عظم الله لك الأجر يا بقية الله بمصاب جدك الإمام الحسن المجتبى أرواحنا له الفداء
نعزي الأمة الإسلامية جمعاء وعلى الأخص مراجعنا العظام وعلمائنا الكرام بذكرى استشهاد سبط الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين ونخص شيعة أمير المؤمنين عليه السلام بهذه التعزية جعلنا الله وأياكم من المتمسكين بحبلهم والسائرين على نهجهم
في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة زُفّت البشرى للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بولادة سبطه الأول. فأقبل إلى بيت الزهراء (عليها السلام) مهنئاً وسمّى الوليد المبارك حسناً".
شخصية الحسن
(عليه السلام) :
عاصر الامام الحسن
(عليه السلام) جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمه الزهراء (عليها السلام) حدود سبع سنوات فأخذ عنهما الكثير من الخصال الحميدة والتربية الصالحة ثم أكمل مسيرة حياته إلى جنب أبيه علي (عليه السلام) فصقلت شخصيته وبرزت مواهبه فكان نموذجاً رائعاً للشاب المؤمن واستقرت محبته في قلوب المسلمين.
ومما امتازت به شخصية الحسن
(عليه السلام) مهابته الشديدة التي ورثها عن جده المصطفى.
المخطط الأموي:
انتقل الإمام الحسن (عليه السلام) إلى مدينة جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) بصحبة أخيه الحسين (عليه السلام) تاركاً الكوفة التي دخلتها جيوش معاوية وأثارت في نفوس أهلها الهلع والخوف. وخطب معاوية فيهم قائلاً: "يا أهل الكوفة أترون أني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج؟ وقد علمت أنكم تصلّون وتزكّون وتحجّون... ولكنني قاتلتكم لأتأمّر عليكم: وقد أتاني الله ذلك وأنتم له كارهون... وإن كل شرط شرطته للحسن فتَحْتَ قدميّ هاتين".
ورغم هذا الوضع المتخلّف الذي وصل إليه المسلمون والذي أجبر الإمام الحسن
(عليه السلام) على الصلح مع معاوية قام الإمام (عليه السلام) بنشاطات فكرية واجتماعية في المدينة المنورة، تعالج هذه المشكلة وتعمل على تداركها وتفضح المخطط الأموي الذي قام بتصفية العناصر المعارضة وعلى رأسها أصحاب الإمام علي (عليه السلام ) .
وتزويد الولاة بالأوامر الظالمة من نحو: "فاقتل كل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك...". وتبذير أموال الأمة في شراء الضمائر ووضع الأحاديث الكاذبة لصالح الحكم وغيرها من المفاسد.... ولذلك كانت تحركات الإمام الحسن(عليه السلام) تقلق معاوية وتحول دون تنفيذ مخططه الإجرامي القاضي بتتويج يزيد خليفة على المسلمين. ولهذا قرّر معاوية التخلص من الإمام الحسن(عليه السلام)، ووضع خطّته الخبيثة بالاتفاق مع جعدة ابنةا لأشعت بن قيس التي دسّت السم لزوجها الإمام (عليه السلام)، واستشهد من جراء ذلك الإمام الحسن (عليه السلام) .
وقامت المدينة المنورة لِتُشيِّع جثمان ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، الذي لم يزل ساهراً على مصالحهم قائماً بها أبداً . وجاء موكب التشييع يحمل جثمانه الطاهر إلى الحرم النبوي ، ليدفنوه عند الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم )، و ليجدِّدوا العهد معه ، على ما كان قد وصَّى به الإمام (عليه السلام) فركبت عائشة بغلة شهباء ، واستنفرت بني أمية ، وجاءوا إلى الموكب الحافل بالمهاجرين ، والأنصار ، وبني هاشم ، وسائر الجماهير المؤمنة ، الثاوية في المدينة . فقالت عائشة تصيح : يا رُبَّ هيجاء هي خير من دعة ! ، أيُدفن عثمان بأقصى المدينة ويُدفَن الحسن عند جدِّه . ثم صَرخت في الهاشميين
((نَحُّوا ابنكم واذهبوا به فإنّكم قوم خصمون ))
ولولا وصية من الإمام الحسن (عليه السلام) إلى أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) أَلاَّ يُراق في تشييعه ملء محجمةِ دمٍ ، لَمَا ترك بنو هاشم لبني أمية في ذلك اليوم كِيَاناً .
ولولا أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) نادى فيهم الله الله يا بني هاشم ، لا تضيِّعوا وصيّة أخي ، واعدلوا به إلى البقيع ، فإنّه أقسم عليَّ إن أنا مُنعت من دفنه عند جدِّه إذاً لا أُخاصم فيه أحداً ، وأن أدفنه في البقيع مع أُمِّه هذا وقبل أن يعدلوا بالجثمان ، كانت سهام بني أمية قد تواترت على جثمان الإمام (عليه السلام) ، وأخذت سبعين سهماً مأخذها منه فراحوا إلى مقبرة البقيع ، وقد اكتظَّت بالناس ، فدفنوه فيها ، حيث الآن يُزار مرقده الشريف(عليه السلام).
وهكذا عاش السبط الأكبر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقيّاً ، طاهراً ، مَقهوراً ، مُهتَضَماً ، ومضى شهيداً ، مظلوماً ، مُحتَسِباً
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً