيوطي في النحو) و(الحاشية في المنطق) و(المعالم في الأصول) و( شرح اللمعة في الفقه) و( مقامات الحريري في الأدب) و(المطول في البلاغة) و(خلاصة الحساب في الحساب) . وقرأت عنده في المحاضرات الاجتهادية في (درس الخارج): الرسائل والمكاسب والطهارة والصلاة والصوم والخمس والحج ورسائل متفرقة أخرى ، كما درست بالإضافة إلى ذلك (الكلام في أصول الدين) و(الحكمة في الفلسفة) والجغرافية والهندسة والعروض والتجويد وعلم الفلك وتفسير القرآن الحكيم والتاريخ وعلم الحديث وعلم الرجال والطب وبعض العلوم الأخر . كما تعلمت من اللغات: الإنجليزية والأردية والتركية بالإضافة إلى اللغتين العربية والفارسية .. إن الأساتذة الذين تتلمذت عليهم أكثر من مائة أستاذ "1

وكان من ثمرة تظافر نظام المدرستين (الأكبرية) العامة والمرجعية الخاصة المنتظمة تميز السيد محمد الشيرازي وشهرته بغزارة علمه وبعد نظره واتساع نشاطه في الشأن العلمي والثقافي وعلو أطروحته في تجديد مناهج ووسائل وأهداف الدراسة في المؤسسة التعليمية .

فقد استطاع السيد الشيرازي بجهوده الجبارة خلق بيئية ثقافية واسعة العطاء في كربلاء شدت من رابطة الطالب إلى مسؤولية بناء المجتمع وبناء ذاته بناء علميا مناسبا . وقد عم هذا النشاط الثقافي كربلاء وانتشرت آثار مرجعية الشيرازي ووصاياه في العراق وخارجه .

واتخذ السيد الشيرازي طريقا جديدا لم تألفه المؤسسات التعليمية الدينية من قبل ، فقد أسس (المدرسة الصادقية) التي كانت أولى مشاريعه ، ثم أعقبها بتأسيس أول مكتبة أهلية سميت بـ(المكتبة الجعفرية) التي شيدت في المدرسة الهندية الكبرى . وتابع تأسيس مشاريع كبيرة مسانده لنظام الحياة العلمية والمرجعية في كربلاء كان من بينها: مجلة (أجوبة المسائل الدينية) و(الجمعية الخيرية الإسلامية) و(مؤسسة حفاظ القرآن الحكيم) ، وتبعتها ثلاثون مؤسسة زاولت النشاطات الثقافية والصحية والاجتماعية والتربوية ، و(مؤسسة طبع ونشر الكتب الدينية) التي كان لها سبعون فرعا ، ومؤسسة (هيئات الشباب) و(رابطة النشر الإسلامي) التي تمكنت من نشر نصف مليون كتاب في عشر سنوات . وأصدر عددا من المجلات الشهرية وكان أهمها (القرآن يهدي) و(أعلام الشيعة) و(منابع الثقافية الإسلامية) و(مبادئ الإسلام) باللغة الإنجليزية و(صوت المبلغين) و(صوت العترة) و(الأخلاق والآداب) و(ذكريات المعصومين) و(نداء الإسلام) و(صوت شباب التوحيد) . وإما توزيع الكتب المجانية إلى خارج العراق فكان بخمس عشرة لغة ووصلت إلى خمسة ملايين كتاب . وطبعت ونشرت مؤسسة (شباب التبليغ) مائة ألف كتاب . وإما مؤلفات المرجع السيد الشيرازي نفسه فقد بلغت نحو 300 كتاب صدرت في كربلاء المقدسة فقط . إضافة إلى ذلك استمر السيد الشيرازي في نشاطه التعليمي العام وأقام (درس الخارج) ودروس الفقه والأصول .

ولنا هنا أن نتصور هذا النشاط الكبير في ظل منطقة كانت تعج بأشكال مختلفة من الجنسيات والأعراق والثقافات وفي ظل امتدادات مرجعية أقامها السيد الشيرازي تعدت حدود كربلاء وقسما من النجف الأشرف والكاظمية وسامراء وبغداد لتغطي الكثير من البلاد الإسلامية . ففي مقابل فكرة الانتشار المرجعي التي أرساها المرجع السيد الشيرازي والتزامه بها في كربلاء المقدسة ومن ثم في الكويت وقم المقدسة التي هاجر إليها بعد صدور حكم بالإعدام ضده من قبل سلطة حزب البعث ؛ أضاف قواعد أساسية لتخريج علماء دين ممتازين . وكان من بين القواعد تلك: العمل على تنمية الكفاءة ، وتنمية الرأي الحر ، وتنمية أسلوب وفن المناقشة . وهي قواعد تحل الكثير من المشكلات الذاتية عند طالب العلم إضافة إلى المشكلات الموضوعية التي تتعلق بمنهج الدراسة وأساليبها في المدارس الدينية .

