اعتاد الكثير من الشبّان ، والأكثر من الفتيات أن يلقوا تبعة الفشل أو الخسارة أو أيّة حالة سلبية تواجههم على مشجب القضاء والقدر .
فمن السهل أن تطلق فتاة لم توفّق في الحصول على الزوج المناسب ، القول : «المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين» . وهي تستسلم لحالة انتظار المقسوم وكأ نّه قدر محتوم وليس سعياً لطلب الرزق ، فحتى على سبيل الفرض لم يسمح حياء الفتاة باختيار شريك الحياة ، فإن بمقدورها رفض مَنْ يتقدّم إليها إذا لم يكن ضمن المواصفات التي تريد ، وقبول مَنْ يحوز عليها ، أي أنّها صاحبة الاختيار بالنتيجة .
وقد يتردّد على ألسنة بعض الشبان الذين عاشوا تجارب عاطفية صعبة ، أو فقراً اُسرياً شديداً ، أو ضغوطاً اجتماعية حادّة : «ما بأيدينا خلقنا تعساء» .
وكأنّ هؤلاء الشبان واُولئك الفتيات قد تخفّفوا من العبء النفسي بالقائه على مشجب القضاء والقدر ، فالقضاء هو المسؤول عن فقرهم ، والقدر هو المسؤول عن فشلهم الدراسي ، والقضاء والقدر هما المسؤولان عن اختيارهما السيِّئ وغير المدروس في الزواج أو في غيره .
وهم لا يرون الانسان إلاّ كمحمول الماء من القش والأوراق الصفراء يتقاذفها الموج من كلّ جانب ، وتنحدر مع المجرى ، أو تقذف إلى إحدى الضفاف وهي عاجزة خائرة القوى لا إرادة لها أبداً .
السؤال هنا :
أين هو عقلك إذن ؟ هذا الذي بيده الكثير من مفاتيح الحلّ ؟
أين هي إرادتك إذن ؟ هذه التي تقهر المستحيل وتصنع المعجزات ؟
أين طاقاتك الخلاّقة والمبدعة كشاب أو كفتاة ؟
أين ثقافتك وتعليمك وخبرتك في الحياة ؟
أين المفاهيم والتعاليم الاسلامية النهضوية في (السعي) و (الجهاد) و (التغيير) ؟
ثمّ ماذا عن العظماء الذين غيّروا وأبدعوا ، واخترعوا ، واكتشفوا ، وجدّدوا ، وثاروا ، واصلحوا ، وملأوا الدنيا بآيات عظمتهم ونبوغهم ؟
هل تراهم كانوا يطوفون خارج مدار (القضاء والقدر) ؟
إنّنا كمسلمين وكمؤمنين نؤمن ونعتقد بالقضاء والقدر ، لكنّنا نؤمن أيضاً أ نّنا نصنع قدرنا بأيدينا ، وأن ما لا خلاصَ منه فهو في يد الله كـ (الموت) والكوارث الطبيعية وما شاكل ، أمّا القسم الأكبر من قضايانا فبأيدينا ، ونحن نردد مع الشاعر المتفائل قوله :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة***فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلي***ولا بدّ للقيد أن ينكسر
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]" للأمانة فالموضوع ليس بقلم أمونة المزيونة "[/grade]