وإما من حيث رفد المؤسسة التعليمية الدينية وتعزيز الدراسة فيها فقد وضع السيد الشيرازي منهجا متكاملا للدراسة الحوزوية ومراحلها المتقدمة والمتأخرة ، ووضع شروحا جديدة لمواد المنهج القديم ككتاب (المكاسب) وفيه ألف (إيصال الطالب للمكاسب) 16 مجلد ، وكتاب (الكفاية) وفيه ألف (الأصول) 8 مجلدات و(الوصول إلى كفاية الأصول) 5 مجلدات ، وكتاب (الرسائل) ألف فيه (الوصائل إلى الرسائل) 15 مجلدا ، وكتاب (شرح تجريد الاعتقاد) ألف فيه (القول السديد في شرح التجريد) ، وكتاب (منظومة السبزواري) ألف فيه (شرح منظومة السبزواري) مجلدين ، و(اللمعة الدمشقية) ألف فيها(حاشية اللمعة) ، وكتاب (العروة الوثقى) ألف فيه (الحاشية على العروة الوثقى) . وألف في الفقه الاستدلالي أكثر من 200 كتاب منها (من فقه الزهراء) 7 مجلدات ، و (النكاح ) 7 مجلدات ، و(الطهارة) 15مجلد ، و(الصلاة) 12مجلد ، و(الحج) 9 مجلدات ، و(الاقتصاد) مجلدين ، و(البيع) 5 مجلدات ، و(آداب السنن) 4 مجلدات . وله في التفسير (تقريب القرآن إلى الأذهان ) 30 مجلد . وله في الحواشي على مؤلفات (القوانين) و(المعالم) و(الكفاية) و(الرسائل) و(التبصرة) و(الشرائع) و(المكاسب) و(العروة الوثقى) . وطور في مادة الفقه بشكل لم يسبقه مثيل من قبل فغطى حاجات المؤسسة التعليمية وحاجات المجتمع في نفس الوقت في أكثر من 160 مجلدا ، وأضاف أبوابا جديدة في الفقه في مجالات الاقتصاد والاجتماع والسياسة والدولة والقانون والبيئة وعلم النفس والعولمة والقضاء وغيرها .

وقد تجلت رؤية السيد الشيرازي الحضارية في تجديد مواد الدراسة لتشمل كل العلوم انطلاقا من دليل عقلي استوحاه من إحاطة الأئمة (عليهم السلام) بكل العلوم ، وقال في ذلك : "فمن الواجب على مؤسسة الحوزة أن تكون مستوعبة لكل العلوم لا خصوص الفقه والأصول أو العبادات أو المعاملات والحديث والأخلاق والتفسير ، بمعنى أن تكون مستوعبة لأصول كل ما يحتاجه الإنسان في دينه ودنياه ، وليس مرادنا معرفة الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وما أشبه ، وإنما أن تصطبغ هذه العلوم بالصبغة الإسلامية . ومن اللازم أن تجدد ألبسة المطالب العلمية وإفراغها في قوالب تلائم العصر "2.

وإما في أساليب التعليم في المؤسسة التعليمية الدينية فيرى السيد الشيرازي أن تعتمد الأسلوبين: الأسلوب القديم المؤسس من قبل نصف قرن تقريبا والذي يعتمد على نظام الدراسة الحرة ، إضافة إلى الأسلوب الحديث الذي يعتمد على التنظيم والمرحلية والمقاييس المعرفية والتدرج .

وجعل السيد الشيرازي للطالب حرية اختيار المنهج الدراسي الملائم ، فلا غنى عن الأسلوبين في المؤسسة التعليمية الدينية لأن كل واحد منهما له مزاياه ووظائفه، فمن مزايا القديم الحر ميل الراغبين في الدراسة الحوزوية إلى هذا النمط الدراسي ، إضافة إلى أن التجربة أثبتت أن لهذا الأسلوب الحر قدرة على تفتيق الطاقات وإبراز الشخصيات العلمية الكبيرة في عالمنا الإسلامي التي كان من بينها الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى "ولربما لو كانت الدراسة منظمة لما كانت بعض هذه الأسماء اللامعة قد اقتحمت الدراسات الدينية ولما بلغت هذه المستويات العالية من الاجتهاد والتحقيق في الفقه والأصول والتفسير والعقائد ، وحتى في مجالات العلوم التطبيقية كالرياضيات والطب والهندسة . كذلك الأمر أيضا بالنسبة إلى العلماء المعاصرين الذين برزوا كـ(أديسون) وغيره الذين لم يتعلموا في أية مدرسة ، بل تعلموا خارج إطار المدرسة . إلى جانب هؤلاء هناك أشخاص كثيرون لا يتعلمون إلا بانتظامهم في الدراسات المنتظمة ، فإذا لم تكن الدراسة منتظمة فسوف لا يحققون شيئا في حياتهم... فالمعيار هو النتائج "3 .

ويرى السيد الشيرازي أيضا أن الحوزات يجب أن تقوم على ركنين أساسيين هما: التدين والأخلاق ، لأن التدين ينقذ المتعلم من خوض البحوث المدمرة للإنسانية فيحيل نتائج بحوثه إلى ما ينفع البشرية ، كأن يحيل الصناعة الذرية إلى مفاعلات لإنتاج الكهرباء . ويجب أن تقوم المؤسسة التعليمية الدينية على أساس حاجات المجتمع كما تفعل الدول في إعداد وتخريج الموظفين وبقية أصحاب الصناعات .

وغالبا ما كان السيد الشيرازي يكرر في معرض الكلام في مسألة بناء وتخريج الكادر العلمي لخدمة المجتمع ما كانت تمارسه الحركة التبشيرية المسيحية التي لها من المتخرجين في مجالات التبشير ما يزيد على أربعة ملايين مبشرا في مقابل عدد طلبة المؤسسة التعليمية في قم المقدسة مثلا الذي لا يتجاوز الـ30 ألفا طالب. فلا يكفي عدد المؤسسات التعليمية الحاضرة والفاعلة في العالم الإسلامي، "فالتنظيم ينشأ أيضا من إيجاد حوزات عديدة في العراق ، فلا يكفي الاكتفاء بحوزة علمية واحدة في النجف الأشرف أو كربلاء المقدسة مثلا ، إذا لابد من إيجاد حوزات عديدة لكي تستطيع استيعاب اكبر عدد من الطلبة . ولن يتحقق ذلك إلا من خلال شورى الفقهاء ، لأن بناء الحوزة يكلف كثيرا وبحاجة إلى تغطية علمية ومالية تتوقف على وجودات المرجعية "4. من هنا كان السيد الشيرازي يدعو إلى الاستفادة من التقنية العلمية الجديدة والمتطورة في تحسين وتطوير أداء التعليم في المؤسسات التعليمية الدينية وتوسيع نطاق التعليم فيها ، "فلو افترضنا أن هناك ألف عالم دين في إحدى الحوزات ولكل واحد منهم جهاز انترنت لأصبح بمقدور كل واحد من هؤلاء إيجاد حوزة علمية متكاملة ، ولتم عبر هذه الوسيلة نشر الفضيلة والأخلاق وعلوم أهل البيت (عليهم السلام)"5. كما دعا السيد الشيرازي إلى تخطيط المؤسسة التعليمية وتنظيم مستقبلها وتطوير مناهجها ونتاجها العلمي على أن يقوم نظام "شورى المراجع" بوضع هذه المخططات ليتم إعداد الطالب مثلا إعدادا سليما يحدد وفقه مستقبل دراسته ، كأن يتخرج فقيها أو عالما أو كاتبا أو مدرسا أو وكيلا أو غير ذلك . وتشكل "شورى المراجع" هذه مؤسسة علمائية مؤلفة من المرجعيات العامة التي ترجع إليها الأمة "فكان لابد من إيجاد هذه المؤسسة التي لا تنتهي بموت المرجع ، فإذا مات مرجع جاء محله مرجع آخر . علينا أن نستفيد من تجارب المسيحيين الذين كانوا مشتتين إلى مدة نصف قرن تقريبا حتى أنشئوا المؤسسة البابوية التي أصبحت مرجعا للمسيحيين في العالم"6.

لقد ساهم السيد محمد الشيرازي في تنفيذ مهمات نظرية وعملية كبيرة أشار بها إلى كبار علماء الأمة ودعا للأخذ بها على طريق بناء مؤسسة تعليمية دينية حضارية متكاملة المنهج والنظام ، منها: تأليف المادة العلمية المناسبة وشروحها في مواد مختلفة كالفقه والأصول والاقتصاد والسياسة والاجتماع والنفس والحضارة بشكل موسع جدا . والمشاركة المباشرة في تأسيس مدارس نموذجية . وإيعازه إلى بعض تلامذته بتأسيس مدارس وكليات وجامعات ومعاهد تعليمية دينية ودعم منهج التطوير في جوانبها المؤسسية والمنهجية ، كما أصدر توجيهاته وملاحظاته في هذا الشأن من خلال أكثر من 30 كتابا منها: كـتاب (إلى الحوزات العلمية) وكتاب (إلى طلاب العلوم الدينية) وكتاب (هل رجال الدين مقصرون؟) وكتاب (الحاجة إلى علماء الدين) وكتاب (نظام الحوزات العلمية في العراق) و (رسالة أهل العلم) و (كيف ينبغي أن تكون قم المقدسة؟) و(تنظيم الحوزة) و(دور الحوزات العلمية في بناء المجتمع) . ودعا وساهم بشكل كبير في صناعة البيئة العلمية المناسبة عبر المطالبة والعمل على فتح آفاق الحريات بأشكالها المختلفة في بلاد المسلمين وتأسيس المؤسسات العلمية التي تمثل شورى المراجع ، والاستمرار في المحافظة على استقلال المؤسسة التعليمية ومدارسها ومعاهدها عن النظام السياسي غير الخاضع للفقهاء المراجع وتنظيم شأنها ودعم ونشر مشاريعها بحيث تغطي حاجات المجتمع كافة .

ولا يأخذ السيد الشيرازي بفكرة إلغاء بعض المؤلفات القديمة المهمة في طرح المناهج الجديدة في المؤسسة التعليمية الدينية ، انما كان يدعو إلى تجديدها وفق نسق حديث كما هو الحال بالنسبة لكتاب (الكفاية) الذي يعده السيد الشيرازي كتابا قيما في مادته ودقة أسلوبه ، فليس بحاجة إلا لوظيفة إخراج بأسلوب جديد مع تطوير طريقة تدريسه بحيث تكون ملائمة للعصر . كما يدعو إلى إضافة مادة تفسير القرآن في المؤسسة التعليمية الدينية لتأخذ بعدا أساسيا شبيها بمادة الفقه والأصول . وكذلك إعادة تطوير مادة الفقه لتشمل المستجدات في مجالها وتتناسق في إسلوبها ومضمونها والحاجة الحضارية الضرورية لها كأن تبحث المادة هذه شؤون الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية على أن تدخل إلى جانب هذه المادة مواد أخرى من علوم معاصرة . من هنا أضاف السيد الشيرازي ضمن منهج المؤسسة التعليمية الدينية التي كان يدعو لإنشائها مواد جديدة إلى جانب المواد القديمة ، منها "مجموعة من الدروس الجديدة مثل: علوم القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي والاقتصاد والسياسة والعقائد ونهج البلاغة والثقافة الإسلامية واللغات الحية كالإنجليزية والفرنسية حيث أن إدخال مثل هذه الدروس الجديدة والحديثة إلى مناهج الحوزة أحدث تغييراً نوعياً في تأهيل الطلاب علمياً وعملياً ، مما يمكنهم من التفاعل مع الطبقات المثقفة في المجتمع ، والتفاعل مع الثقافة المعاصرة ، والإجابة إلى مختلف الإشكاليات الجديدة التي تطرح في وقتنا المعاصر" 7 .

وقد أخذ عن السيد محمد الشيرازي وتصوراته ونظرياته ورؤاه ومنهجه في المؤسسة التعليمية الدينية من حيث الإصلاح والتجديد كبار تلامذته ، كان من بينهم كل من آية الله السيد حسن الشيرازي مؤسس أول وأكبر حوزة علمية في مدينة دمشق سميت بـ"الحوزة العلمية الزينبية" ، وآية الله السيد صادق الشيرازي متبني أول جامعة إسلامية حديثة عاملة في كربلاء المقدسة سميت بـ"جامعة أهل البيت (عليهم السلام) العالمية"، وآية الله السيد محمد تقي المدرسي مؤسسة حوزة علمية جامعة بين المنهج القديم والنظام الحديث سميت بـ"حوزة القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)" ، ويعد هؤلاء العلماء الثلاثة من أبرز تلامذة السيد الشيرازي إلى جانب أخيه آية الله السيد مجتبى الشيرازي صاحب المنهج والرؤية الأصولية الحديثة في إشاعة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) -الذين لازموا حركته العلمية في كربلاء المقدسة وساروا على نهجه خلال هجرته القسرية إلى الكويت وإيران بعد صدور حكم بالإعدام ضده من قبل حزب البعث في العراق ، فكان لكل واحد منهم منهجه الخاص ورؤيته الخاصة في بناء المؤسسة التعليمية الدينية ومنهجها الدراسي في دائرة تقسيم أستاذهم السيد محمد الشيرازي للدارسة الدينية بين الحرة والمنتظمة ورؤاه في الإصلاح.

-----------------------------------------


[1] - كربلاء المقدسة . السيد محمد الشيرازي . ص3- 1991م

2 - نظام الحوزة . السيد محمد الشيرازي . ص9- 1415هـ

3 - نفس المصدر السابق . ص11

4- نفس المصدر السابق ص 17

5 - نفس المصدر السابق ص17

6 - نفس المصدر السابق ص17

7-التجديد في فكر السيد محمد الشيرازي . عبد أحمد اليوسف . ع 34 . ص 112
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 01-11-06, 05:19 AM   #11

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


الاخ الفاضل/ سيــ عاشق ــهات
الشكر لكم موصول

بالنسبة لما ذكرته حول تصور الامام الشيرازي وذلك لجعل الحرم المكي يستوعب عشرة ملايين حاجاً فقد كان ذلك قبل أكثر من ثلاثة عقود حيث وضع الامام الشيرازي الكثير من المقترحات والافكار التطويرية ولو عمل بجزء منها لحلت الكثير من المشكلات التي تتكرر عاماً بعد عام في موسم الحج ناهيك عن تفاقم المشاكل وازديادها على الرغم من ان عدد الحجاج اقل بكثير عما تصوره الامام الشيرازي قبل ثلاثة عقود , خصوصاً اذا ما علمنا ان الامام الشيرازي فيما بعد قد قدم اطروحة اخرى بشأن استيعاب خمسين مليون حاج .
للمزيد من الاطلاع اضغط هنا
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 01-11-06, 05:24 AM   #12

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


الإمام الشيرازي(قدس سره)ومقارعة الظالمين


بسم الله الرحمن الرحيم


وصلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين

نعزي صاحب العصر والزمان(عج) والمراجع العظام وجميع المؤمنين(حفظهم الله)

بمناسبة ذكرى رحيل سلطان المؤلفين ومعجزة عصره الإمام السيد محمد الشيرازي –ره-

الذي رحل عن هذه الأمة والتحق بالرفيق الأعلى في 2/شوال/1422هـ

المصدر: كتاب (في رحاب الإمام الشيرازي.. القائد-الأسوة)


وقارع الظالمين


هذا العالم الوديع الزاهد المتواضع.. كان أسداً في مواجهة الظالمين وقد قضى حياته كلّها في جهاد مستمر ضد الأنظمة الفاسدة الطاغية.. خصوصاً في عراق الطاغيتين:

عبد الكريم قاسم، و صدام حسين. ففي باكورة شبابه وقف بشجاعة إلى جانب والده ضد الإرهاب الشيوعي الذي اجتاح العراق، ولما هدّد بالقتل من جانبهم أجاب: لا تكلفوا أنفسكم الكثير أنا أخرج من منزلي وحيداً فجر كل يوم لأداء صلاة الصبح في صحن الإمام الحسين(ع) والطريق خال من المارة تماماً، في مثل هذا الوقت تستطيعون اغتيالي بسهولة!

وفي كل مرة كانت السلطة الظالمة في بغداد تحاول ضرب التيار الديني كانت تبدأ بكربلاء.. وبأنصار الإمام الشيرازي الذين كانوا في مقدمة العاملين المجاهدين حتى أن بعضهم قد دخل السجن في كل عهد مرة أو مرتين، ولا يعرف من كبار أصحاب الإمام الشيرازي أحدٌ إلا وذاق مرارة السجن أو الإبعاد، حتى كان العهد الأخير حيث ألقى النظام القبض على أخيه الشهيد السعيد آية الله السيد حسن الشيرازي(ره) وأذاقه التعذيب الرهيب الذي استمر تسعة أشهر، لانتزاع اعترافات كاذبة ضد المرجعية الشيعية في العراق. و خرج الشهيد من السجن مرفوع الرأس لم يعترف لهم بشيء، وإن كان قد أبلي في كل موضع من جسده ببلاء دائم بقي شاهداً على ظلم الطغاة حتى يوم استشهاده.

ولقد كان شجاعاً جداً.. و كيف لا، وقد كان الدم الحسيني يجري في عروقه، وتاريخ الجهاد العلوي في وجدانه ـ وكان وريث بيت المجاهدين.. فجده الأعلى ـ الإمام الميرزا حسن الشيرازي(ره) كان قائد نهضة التبغ ضد الإنجليز، وخاله الإمام محمد تقي الشيرازي(ره) كان قائد ثورة العشرين، وأبوه الميرزا مهدي الشيرازي(ره) كان الساعد الأيمن لمرجع الطائفة في زمانه السيد آغا حسين القمي قائد الثورة ضد بهلوي الأول- وكان هو في طليعة الناهضين في مواجهة المد الأحمر إبان الحكم القاسمي.

وبقدر ما كان الإمام الشيرازي يحب الحسين (عليه السلام) ونهضته، كان يكره الظالمين، والطغاة، وكان يحمل بين أضلعه روح الحسين الأبية.

بتلك الروح الأبية.. ساند نهضة الخامس عشر من خرداد ضد بهلوي الثاني عام 1962 وبنفس الروح رفض الديكتاتورية المتلبسة بلباس الإسلام الحنيف.

بتلك الروح الأبية.. رفض حكم الشاه ونهجه وحارب نفوذه وامتداداته في العراق، كما رفض حكم البعث ونهجه وطاغيته.. وفي زمان واحد، ومكان واحد.

ولهذا فلم يكن من الغريب أن بعض أنصاره كان يسجن أو يبعد بضغط من القنصلية الشاهنشاهية في كربلاء، في نفس الوقت الذي كانت السلطة تلقي القبض على بعض آخر من أنصاره لمعارضتهم طاغية بغداد.

كيف جمع هذا المجاهد الصابر بين التواضع والإباء، بين الزهد الجهاد، ذاك من معالم المتقين الصالحين، كان يتواضع لطالب علم صغير إلى درجة أنه كان يظن أنه بمستواه، ولكنه في نفس الوقت كان يتأبى على الطغاة ولا يستجيب لهم بشيء.. حتى ولو أحرقوا أولاده بالنار!!

فما أعظمك يا أمير المؤمنين يا علي، إذ تنجب بعد ألف وأربعمائة عام أسوداً هصورة على خطاك!

وبتلك الروح ساند وأيد كل النهضات الإسلامية، والحركات التحريرية، فناهض الصهيونية وما أنتجت، والشيوعية وما فعلت، و البعثية وما قدمت.. فكتب في باكورة شبابه: (هؤلاء اليهود)، وفي أواخر حياته كتب عن أكذوبة (الصلح مع إسرائيل).. وكانت أنباء القتلى والجرحى في الانتفاضة الفلسطينية تهزّه من الأعماق، على أنه كان صاحب رأي خاص نابع من نظرة تاريخية عميقة حول كيفية دحر وهزيمة الصهيونية في فلسطين!

هذا المجاهد الصابر لم يكن ينطلق في جهاده من منفعة سياسية شخصية (وقد كان يؤمن بأن على المرجع الديني أن يكون مرشداً للحكم التنفيذي) ولا كان يهدف الحصول على مكسب مادي (فقد كان من أشد الزاهدين في متاع هذه الحياة) بل كان ينطلق في جهاده من أمرين ـ من الروح الحسينية الأبية التي كان يحملها في جنبه، والتي كانت ترفض الخضوع للطغاة والظلمة وأولياء القهر والإذلال للأمة. وكان يعتقد أن بلاء الأمة الأول هو الحكومات الديكتاتورية. وأولياء الظلم والظلام (راجع كتبه في هذا المجال).

وثانياً: لأنه كان يلتهب ألماً لمستوى التخلف والضعف الذي بلغه المسلمون.

لقد كانت مظاهر الاستضعاف للأمة تقض مضجعه، خصوصاً وانه كان يرى أن نكبة المسلمين وضعفهم ليس قدراً لازماً، ولا قضاء مبرماً. بل هي حصيلة الجهل والكسل. والزعامات الكاذبة. والتمزق القومي والإقليمي. وقد أوسع هذا الجانب بحثاً ومحاضرة وكتابة في عشرات المؤلفات والمحاضرات التي ألقاها في حياته، وخصوصاً كتابيه:

(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام).

إن حياة الإمام الشيرازي كلها هي قصة جهاد مستمر ضد عوامل الجهل والقهر والتخلف في الأمة.. ولقد عانى في جهاده هذا عناءً كبيراً.. وأعظم معاناته كانت في نفسه حيث كان يحترق ألماً لما كان يسمعه من أنباء المآسي التي تحل بالمسلمين.. حتى أنه لم يكن ينام بعض الليالي بطولها وهو يستمع إلى أنباء البلد الفلاني، أو مآسي الشعب الفلاني، ولا أنسى أنه في الآونة الأخيرة كان قد بلغ في حساسيته إلى درجة كبيرة حتى أنه أصيب بالذبحة الصدرية قبل أربعة أعوام في صبيحة ليلة لم ينم فيها حتى الصباح بسبب الأنباء المحزنة التي تواردت عليه في تلك الليلة عن الأوضاع المأساوية للأمة.

هذا المجاهد الصابر تحت ضغط الطغاة هذا الذي تحمل غليظ المحن، وتجرع غصص الكرب كاد يموت كمداً وحزناً على ما أصاب هذه الأمة من محن وويلات..

ولسان حاله يقول: (فلو أن امرأً مات من بعد هذا كمداً.. لم يكن عندي ملوماً، بل كان به عندي جديراً..).

وعما آل إليه الوضع في بلده كان يقول: (فتنة يهرم فيها الكبير،ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه..).

لقد مات الشيرازي ولسان حاله يقول: (إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً).

عاش مجاهداً

ومات صابراً و خلّف تراثاً في الجهاد لا يُنسى.

لقد جاهد الشيوعيين و البعثيين والتابعين لهم بالإساءة والعدوان نصف قرن من الزمن ولم يلن ولم ينكل.. حتى قضى نحبه مجاهداً صابراً.. فكان مثالاً بارزاً لقوله تعالى: (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً).
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 01-11-06, 07:52 AM   #13

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


القطيف: احياء الذكرى الخامسة لرحيل الإمام الشيرازي بمسجد الامام الحسن"ع"


تدعو منتديات الجواد في القطيف لإحياء الذكرى السنوية الخامسة لرحيل المرجع الديني الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي يوم الجمعة المقبل في مسجد الإمام الحسن بالكويكب تحت عنوان:


«الإمام الشيرازي.. حركةٌ لا تعرف الإنتكاسة»

ويضم البرنامج عددا من الفقرات منها:

- قراءة ختمة قرآنية.
- معرض لمؤلفات الإمام الراحل و صوره.
- كلمة للشيخ فيصل العوامي.

• المكان: مسجد الإمام الحسن - حي الكويكب بالقطيف - محافظة القطيف.
• الزمان: صباح الجمعة 12 شوال / 3 نوفمبر.
• الساعة: العاشرة والنصف صباحاً.


جانب من احياء ذكرى السيد الشيرازي في المنطقة
شبكة راصد الاخبارية[/CENTER]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة الربعاوي ; 01-11-06 الساعة 08:10 AM.

الربعاوي غير متصل  

قديم 01-11-06, 09:14 AM   #14

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


في ذكرى الراحل المرجع الشيرازي: شرعنة حاجات العصر

للكاتب والمحلل السياسي العراقي الاستاذ : نزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

اذا كانت مهمة الفقيه، استنباط الاحكام من اصول الشريعة، بما يساعد الناس على الوقوف عند حدود الشرع والدين، في كل عصر ومصر، فلقد أبدع المرجع الراحل الامام الشيرازي بشكل منقطع النظير في هذه المهمة.

وبمراجعة متانية لاسفاره العظيمة التي ورثها للاجيال، نلحظ انه حاول جاهدا من اجل ولوج المساحات المتروكة واحيانا تلك التي حرم الكثيرون حتى التفكير بها، لاثارتها في تفكير الناس، من خلال البحث فيها واستنباط الحكم الشرعي لها.

لقد كانت منهجية الراحل المرجع الشيرازي، تعتمد اسلوب اثارة العقل في اقصى مدياته، ليفكر بما سيكون من حاجات الزمن القادم، فكان يطرح السؤال الجديد واحيانا (غير المعقول) {كما كان يصفه الجهلة من ابناء الامة، لعجزهم عن استيعاب ما كان يريد ان يقصده من وراء التفكير بالسؤال المطروح للنقاش فقهيا، ولذلك اتهم الراحل بتهم شتى، لان الناس اعداء ما جهلوا، كما تقول الحكمة}.

وتلك هي محنة العظماء مع الناس على مر العصور والازمنة، فلقد اتهم امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بنعوت شتى، كلما حاول ان يتكلم بما يشير الى قراءته للمستقبل، لان الناس عادة لا يستوعبون المستقبل بقدر استيعابهم للماضي او الحاضر كاقصى مدى.

لقد طرق الراحل ابواب كل جديد في الفقه الاسلامي، فلم يكن يكتفي بطرح الاسئلة الروتينية التي تجيب على حاجات عصره فحسب، وانما كان يحاول طرح اسئلة افتراضية (غير منطقية) في نظر الكثيرين، او غريبة على العامة والخاصة، لينطلق بالامة في تفكيرها من الحاضر الذي تعيشه الى المستقبل الذي لم يأت بعد، لتستعد له بوعي وبصيرة، وبذلك كانت محاولات الراحل توكيد حقيقة ان الاسلام دين لكل عصر ومصر، من خلال قدرته على استيعاب حاجات كل عصر، ليجيب عليها بموقف شرعي واضح، من دون الهرب منها، لعجز او ما اشبه.

وكلنا يتذكر، مثلا، البحث الذي طرقه الراحل بشأن الموقف الشرعي من زراعة الاعضاء للانسان، وبالتحديد زراعة الراس، وما هو الموقف الشرعي المترتب على الانسان الجديد.

لقد بحث الراحل هذا الموضوع الشائك يوم كان الناس حتى لا يحلمون بيوم يتطور فيه العلم الحديث ليصل الى تحقيق مثل هذا الامر، ولذلك سخر منه اناس وكذبه آخرون واتهمه غيرهم، لدرجة ان بعضهم وصفه بما وصف به رسول الله (ص) بالسحر والشعوذة والجنون.

لم يثن كل ذلك الراحل عن الاستمرار في هذا البحث ليقدم الموقف الشرعي من ذلك فيما اذا حصل الامر في يوم من الايام، لانه، وكما قلت، كان ينطلق ببحوثه الفقهية، من ايمانه العميق بان الاسلام دين لكل الازمنة، فلا بد انه قادر على ان يجيب عن حاجات كل عصر من دون استثناء، فالاسلام لا يمكن ان يقول لا اعرف اذا ما تحلى الفقيه بالشجاعة والكفاءة والقدرة والقابلية الذهنية التي تؤهله على استنباط ما يحتاجه الناس دائما وابدا.

ومرت السنين لتتحول زراعة الاعضاء، بما فيها الراس(في الحيوان حاليا) الى حقيقة علمية، لا يستغرب منها احد او ينظر اليها بنصف عين.

ذات الامر بالنسبة الى موضوع الولادة بالانابيب والصلاة في الفضاء والسبل الكفيلة بمعالجة الزحام في موسم الحج الى بيت الله الحرام، ما يجعله يستوعب 10 مليون حاج ومعتمر، من خلال الاجتهاد في تنظيم اعمال الحج والعمرة، وغير ذلك الكثير.

ولست هنا في معرض ذكر ما ابدع فيه الراحل على هذا الصعيد، فان ذلك بحاجة الى استنساخ نصف كتبه وموسوعاته الفقهية، وهو الامر الذي يضيق فيه المقال والمقام، الا انني احاول الاشارة فقط الى نماذج منها، متمنيا على الباحثين عن الحقيقة، مطالعة كتب الراحل وبحوثه، للوقوف على ما قدمه من خدمة عظيمة للاسلام، من خلال ما طرقه من ابواب شتى.

لقد شرعن الراحل المرجع الشيرازي، حاجات العصر بامتياز، فتميز بابواب لم يطرقها فقيه من قبله، فطرق باب السياسة وعلم الاجتماع والعمل الحركي ومجموعة القيم والمبادئ التي تقوم عليها الدولة والسلطة، مثل الحقوق والانتخابات والديمقراطية وادواتها وتداول السلطة وحق الاجيال في كنوز الارض، وهو الامر الذي يتصارع عليه الناس في هذا العالم، والذي يعد سبب الكثير من الحروب المدمرة.

بعبارة اخرى، فان الراحل بذل جهدا عظيما من اجل احياء البعد الاجتماعي من الاسلام، بعد ان اقصره الآخرون على البعد الفردي فقط، بسبب الظروف السياسية القاهرة التي مر بها الفقهاء والحوزات العلمية الدينية، الا ان الراحل تحدى المعوقات السياسية والامنية، كما تحدى ظاهرة التحجر في الفكر التي شاعت في الامة وعند الكثير من العلماء والفقهاء والباحثين، ليناقش القضايا التي تخص الانسان المجتمع، وليس الانسان الفرد فقط، فبحث السياسي والاجتماعي والحركي والاقتصادي والحقوقي والسلطة والحرية والحقوق والواجبات والحكم والبيئة والعولمة واللاعنف، وكل شئ، لايمانه بان البعد الاجتماعي في الاسلام اهم بكثير من البعد الفردي، الذي هو عبارة عن علاقة بين العبد وربه، اما البعد الاجتماعي، فهو العلاقة اليومية بين بني البشر، وهو مقياس دين الناس والتزامهم بشرع الله تعالى، كما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) {الدين المعاملة} والتي ارادها الاسلام ان تكون حسنة وعلى احسن ما يرام، ولذلك نرى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسيرة اهل البيت عليهم السلام، اهتمت بهذا الجانب اضعاف اهتمامها بالجانب الاخر، لان الهدف الاسمى للاسلام هو بناء مجتمع منسجم قائم على اساس الحرية والاحترام المتبادل والاخوة والتكافل الاجتماعي، والا ما قيمه افراد (خيرون ومقدسون) غير قادرين على العيش المشترك السليم؟.

انطلاقا من هذا الفهم لرسالة الاسلام، عاش الراحل هاجسه في شرعنة مقومات بناء مثل هذا المجتمع المتآخي القادر على ان يعيش بوئام وانسجام، لا يظلم فيه احد، ولا معنى فيه للطبقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وان كل الناس فيه متساوون في الحقوق والواجبات، وامام القانون، لا فضل فيه لأبيض على اسود ولا لعربي على اعجمي ولا لرجل على امراة الا بالتقوى التي تعني (حسن الاداء) من خلال الخوف من الله في السر والعلانية.

كما تصدى الراحل للرد على الشبهات التي تثار عن سماحة الاسلام ورحمة المشرع وانسانية الدين، خاصة تلك التي تستغل موضوع القصاص لتشويه سمعة الاسلام، فافرد مجلدات كاملة لتوضيح فلسفة الحدود والقصاص، مبينا بمنطق عال ولسان بليغ وقلم سيال، شروطه الاجتماعية والفردية التي لا يجوز انزال القصاص بالمذنب اذا لم تكن متوفرة، ما يعني ان الاسلام وضع العديد من الشروط كقوة ردع للفرد قبل ان يحاسبه الشرع على الذنب، بمعنى آخر، فان مسؤولية المجتمع والحكومة ازاء الفرد مقدمة على القصاص، ومن الواضح فاذا تحققت كل شروط العيش الكريم للفرد في المجتمع الاسلامي في ظل حكومة عادلة، فان الذنوب الاجتماعية والفردية ستقل وربما ستختفي من المجتمع، وبالتالي فسوف لن يكون مثل هذا المجتمع بحاجة الى ان يشهر سيف القصاص ليل نهار بوجه الخارجين عن القانون.

ولهذا السبب حصرا، نسي الخلفاء حدود الكثير من الجرائم، لانها اختفت من المجتمع لفترة زمنية طويلة، وعندما وقعت ذات مرة جريمة (منسية) اختلف الفقهاء والخليفة في حدها، لانهم لم يحكموا بها منذ مدة طويلة من الزمن.

بعبارة اخرى، فان قوانين القصاص هي قوة ردع للجريمة، فهي تقي المجتمع من الجريمة قبل وقوعها، كما ان شروطها تعالج الاسباب قبل حدوث الجريمة.

بقي ان نشير هنا الى موضوع هام جدا كان الراحل قد تحدث وكتب فيه كثيرا، ذلك هو موضوع اللاعنف، فلقد شرعن الراحل نظرية اجتماعية متكاملة تحقق السلم الاهلي والدولي، من خلال معالجات دينية وحضارية وانسانية، جذرية، لظاهر العنف والارهاب، وللاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، المحلية والعالمية، التي تغذي ظاهرة العنف والارهاب.

كما انه نظر لنظرية العولمة التي تشغل بال البشرية، خاصة الدول الفقيرة، فتاه الناس بين رافض بالمطلق لها، وبين قابل بالمطلق بها، اما الراحل فقد خط في موقفه طريقا وسطا، من خلال رؤى الاسلام ومصادره الاربعة، القرآن الكريم والسنة الشريفة والعقل والاجماع.
__________________

الربعاوي غير متصل  

قديم 02-11-06, 06:17 AM   #15

الربعاوي
مجموعة رجال

 
الصورة الرمزية الربعاوي  







رايق

رد: الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الامام المجدد الشيرازي "قدس سره"


فلم وثائقي ممتاز عن الإمام الشيرازي من ثلاثة أجزاء بصيغة الريل بلير

الجزء الأول 6 MB تقريبا

الجزء الثاني 6 MB تقريبا

الجزء الثالث 8 MB تقريبا

__________________

الربعاوي غير متصل  

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وضوابط المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موانع المعرفة البحاري منتدى الثقافة الإسلامية 9 03-02-08 10:22 AM

توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين
المنتدى يستخدم برنامج الفريق الأمني للحماية
مدونة نضال التقنية نسخ أحتياطي يومي للمنتدى TESTED DAILY فحص يومي ضد الإختراق المنتدى الرسمي لسيارة Cx-9
.:: جميع الحقوق محفوظة 2023 م ::.
جميع تواقيت المنتدى بتوقيت جزيرة تاروت 05:25 AM.


المواضيع المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن الرأي الرسمي للمنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
 


Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright © 2013-2019 www.tarout.info
Jelsoft Enterprises Limited